الاقتصاد التعيس: شعوب عربية غارقة في الفقر والبطالة

16 نوفمبر 2015
البحث عن لقمة العيش من أولويات الشعوب (فرانس برس)
+ الخط -
اقتصاد كئيب، رفاهية محدودة، هو واقع يعيشه الملايين في العالم العربي. وتبرز المؤشرات الاقتصادية والمعيشية على رأس الأسباب التي تدخل الناس في الكآبة. يشير تعريف الأمم المتحدة للسعادة عند الشعوب، في العام 2013، إلى أنه يمكن قياس السعادة بمدى شعور الفرد بالسعادة والرضا والتفاؤل. وبحسب مؤشر السعادة للعام 2015، فإن المواطن العربي، لم يصل بعد إلى هذه المرحلة، إن لجهة الرضا الاقتصادي أو السياسي، أو لجهة التفاؤل بمستقبله.
تتعدد الأسباب التي تجعل من الدول العربية في قاع قائمة الدول الأكثر سعادة. الحروب والأزمات السياسية تحول دون تحقيق الرفاهية. لكن ماذا عن الدول التي تنعم باستقرار سياسي، فلماذا لا تعيش شعوبها في سعادة أسوة بباقي دول العالم؟
بحسب تقرير السعادة للعام 2015، فإن أسبابا عديدة حالت دون تحقيق السعادة في الدول العربية، ولعل أبرز هذه الأسباب، الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، إذ إن التقرير أشار صراحة إلى وجود عناصر عديدة تتحكم بسعادة الشعوب، منها النمو الاقتصادي، الناتج المحلي، الرعاية الصحية، مستوى التعليم، الأبحاث، الابتكار، مؤشر الفساد، تمكين المرأة، بالإضافة إلى الحرية السياسية. وبناء عليه، فإن الدول العربية لا تتمتع بأي من هذه العناصر حتى تمكنها من احتلال المراكز الأولى في قائمة مؤشر السعادة.

اقرأ أيضاً:الطبقة الوسطى العربية: الأزمات الاقتصادية والاجتماعية تهدّد بزوالها 

ضعف البنية الاقتصادية
بحسب بيانات مؤشر السعادة للعام 2015، فإن الدول العربية التي لا تعتمد على العائدات النفطية جاءت في أسفل القائمة عالمياً. فقد حصل الأردن على المركز 82 عالمياً، أما لبنان فقد حل في المركز 103، ثم تونس في المركز 107، فمصر في المركز 135، ثم اليمن في المركز 136، وسورية في المركز 156 من أصل 158 دولة. تعكس هذه الأرقام، حقيقة النظام الاقتصادي والسياسي، الذي تعيشه هذه الدول. ففي سورية، اليمن، وحتى العراق، لا يمكن الحديث عن مؤشرات للسعادة بسبب الحرب القائمة هناك، إذ إن كل ما يطلبه المواطنون في هذه الدول هو إنهاء الحروب، والبحث عن لقمة العيش. أما في لبنان أو الأردن، فلا شك أن البنية الاقتصادية لهذه الدول، والمديونية العالية، تحول دون تحقيق أي مشاريع تنموية اقتصادية، أو تحقيق التكافل الاجتماعي. يقول الخبير الاقتصادي سعيد عيسى إن "الظروف الاقتصادية التي تعيشها دول المنطقة، خاصة لبنان، الأردن، مصر، تونس، تحول دون تحقيق مستوى لائق للمعيشة، فكيف يطلب منها أن تحقق مراكز متقدمة في مؤشر السعادة؟". مؤكداً أن فساد الطبقة السياسية، وغياب المشاريع الداعمة للشباب، وانتشار نسب البطالة، تجعل من شعوب هذه المنطقة الأكثر تعاسة.

يتضح أن الشعوب العربية في دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبغض النظر عن حجم رؤوس الأموال التي تملكها الحكومات، لا تتمتع بقدر كاف من السعادة، وبالتالي فهي لا تشعر بالرضا، أو التفاؤل. فالمال لا يصنع السعادة، لأن الشعوب تحتاج إلى أنظمة اقتصادية واجتماعية قادرة على تلبية طموحاتهم، وتأمين المستلزمات الأساسية لمواجهة كافة الظروف الحياتية.

هل العائدات النفطية تؤمن الرفاه؟
بحسب التقرير، احتلت الإمارات العربية المتحدة المرتبة الأولى في قائمة الدول العربية، وحلت في المركز العشرين عالمياً، ثم سلطنة عمان في المركز 22 عالمياً والثاني عربياً، فقطر في المركز الثالث عربياً، فالكويت، والبحرين في المركزين 39 عالمياً، و49 عالمياً. أما بالنسبة إلى بقية الدول، كلبنان، مصر، تونس، سورية، الجزائر، وغيرها فقد حلت في مراكز متدنية جداً. يقول الخبير الاقتصادي ناصر الشمري "إن دول الخليج تتمتع باستقرار سياسي، يسمح لها بتنمية اقتصادها، وتحقيق الرفاهية لشعوبها". ويشير إلى أن رؤوس الأموال الضخمة، والمشاريع المبتكرة، والعائدات المالية التي تقدمها حكومات الخليج لمواطنيها، تساعدهم على العيش بطريقة سعيدة، كما تؤمن لهم الرفاهية، موضحاً أنه يكفي النظر إلى الناتج المحلي الإجمالي في دول الخليج حتى يتبين مدى اهتمام الخليج في تأمين السعادة لشعوبها، ولذا كانت دول الخليج في رأس قائمة الدول العربية.
لا شك أن العائدات المالية للمواطنين تساهم في تحقيق الرفاه، لكن هل يعتبر ذلك مؤشراً لتحقيق السعادة؟
يقول الخبير سعيد عيسى، إن تحقيق الرفاهية للدول العربية، يتطلب البحث في مؤشرات عديدة، لا تتعلق برؤوس الأموال وحسب، بل يجب النظر أيضاً إلى مؤشرات أخرى، منها الفساد، تمكين المرأة، انتشار الجريمة، العنف عند المواطنين، التسهيلات الحكومية، والحرية السياسية.

ويؤكد عيسى أن هذه المؤشرات جعلت من الدول الأوروبية في أعلى القائمة، بالرغم من أن نصيب الفرد في العديد من الدول الأوروبية لا يصل إلى نصف ما يحصل عليه بعض المواطنون في الدول العربية. ويشير إلى أن عددا من الدول العربية يعتمد فقط على العائدات النفطية لتحقيق التنمية الاقتصادية، إلا أن ذلك لا يعني أنه يخطو أي خطوات فعالة لتحقيق السعادة أو الرفاهية الاقتصادية أو الاجتماعية.

اقرأ أيضاً:الأردنيّون أقلّ سعادة: فتّش عن الاقتصاد؟
المساهمون