الامارات نحو "نقل سلس" للسلطة

27 يناير 2014
+ الخط -
الجديد – لندن

أثار اعلان دولة الامارات، وبشكل غير مسبوق، عن إصابة رئيس الدولة، خليفة بن زايد آل نهيان، بوعكة صحية مفاجئة يوم الجمعة الماضي، التساؤلات عن دواعي الكشف صراحة عن الوضع الصحي الذي ألم برأس الدولة الاتحادية، وعما إذا كان ذلك يمهد إلى تخليه عن صلاحياته بشكل رسمي إلى أخيه غير الشقيق، رجل الإمارات القوي ولي عهد أبو ظبي، قائد أركان القوات المسلحة، محمد بن زايد أل نهيان. وبينما تشير التكهنات إلى أن نقل الرئاسة سيتم بشكل سلس إلى خلف الرئيس الحالي، فمن غير المعروف إلى من سيؤول منصب ولي العهد في امارة أبو ظبي.

وبحسب دستور دولة الإمارات العربية المتحدة، يتم اختيار رئيس الدولة ونائبه بالانتخاب من قبل المجلس الأعلى للاتحاد الذي يمثل الامارات السبع المشكلة للدولة في العام 1971-1972. ولكن جرى العرف على ان يتولى حاكم أبو ظبي رئاسة الاتحاد، فيما يتولى ولي عهده الرئاسة من بعده.

وتعرض خليفة لأكثر من وعكة صحية في الأعوام الماضية، أشدها كانت في العام 2010 حين غاب عن الامارات أشهر عدة قبل ان يعود قبل نهاية ذلك العام، وأقيمت له احتفالات استقبال رسمية وشعبية، ولم تعلن الحكومة وقتها عن طبيعة الحالة الصحية للرئيس الإماراتي. وقد تغيّب عن وسائل الاعلام لفترة طويلة أيضا في العام 2011، ثم توجه إلى الولايات المتحدة للعلاج قبل نهاية العام الماضي، في الوقت الذي أطلق حاكم دبي، رئيس وزراء حكومة الامارات، محمد بن راشد، حملة "شكرا خليفة"، قبل ان تعلن وزارة شؤون الرئاسة يوم الجمعة الماضي 24 كانون الثاني/ يناير الجاري بأن خليفة أجرى عملية جراحية على إثر تعرّضه إلى جلطة.

ولم يعلن البيان مكان علاج رئيس الدولة، في حين تولى محمد بن زايد، بصفته ولي عهد أبو ظبي، مسؤولية اطلاع قادة الدول وشعب الامارات بأن صحة الرئيس مستقرة. وفسر مراقبون حملة حاكم دبي بأنها "تهيئة الأجواء الداخلية لتوديع حاكم الامارات على إنجازاته والامتنان له لمسيرته في الحكم التي شهدت فيها الامارات طفرة اقتصادية غير مسبوقة إقليميا وعالميا".

ويتولى محمد بن زايد مقاليد الحكم فعليا في الامارات منذ سنوات، ويمسك إلى جانب حاكم دبي، بمعظم الملفات الحساسة بالدولة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وازداد نفوذ ابن زايد داخليا مع تكبد دبي ديونا خارجية باهظة بلغت 80 مليار دولار مع وقوع الازمة المالية العالمية في العام 2008، ما جعل ولي عهد امارة أبو ظبي الغنية بالنفط وأكثر الامارات السبع ثراءً، صاحب القرار في معظم السياسات ذات الصلة بدولة الامارات.

ويُعرف عن محمد بن زايد تبنيه سياسات أكثر انفتاحا على الغرب وإسرائيل، ومعاداة لجماعات الإسلام السياسي والثورات العربية، وعمل إلى جانب السعودية والأردن على اجهاض التجربة الديموقراطية المتعثرة في مصر بدعم انقلاب وزير الدفاع، عبد الفتاح السيسي، على الرئيس المنتخب محمد مرسي.

وتشير التوقعات إلى أن محمد بن زايد أصبح اليوم أكثر قربا من تولي الرئاسة في الامارات، إذ أشارت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية يوم أمس الأحد إلى أن خليقة (66 عاما) لم يعد قادرا على الحكم بسبب وعكته الصحية الأخيرة، وأنه قد أوكل منذ سنوات إلى أخيه غير الشقيق محمد بن زايد (53 عاما) معظم القرارات اليومية". وأضافت: "يتوقع مراقبون انتقالا سلسا للسلطة إلى ولي العهد الحالي، خلال الشهور المقبلة".

ولا يجابه تولي محمد بن زايد رئاسة البلاد أي معارضة واضحة مع قادة الامارات أو أي من أبناء الشيخ خليفة الذكور، نظرا لأنه الحاكم الفعلي منذ مدة ومسيطر على مفاتيح السياسة الداخلية والجيش، فيما تشكل ولاية عهد أبو ظبي معضلة نظرا لعدم وضوح النظام الداخلي للدولة في هذا الشأن.

وكان خليفة تولى رئاسة الامارات في تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، بعد اجتماعات مطولة بين أبناء الشيخ المؤسس زايد بن سلطان آل نهيان وعدد من قادة الامارات وأبرزهم حينها نائب رئيس الدولة حاكم دبي مكتوم أل مكتوم. وبعد شهر من المداولات وتدخلات من أقطاب أسرة أل نهيان ومسؤولي الجهاز التنفيذي لإدارة أبو ظبي، والتي تمثل الهيئة الحكومية المحلية، إلى تسمية خليفة رئيسا على البلاد شريطة أن يتولى محمد بن زايد ولاية العهد بعد استبعاد سلطان بن زايد الابن الثاني للشيخ زايد.       

وتبدو في هذه المرحلة ملامح ولاية العهد في أبو ظبي غير واضحة، ويتنافس على هذا المنصب عدة أشخاص، من بينهم حمدان بن زايد مسؤول المنطقة الغربية، لكن حظوظ وزير الداخلية الحالي سيف بن زايد تبدو أكبر لتولي هذا المنصب مع منافسة من قبل مسؤول الاستخبارات هزاع بن زايد ووزير الدولة لشؤون الرئاسة منصور بن زايد، فيما يجري الهمس من خلف الكواليس عن إمكانية أن يدفع محمد بن زايد بابنه خالد لتولي المنصب، وهو ما يعد خروجا عن العرف في دولة الامارات.

وغموض مصير ولي العهد في امارة أبو ظبي، ليس استثناء خليجيا، فرغم استقرار تسلسل الحكم حاليا في الكويت والبحرين ودولة قطر، إلى أن السعودية وسلطنة عمان تشاطر الامارات حالة الغموض في انتقال الحكم داخل الاسرة الحاكمة. إذ يواجه الصف الأول من آل سعود متاعب المرض والحاجة لنقل الحكم إلى جيل الأبناء المتنافسين بين متعب بن عبد الله، نجل الملك الحالي، ووزير الدفاع محمد بن نايف؛ فيما لا تعرف سلطنة عمان  وليا للعهد يخلف السلطان الحالي قابوس بن سعيد.

دلالات