حسم حزب "الشعوب الديمقراطي"، الجناح السياسي لحزب "العمال الكردستاني"، أمره لجهة دخول الانتخابات البرلمانية المقبلة في يونيو/حزيران كحزب، على الرغم من رفض المحكمة الدستورية تخفيض عتبة الأصوات المطلوبة لدخول البرلمان بالنسبة للأحزاب، إذ يتعين على أي حزب سياسي أن يحصل على أكثر من عشرة في المائة من عموم الأصوات ليدخل البرلمان.
وأثارت هذه الخطوة الكثير من القلق في صفوف المقربين من "الشعوب الديمقراطي"، إذ إنّه يغامر بخروجه من البرلمان التركي في حال فشل في تخطي هذه العتبة، وفي بقاء الحركة القومية الكردية اليسارية خارج قبة البرلمان، في وقت يبدو فيه اتفاق السلام بين الحكومة والعمال الكردستاني على الأبواب، خاصة أنّ أحزاب الأذرع السياسية للعمال الكردستاني، بمختلف تسمياتها، لم تستطع قط أن تصل إلى هذه النسبة من الأصوات في أي انتخابات سابقة، غير أنّها نجحت في دخول البرلمان عامي 2007 و2011، عندما خاض مرشحوها الانتخابات ضمن قائمة المستقلين، في التفاف على قانون عتبة الأصوات.
وحصل حزب "السلام والديمقراطية" (الذي جرى حلّه بقرار من الزعيم الكردي عبدالله أوجلان لينضم بعدها نوابه إلى كتلة "الشعوب الديمقراطي") في انتخابات عام 2011 على ستة في المائة فقط من عموم الأصوات، واحتل 36 مقعداً في البرلمان. وكان حزب "المجتمع الديمقراطي" (الحزب السابق لـ"السلام والديمقراطية") قد حصل على أربعة في المائة من الأصوات في انتخابات عام 2007 ، واحتل عشرين مقعداً في البرلمان.
ويعتمد "الشعوب الديمقراطي" في قراره الترشح للانتخابات المقبلة كحزب، على الأصوات التي حصل عليها صلاح الدين دميرتاش، مرشحه للانتخابات الرئاسية في أغسطس/آب الماضي، والتي وصلت إلى تسعة في المائة.
غير أنّ هذا القرار ينطوي على مغامرة قد تعرّضه إلى الخسارة، إذ إنّ دميرتاش حصل على جزء مهم من أصوات اليسار التركي، الذي رفض التصويت لمرشح حزب "الشعب الجمهوري"، وحزب الحركية القومية المشترك "المحافظ" أكمل الدين إحسان أوغلو، بسبب تقديم الأخير نفسه مرشحاً ممثلاً للأمة التركية، وليس كمرشح قومي كردي، وهي ظروف قد لا تتوفر في الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي تجري في ظل توترات كبيرة في الشارع الكردي في تركيا بعد الاشتباكات المتكررة التي حصلت بين أنصار حزب "الدعوة الحرة" (حزب سلفي كردي) وشبيبة "العمال الكردستاني" في شرق البلاد، وأودت بحياة أكثر من 40 مواطناً أثناء الاحتجاجات المساندة لمدينة عين العرب (كوباني) السورية.
وتكرّرت هذه الأحداث في مدينة جيزرة نوح (جزيرة بوطان) في ولاية شرناق شرقي البلاد، خلال الأسبوع الماضي.
لكن دميرتاش يعرب عن ثقته بأن الحزب سينجح في تخطي العتبة القانونية المطلوبة من الأصوات، مستبعداً حدوث أي فوضى في حال فشله، قائلاً "نحن لا نعتقد بأنّه سيحصل أي فوضى في حال فشلنا في تجاوز العتبة، وفي حال لم ننجح سندفع بكل جهدنا نحو انتخابات برلمانية مبكرة بعتبة أصوات مخفضة. سندفع نحو ذلك عبر أدوات الديمقراطية المشروعة"، مشيراً إلى أن "العدالة والتنمية" ستفتقد الشرعية والقوة السياسية التي تسمح لها بكتابة دستور جديد بشكل منفرد، حتى وإن حصلت على أكثر من 330 مقعدا، نتيجة فشل "الشعوب الديمقراطي"، بتخطي العتبة.
تصريحات دميرتاش جاءت بعد تحذيرات من الخطوة الكردية، إذ أشار محللون سياسيون إلى أن فشل "الشعوب الديمقراطي" في تخطي العتبة يعني أن تذهب المقاعد التي يحصل عليها بشكل اعتيادي في الدوائر ذات الغالبية الكردية إلى منافسه الوحيد فيها وهو حزب "العدالة والتنمية"، وبالتالي يحصل الأخير على أكثر من 330 مقعداً من أصل 550 هي عدد مقاعد البرلمان التركي، مانحة إياه الغالبية البرلمانية الكافية لكتابة وتمرير دستور تركي جديد.
وفشلت محاولة "العدالة والتنمية" بكتابة دستور توافقي بالتعاون مع باقي الأحزاب السياسية، بسبب خلافات حول الانتقال إلى النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي. بمعنى آخر، فإن فشل "الشعوب الديمقراطي"، يعني تحقيق أحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتحول إلى النظام الرئاسي.
على المستوى الشعبي، فإن خروج الذراع السياسية للعمال الكردستاني من قبة البرلمان قد يهدّد السلم الأهلي في تركيا، كونه يطرح مشروعية البرلمان والنظام السياسي التركي في عين مناصري "العمال الكردستاني"، مما قد يدفعهم إلى المضي في سيناريوهات أكثر راديكالية وقد يعيد تركيا إلى دوامة الدماء، بعدما توقفت بفعل عملية السلام منذ عام 2012.
لكن في المقابل، فإنّ تجاوز "الشعوب الديمقراطي" عتبة الانتخابات عبر جذب أصوات ناخبين من خارج الدائرة التقليدية التي تصوت له يعتمد على عدة عوامل رئيسية: أولها مدى التقدم والنجاح في مفاوضات السلام، وتوقف قيادات "العمال" العسكرية عن التصريحات المستفزة للشارع التركي والتهديد بالعودة إلى الصراع المسلح. وثانياً، ضبط الشارع الكردي الموالي للعمال الكردستاني، إذ إن تصرفات بعض أفراد شبيبة الحزب المتطرفين في المدن ذات الغالبية الكردية تدفع الكثير من المتعاطفين مع طرح قيادات "الشعوب الديمقراطي"، نحو التصويت لـ "العدالة والتنمية" الذي نجح في تقديم نفسه كراعٍ حقيقي لعملية السلام والاستقرار والتنمية.
أما العامل الثالث، فيعتمد على أداء حزب "الشعب الجمهوري". ففي حال استمر الأخير في سياساته الموجهة إلى جذب أصوات المحافظين الأتراك الذين يشكلون الكتلة الانتخابية الأكبر، فإن أصوات اليسار التركي ستستمر بالابتعاد عنه، ولن يكون أمامها بديل سوى "الشعوب الديمقراطي".
وأثارت هذه الخطوة الكثير من القلق في صفوف المقربين من "الشعوب الديمقراطي"، إذ إنّه يغامر بخروجه من البرلمان التركي في حال فشل في تخطي هذه العتبة، وفي بقاء الحركة القومية الكردية اليسارية خارج قبة البرلمان، في وقت يبدو فيه اتفاق السلام بين الحكومة والعمال الكردستاني على الأبواب، خاصة أنّ أحزاب الأذرع السياسية للعمال الكردستاني، بمختلف تسمياتها، لم تستطع قط أن تصل إلى هذه النسبة من الأصوات في أي انتخابات سابقة، غير أنّها نجحت في دخول البرلمان عامي 2007 و2011، عندما خاض مرشحوها الانتخابات ضمن قائمة المستقلين، في التفاف على قانون عتبة الأصوات.
وحصل حزب "السلام والديمقراطية" (الذي جرى حلّه بقرار من الزعيم الكردي عبدالله أوجلان لينضم بعدها نوابه إلى كتلة "الشعوب الديمقراطي") في انتخابات عام 2011 على ستة في المائة فقط من عموم الأصوات، واحتل 36 مقعداً في البرلمان. وكان حزب "المجتمع الديمقراطي" (الحزب السابق لـ"السلام والديمقراطية") قد حصل على أربعة في المائة من الأصوات في انتخابات عام 2007 ، واحتل عشرين مقعداً في البرلمان.
ويعتمد "الشعوب الديمقراطي" في قراره الترشح للانتخابات المقبلة كحزب، على الأصوات التي حصل عليها صلاح الدين دميرتاش، مرشحه للانتخابات الرئاسية في أغسطس/آب الماضي، والتي وصلت إلى تسعة في المائة.
غير أنّ هذا القرار ينطوي على مغامرة قد تعرّضه إلى الخسارة، إذ إنّ دميرتاش حصل على جزء مهم من أصوات اليسار التركي، الذي رفض التصويت لمرشح حزب "الشعب الجمهوري"، وحزب الحركية القومية المشترك "المحافظ" أكمل الدين إحسان أوغلو، بسبب تقديم الأخير نفسه مرشحاً ممثلاً للأمة التركية، وليس كمرشح قومي كردي، وهي ظروف قد لا تتوفر في الانتخابات البرلمانية المقبلة، التي تجري في ظل توترات كبيرة في الشارع الكردي في تركيا بعد الاشتباكات المتكررة التي حصلت بين أنصار حزب "الدعوة الحرة" (حزب سلفي كردي) وشبيبة "العمال الكردستاني" في شرق البلاد، وأودت بحياة أكثر من 40 مواطناً أثناء الاحتجاجات المساندة لمدينة عين العرب (كوباني) السورية.
وتكرّرت هذه الأحداث في مدينة جيزرة نوح (جزيرة بوطان) في ولاية شرناق شرقي البلاد، خلال الأسبوع الماضي.
لكن دميرتاش يعرب عن ثقته بأن الحزب سينجح في تخطي العتبة القانونية المطلوبة من الأصوات، مستبعداً حدوث أي فوضى في حال فشله، قائلاً "نحن لا نعتقد بأنّه سيحصل أي فوضى في حال فشلنا في تجاوز العتبة، وفي حال لم ننجح سندفع بكل جهدنا نحو انتخابات برلمانية مبكرة بعتبة أصوات مخفضة. سندفع نحو ذلك عبر أدوات الديمقراطية المشروعة"، مشيراً إلى أن "العدالة والتنمية" ستفتقد الشرعية والقوة السياسية التي تسمح لها بكتابة دستور جديد بشكل منفرد، حتى وإن حصلت على أكثر من 330 مقعدا، نتيجة فشل "الشعوب الديمقراطي"، بتخطي العتبة.
تصريحات دميرتاش جاءت بعد تحذيرات من الخطوة الكردية، إذ أشار محللون سياسيون إلى أن فشل "الشعوب الديمقراطي" في تخطي العتبة يعني أن تذهب المقاعد التي يحصل عليها بشكل اعتيادي في الدوائر ذات الغالبية الكردية إلى منافسه الوحيد فيها وهو حزب "العدالة والتنمية"، وبالتالي يحصل الأخير على أكثر من 330 مقعداً من أصل 550 هي عدد مقاعد البرلمان التركي، مانحة إياه الغالبية البرلمانية الكافية لكتابة وتمرير دستور تركي جديد.
وفشلت محاولة "العدالة والتنمية" بكتابة دستور توافقي بالتعاون مع باقي الأحزاب السياسية، بسبب خلافات حول الانتقال إلى النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي. بمعنى آخر، فإن فشل "الشعوب الديمقراطي"، يعني تحقيق أحلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتحول إلى النظام الرئاسي.
على المستوى الشعبي، فإن خروج الذراع السياسية للعمال الكردستاني من قبة البرلمان قد يهدّد السلم الأهلي في تركيا، كونه يطرح مشروعية البرلمان والنظام السياسي التركي في عين مناصري "العمال الكردستاني"، مما قد يدفعهم إلى المضي في سيناريوهات أكثر راديكالية وقد يعيد تركيا إلى دوامة الدماء، بعدما توقفت بفعل عملية السلام منذ عام 2012.
لكن في المقابل، فإنّ تجاوز "الشعوب الديمقراطي" عتبة الانتخابات عبر جذب أصوات ناخبين من خارج الدائرة التقليدية التي تصوت له يعتمد على عدة عوامل رئيسية: أولها مدى التقدم والنجاح في مفاوضات السلام، وتوقف قيادات "العمال" العسكرية عن التصريحات المستفزة للشارع التركي والتهديد بالعودة إلى الصراع المسلح. وثانياً، ضبط الشارع الكردي الموالي للعمال الكردستاني، إذ إن تصرفات بعض أفراد شبيبة الحزب المتطرفين في المدن ذات الغالبية الكردية تدفع الكثير من المتعاطفين مع طرح قيادات "الشعوب الديمقراطي"، نحو التصويت لـ "العدالة والتنمية" الذي نجح في تقديم نفسه كراعٍ حقيقي لعملية السلام والاستقرار والتنمية.
أما العامل الثالث، فيعتمد على أداء حزب "الشعب الجمهوري". ففي حال استمر الأخير في سياساته الموجهة إلى جذب أصوات المحافظين الأتراك الذين يشكلون الكتلة الانتخابية الأكبر، فإن أصوات اليسار التركي ستستمر بالابتعاد عنه، ولن يكون أمامها بديل سوى "الشعوب الديمقراطي".