05 نوفمبر 2024
الاعتماد على الذات أردنياً
ولج الأردن العام 2018 وهو محملٌ بأزمات اقتصادية ومالية كبيرة، مرتبطة بعجز مالي ومديونية متراكمة وخدمة كبيرة للدين العام، بالتزاوج مع معدلاتٍ غير مسبوقةٍ من معدلات البطالة، وارتفاع في أسعار السلع.
يتزاوج ذلك كله مع ما يشبه حالة حصار الأمر الواقع، بفعل الأزمات الإقليمية المحيطة، في سورية والعراق، التي أوجدت حدوداً شبه مغلقة. وفي الوقت نفسه، ترسخت قناعة لدى "مطبخ القرار" بأن عهد المساعدات الخارجية، من الدول الشقيقة، وخصوصا من السعودية، التي كانت تطفئ أزمات الموازنة انتهى، ولم يعد هنالك داعم مباشر للموازنة سوى الولايات المتحدة الأميركية.
دفعت هذه الوقائع الداخلية والإقليمية إلى اتخاذ الحكومة قراراتٍ قاسية في موضوع الإعفاءات الضرييية ودعم السلع، ضاعف من حجم الضغوط المالية والاقتصادية على المواطنين، في بلدٍ يعج أصلاً بالأزمات واللاجئين السوريين، وبضعف الموارد المالية ومحدودية في معدل نمو النائج الإجمالي، ما يعزّز الأزمة، ويُحدث تداعيات سياسية وأمنية ومجتمعية هائلة لها.
في ضوء هذا الواقع الجديد بالكلية، اجترح مطبخ القرار في عمّان مصطلحاً جديداً، هو الاعتماد على الذات، بمعنى أن المطلوب هو مواجهة المديونية والعجز والأزمات المالية والاقتصادية، من دون انتظار المساعدات الخارجية، والاكتفاء بالموارد المحلية وإصلاح الاختلالات الاقتصادية العديدة، ما ولّد أفكاراً واستراتيجيات وخططا جديدة، مثل خطة تحفيز النمو الاقتصادي واستراتيجية تنمية الموارد البشرية، للنهوض بقطاعات التعليم والعمل، وردم الفجوة بين سوق العمل ومخرجات التعليم، وإعادة هيكلة سوق العمل.
لم يجد هذا المصطلح الذي أصبح شعاراً للدولة الأردنية في المرحلة الراهنة قبولاً وحماساً من الشارع الأردني، لأنّه ارتبط لديهم بهاجس رفع الأسعار والضرائب، وزيادة العبء المالي، مع عدم وجود تحسّن، على الطرف الآخر، في الخدمات، وفي إيجاد فرص عمل وتطبيق سيادة القانون، فأصبح هذا العنوان وكأنّه اسم حركي فقط لبرنامج صندوق النقد الدولي، وتوصياته غير الشعبية.
في سياق مناقشة هذا العنوان، عقد مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية مؤتمراً وندوات متخصصة، في نهاية الأسبوع الماضي، جمعت مسؤولين وخبراء متخصصين في مجالات مختلفة (السياسات الخارجية، الداخلية، الاقتصاد، الأزمة المالية، الشباب، التعليم، إصلاح القطاع العام)، وخلاصة ثلاثة أيام من النقاشات والحوارات المهمة هي أنّ هنالك مسافة كبيرة فاصلة بين الواقع الراهن وبين تطبيق مفهوم الاعتماد على الذات، الذي يستدعي أولاً، وقبل كل شيء، تغييراً جوهرياً في العقليات التي تدير الدولة بصورة عامة، ما يستدعي جوهرياً ما يسمى تغيير المقاربة والمنهج في الحكم نفسه (Shifting Paradigm)، تؤمن بأنّ إدارة الدولة بالعقلية القديمة والاستراتيجيات السابقة، والآليات التقليدية في الحكم، لم تعد ممكنة في الأردن، والعالم العربي بصورة عامة. لذلك، لا يمكن أن ينفصل تحقيق الاعتماد على الذات وإحداث الثورة السلمية الداخلية المطلوبة، في مجال التنمية والاقتصاد والعمل، عن الجانب السياسي الداخلي، وعن الإصلاح الديمقراطي والسياسي، الذي ينشئ قاعدة مجتمعية وشعبية عريضة وواسعة للتغييرات الجوهرية، بما يشمل الثقافة االشعبية نفسها.
من دون ذلك، وفي ظل الفجوات العميقة بين الحكومات والشارع، وعدم وجود قنوات سياسية واتصالية عميقة بينهما، فإنّ ذلك من الصعب تحقيقه.
يمثل الأردن نموذجاً (في السياسات العربية) على دولةٍ نجت من عواصف الربيع العربي ومنعطفاته، وعبرت بسلام الأزمات الإقليمية المحيطة. مع ذلك، هنالك تحديات مصيرية وكبرى تواجهه، بمعنى أن الشروط التي أدت إلى أحداث الربيع العربي 2011، ما تزال قائمة في أغلب الدول العربية، حتى التي شهدت ثورات وممرات ديمقراطية أفضل، كما هي الحال في تونس والمغرب، فالمطلوب في العالم العربي اليوم ثورات أعمق من تغيير أنظمة الحكم، تصل إلى الاقتصاد والمجتمع والثقافة.
يتزاوج ذلك كله مع ما يشبه حالة حصار الأمر الواقع، بفعل الأزمات الإقليمية المحيطة، في سورية والعراق، التي أوجدت حدوداً شبه مغلقة. وفي الوقت نفسه، ترسخت قناعة لدى "مطبخ القرار" بأن عهد المساعدات الخارجية، من الدول الشقيقة، وخصوصا من السعودية، التي كانت تطفئ أزمات الموازنة انتهى، ولم يعد هنالك داعم مباشر للموازنة سوى الولايات المتحدة الأميركية.
دفعت هذه الوقائع الداخلية والإقليمية إلى اتخاذ الحكومة قراراتٍ قاسية في موضوع الإعفاءات الضرييية ودعم السلع، ضاعف من حجم الضغوط المالية والاقتصادية على المواطنين، في بلدٍ يعج أصلاً بالأزمات واللاجئين السوريين، وبضعف الموارد المالية ومحدودية في معدل نمو النائج الإجمالي، ما يعزّز الأزمة، ويُحدث تداعيات سياسية وأمنية ومجتمعية هائلة لها.
في ضوء هذا الواقع الجديد بالكلية، اجترح مطبخ القرار في عمّان مصطلحاً جديداً، هو الاعتماد على الذات، بمعنى أن المطلوب هو مواجهة المديونية والعجز والأزمات المالية والاقتصادية، من دون انتظار المساعدات الخارجية، والاكتفاء بالموارد المحلية وإصلاح الاختلالات الاقتصادية العديدة، ما ولّد أفكاراً واستراتيجيات وخططا جديدة، مثل خطة تحفيز النمو الاقتصادي واستراتيجية تنمية الموارد البشرية، للنهوض بقطاعات التعليم والعمل، وردم الفجوة بين سوق العمل ومخرجات التعليم، وإعادة هيكلة سوق العمل.
لم يجد هذا المصطلح الذي أصبح شعاراً للدولة الأردنية في المرحلة الراهنة قبولاً وحماساً من الشارع الأردني، لأنّه ارتبط لديهم بهاجس رفع الأسعار والضرائب، وزيادة العبء المالي، مع عدم وجود تحسّن، على الطرف الآخر، في الخدمات، وفي إيجاد فرص عمل وتطبيق سيادة القانون، فأصبح هذا العنوان وكأنّه اسم حركي فقط لبرنامج صندوق النقد الدولي، وتوصياته غير الشعبية.
في سياق مناقشة هذا العنوان، عقد مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية مؤتمراً وندوات متخصصة، في نهاية الأسبوع الماضي، جمعت مسؤولين وخبراء متخصصين في مجالات مختلفة (السياسات الخارجية، الداخلية، الاقتصاد، الأزمة المالية، الشباب، التعليم، إصلاح القطاع العام)، وخلاصة ثلاثة أيام من النقاشات والحوارات المهمة هي أنّ هنالك مسافة كبيرة فاصلة بين الواقع الراهن وبين تطبيق مفهوم الاعتماد على الذات، الذي يستدعي أولاً، وقبل كل شيء، تغييراً جوهرياً في العقليات التي تدير الدولة بصورة عامة، ما يستدعي جوهرياً ما يسمى تغيير المقاربة والمنهج في الحكم نفسه (Shifting Paradigm)، تؤمن بأنّ إدارة الدولة بالعقلية القديمة والاستراتيجيات السابقة، والآليات التقليدية في الحكم، لم تعد ممكنة في الأردن، والعالم العربي بصورة عامة. لذلك، لا يمكن أن ينفصل تحقيق الاعتماد على الذات وإحداث الثورة السلمية الداخلية المطلوبة، في مجال التنمية والاقتصاد والعمل، عن الجانب السياسي الداخلي، وعن الإصلاح الديمقراطي والسياسي، الذي ينشئ قاعدة مجتمعية وشعبية عريضة وواسعة للتغييرات الجوهرية، بما يشمل الثقافة االشعبية نفسها.
من دون ذلك، وفي ظل الفجوات العميقة بين الحكومات والشارع، وعدم وجود قنوات سياسية واتصالية عميقة بينهما، فإنّ ذلك من الصعب تحقيقه.
يمثل الأردن نموذجاً (في السياسات العربية) على دولةٍ نجت من عواصف الربيع العربي ومنعطفاته، وعبرت بسلام الأزمات الإقليمية المحيطة. مع ذلك، هنالك تحديات مصيرية وكبرى تواجهه، بمعنى أن الشروط التي أدت إلى أحداث الربيع العربي 2011، ما تزال قائمة في أغلب الدول العربية، حتى التي شهدت ثورات وممرات ديمقراطية أفضل، كما هي الحال في تونس والمغرب، فالمطلوب في العالم العربي اليوم ثورات أعمق من تغيير أنظمة الحكم، تصل إلى الاقتصاد والمجتمع والثقافة.