نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية تقريراً الأسبوع الماضي، ذكرت فيه أن المملكة العربية السعودية أنفقت مليارات الدولارات خلال الشهرين الماضيين، لتجنب انهيار البورصة السعودية، وللحفاظ على ما تبقى من فرص نجاح لمشروع ولي العهد الهادف إلى تنويع الاقتصاد السعودي بعيداً عن الاعتماد الكامل على النفط، كما كان الحال في العقود الخمسة الأخيرة.
وبعد كشف جريمة قتل الصحافي والكاتب والمفكر جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية بتركيا، وخلال الأسابيع التالية لهذا الكشف، والتي أظهرت تورط مقربين من ولي العهد في تخطيط وتنفيذ الجريمة، باتت سمعة النظام السعودي على المحك، كما أصبح ولي العهد نفسه مهدداً بانهيار مشروعه وحلمه السياسي، الذي أنفق من أجله المليارات، خلال السنوات القليلة الماضية، من أجل ضمان جلوسه على عرش المملكة بعد رحيل والده.
ومع وجود احتمالات بحدوث تغييرات كبيرة على رأس السلطة في المملكة، مع ما يحمله ذلك من تبعات قد ينتج عنها عنف يؤثر على استقرارها، فقدت البورصة السعودية أهم مميزاتها على الإطلاق، من وجهة نظر المستثمرين على الأقل، وهي الاستقرار السياسي غير المشهود في أي بقعة أخرى حول العالم.
ولما كان رأس المال يتميز بطبيعته بالجبن، فقد كان طبيعياً أن يسارع المستثمرون إلى بيع ما يملكون من أسهم، من أجل الخروج من البورصة السعودية، وهو ما رصدته الصحيفة الأميركية، وقالت إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي تدخل لاحتوائه من أجل منع الانهيار التام للبورصة.
وعلى الرغم من أن هيئة السوق المالية السعودية اعتادت الإعلان عن العمليات التي تقوم بها الحكومة السعودية في البورصة، إلا أنها تعمدت إخفاء التدخلات التي تمت خلال الشهرين الماضيين، بإتمام تنفيذها عن طريق بعض صناديق ومديري الاستثمار في المؤسسات المالية السعودية، ممن لا يتعين عليهم الإفصاح عن مشترياتهم.
وتعتبر سوق المال السعودية من أهم الأعمدة التي يعتمد عليها ولي العهد السعودي في تنفيذ خططه ومشاريعه، كما يعد صندوق الاستثمارات العامة السعودي أهم أذرع الأمير الشاب الاستثمارية، داخل المملكة وخارجها.
وفي حين يعتبر التدخل الحكومي في أسواق المال في الاقتصادات النامية والناشئة أمراً معتاداً، تجاوز التدخل الحكومي السعودي الحدود المعروفة، حتى أصبحت الحكومة السعودية تمتلك أكثر من 40% من إجمالي القيمة السوقية للشركات السعودية التي يتم تداولها في البورصة.
ولهذا السبب تحديداً، يمكن القول إن أسعار أسهم تلك الشركات لا تعكس قيمتها الحقيقية، كما يحددها العرض والطلب الحقيقيان، الأمر الذي يفسر ارتفاع مؤشر البورصة السعودية منذ بداية العام بما يقرب من 10%، بينما سجل مؤشر مورغان ستانلي لبورصات العالم انخفاضاً بأكثر من 5% عن الفترة نفسها، رغم ارتفاع المخاطر السياسية والاقتصادية ومخاطر السمعة Reputation risk، التي تمر بها المملكة، دوناً عن أغلب دول العالم.
وحقيقة الأمر أن التدخلات الحكومية السعودية في البورصة لم تبدأ بعد مقتل خاشقجي، وإنما كانت معروفة منذ سنوات طويلة، الأمر الذي جعل الكثيرين ينظرون إليها على أنها بورصة زائفة.
فبالإضافة إلى اعتمادهم أسلوب الشراء بالهامش والسماح بمعدلات شديدة الارتفاع من الروافع المالية Financial Leverage، لا تخضع البورصة السعودية للعوامل التي تخضع لها البورصات الأخرى من عرض وطلب، وتحليل فني وأساسي.
ومع دخول المملكة في العديد من المغامرات الإقليمية، ازداد التدخل الحكومي بصورة سافرة، حتى سجلت السنوات الثلاث الأخيرة أعلى معدلات للتدخل الحكومي، تزامناً مع ما أطلق عليه "عمليات التطهير السياسي" التي قام بها ولي العهد بعد اعتلاء منصبه، واعتقالات الريتز كارلتون، ثم احتجاز رئيس الوزراء اللبناني، وكذا تورط المملكة في الحرب في كل من اليمن وسورية، بالإضافة طبعاً إلى حصار قطر الذي تقوده السعودية.
وتعد السوق الزائفة واستنزاف أموال الصناديق السيادية على النحو المشار إليه من علامات ضعف الاقتصاد السعودي في الفترة الأخيرة، التي تشمل أيضاً اضطرار المملكة للاقتراض، حتى وصل الدين الخارجي إلى 212.9 مليار دولار بنهاية العام 2017، مع غياب أي معلومات بعد هذا التاريخ، وذلك رغم عدم وجود أي دين خارجي قبل ثلاث سنوات.
اقــرأ أيضاً
ومع استمرار انخفاض أسعار النفط في الوقت الحالي، حيث يدور في نطاق 50 - 55 دولاراً للبرميل، يزداد عجز الموازنة السعودية ويتأزم موقفها، كونها تحتاج لسعر 85 - 87 دولاراً للبرميل لضبط ميزانيتها.
ومع التوجهات الاقتصادية التي جاء بها ولي العهد، والتي عجزت معظم شركات القطاع الخاص في المملكة عن التكيف معها، انكمش الاقتصاد السعودي العام الماضي بنسبة 0.9%.
ومن ناحية أخرى، لم تنجح خطة السعودة التي تمضي فيها المملكة قدماً، في خفض نسبة البطالة، التي ارتفعت في الربع الأول من العام الحالي إلى 12.9%، وهو أعلى معدلاتها منذ عشر سنوات، بينما تشير الإحصاءات غير الرسمية إلى تجاوزها 30% بين الشباب السعودي، رغم تسريح مئات الآلاف من العمالة الأجنبية.
كما نقلت وكالات الأنباء، قبل يومين، ما يفيد بمنع غير السعوديين من مزاولة 41 مهنةً ونشاطاً في المملكة، في مؤشر جديد على تزايد الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد، وارتباك القائمين عليه.
ولا يقتصر الأمر على المؤشرات السلبية الحالية، حيث تشير التوقعات إلى اضطرار المملكة لإنفاق أموال طائلة من أجل تحسين الصورة السلبية لولي العهد، مع الالتزام – أغلب الظن – بإبرام العديد من صفقات السلاح مع مبتزيها في الولايات المتحدة وأوروبا، إن أرادت تأمين استمراره مرشحاً وحيداً لخلافة الملك.
ومع غياب تام لقدرة السعوديين على قيادة مجموعة أوبك باتجاه تخفيض إنتاج النفط، لوقف انخفاض سعره، واستمرار زيادة إنتاج النفط الأميركي وانخفاض كلفة إنتاج النفط الصخري ودخول أنابيب جديدة الخدمة، ستكون متابعة تطورات رصيد احتياطي النقد الأجنبي السعودي هي الأكثر إثارة بين كافة دول العالم.
وبعد كشف جريمة قتل الصحافي والكاتب والمفكر جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية بتركيا، وخلال الأسابيع التالية لهذا الكشف، والتي أظهرت تورط مقربين من ولي العهد في تخطيط وتنفيذ الجريمة، باتت سمعة النظام السعودي على المحك، كما أصبح ولي العهد نفسه مهدداً بانهيار مشروعه وحلمه السياسي، الذي أنفق من أجله المليارات، خلال السنوات القليلة الماضية، من أجل ضمان جلوسه على عرش المملكة بعد رحيل والده.
ومع وجود احتمالات بحدوث تغييرات كبيرة على رأس السلطة في المملكة، مع ما يحمله ذلك من تبعات قد ينتج عنها عنف يؤثر على استقرارها، فقدت البورصة السعودية أهم مميزاتها على الإطلاق، من وجهة نظر المستثمرين على الأقل، وهي الاستقرار السياسي غير المشهود في أي بقعة أخرى حول العالم.
ولما كان رأس المال يتميز بطبيعته بالجبن، فقد كان طبيعياً أن يسارع المستثمرون إلى بيع ما يملكون من أسهم، من أجل الخروج من البورصة السعودية، وهو ما رصدته الصحيفة الأميركية، وقالت إن صندوق الاستثمارات العامة السعودي تدخل لاحتوائه من أجل منع الانهيار التام للبورصة.
وعلى الرغم من أن هيئة السوق المالية السعودية اعتادت الإعلان عن العمليات التي تقوم بها الحكومة السعودية في البورصة، إلا أنها تعمدت إخفاء التدخلات التي تمت خلال الشهرين الماضيين، بإتمام تنفيذها عن طريق بعض صناديق ومديري الاستثمار في المؤسسات المالية السعودية، ممن لا يتعين عليهم الإفصاح عن مشترياتهم.
وتعتبر سوق المال السعودية من أهم الأعمدة التي يعتمد عليها ولي العهد السعودي في تنفيذ خططه ومشاريعه، كما يعد صندوق الاستثمارات العامة السعودي أهم أذرع الأمير الشاب الاستثمارية، داخل المملكة وخارجها.
وفي حين يعتبر التدخل الحكومي في أسواق المال في الاقتصادات النامية والناشئة أمراً معتاداً، تجاوز التدخل الحكومي السعودي الحدود المعروفة، حتى أصبحت الحكومة السعودية تمتلك أكثر من 40% من إجمالي القيمة السوقية للشركات السعودية التي يتم تداولها في البورصة.
ولهذا السبب تحديداً، يمكن القول إن أسعار أسهم تلك الشركات لا تعكس قيمتها الحقيقية، كما يحددها العرض والطلب الحقيقيان، الأمر الذي يفسر ارتفاع مؤشر البورصة السعودية منذ بداية العام بما يقرب من 10%، بينما سجل مؤشر مورغان ستانلي لبورصات العالم انخفاضاً بأكثر من 5% عن الفترة نفسها، رغم ارتفاع المخاطر السياسية والاقتصادية ومخاطر السمعة Reputation risk، التي تمر بها المملكة، دوناً عن أغلب دول العالم.
وحقيقة الأمر أن التدخلات الحكومية السعودية في البورصة لم تبدأ بعد مقتل خاشقجي، وإنما كانت معروفة منذ سنوات طويلة، الأمر الذي جعل الكثيرين ينظرون إليها على أنها بورصة زائفة.
فبالإضافة إلى اعتمادهم أسلوب الشراء بالهامش والسماح بمعدلات شديدة الارتفاع من الروافع المالية Financial Leverage، لا تخضع البورصة السعودية للعوامل التي تخضع لها البورصات الأخرى من عرض وطلب، وتحليل فني وأساسي.
ومع دخول المملكة في العديد من المغامرات الإقليمية، ازداد التدخل الحكومي بصورة سافرة، حتى سجلت السنوات الثلاث الأخيرة أعلى معدلات للتدخل الحكومي، تزامناً مع ما أطلق عليه "عمليات التطهير السياسي" التي قام بها ولي العهد بعد اعتلاء منصبه، واعتقالات الريتز كارلتون، ثم احتجاز رئيس الوزراء اللبناني، وكذا تورط المملكة في الحرب في كل من اليمن وسورية، بالإضافة طبعاً إلى حصار قطر الذي تقوده السعودية.
وتعد السوق الزائفة واستنزاف أموال الصناديق السيادية على النحو المشار إليه من علامات ضعف الاقتصاد السعودي في الفترة الأخيرة، التي تشمل أيضاً اضطرار المملكة للاقتراض، حتى وصل الدين الخارجي إلى 212.9 مليار دولار بنهاية العام 2017، مع غياب أي معلومات بعد هذا التاريخ، وذلك رغم عدم وجود أي دين خارجي قبل ثلاث سنوات.
ومع استمرار انخفاض أسعار النفط في الوقت الحالي، حيث يدور في نطاق 50 - 55 دولاراً للبرميل، يزداد عجز الموازنة السعودية ويتأزم موقفها، كونها تحتاج لسعر 85 - 87 دولاراً للبرميل لضبط ميزانيتها.
ومع التوجهات الاقتصادية التي جاء بها ولي العهد، والتي عجزت معظم شركات القطاع الخاص في المملكة عن التكيف معها، انكمش الاقتصاد السعودي العام الماضي بنسبة 0.9%.
ومن ناحية أخرى، لم تنجح خطة السعودة التي تمضي فيها المملكة قدماً، في خفض نسبة البطالة، التي ارتفعت في الربع الأول من العام الحالي إلى 12.9%، وهو أعلى معدلاتها منذ عشر سنوات، بينما تشير الإحصاءات غير الرسمية إلى تجاوزها 30% بين الشباب السعودي، رغم تسريح مئات الآلاف من العمالة الأجنبية.
كما نقلت وكالات الأنباء، قبل يومين، ما يفيد بمنع غير السعوديين من مزاولة 41 مهنةً ونشاطاً في المملكة، في مؤشر جديد على تزايد الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد، وارتباك القائمين عليه.
ولا يقتصر الأمر على المؤشرات السلبية الحالية، حيث تشير التوقعات إلى اضطرار المملكة لإنفاق أموال طائلة من أجل تحسين الصورة السلبية لولي العهد، مع الالتزام – أغلب الظن – بإبرام العديد من صفقات السلاح مع مبتزيها في الولايات المتحدة وأوروبا، إن أرادت تأمين استمراره مرشحاً وحيداً لخلافة الملك.
ومع غياب تام لقدرة السعوديين على قيادة مجموعة أوبك باتجاه تخفيض إنتاج النفط، لوقف انخفاض سعره، واستمرار زيادة إنتاج النفط الأميركي وانخفاض كلفة إنتاج النفط الصخري ودخول أنابيب جديدة الخدمة، ستكون متابعة تطورات رصيد احتياطي النقد الأجنبي السعودي هي الأكثر إثارة بين كافة دول العالم.