ومع ذلك فإن هذه الانتخابات لا يسميها الأميركيون "تشريعية"، لأنّها تشمل كذلك التنافس على 38 منصباَ مهماً من مناصب حكام الولايات من بين 50 ولاية، كما تشمل انتخابات محلية واسعة على نطاق الولايات والمقاطعات والمدن.
ويعود الاختلاف في نسبة المقاعد الخاضعة للتنافس بين مجلس النواب ومجلس الشيوخ إلى مدة الفترة الانتخابية، إذ ينتخب عضو مجلس النواب للخدمة لمدة سنتين وبالتالي تخضع جميع المقاعد للتنافس الانتخابي كل سنتين في حين أن مدّة خدمة عضو مجلس الشيوخ ست سنوات، وبالتالي فإن 33 في المئة من أعضاء المجلس تنتهي فترة خدمتهم كل سنتين ويُجدّد لهم أو يتم اختيار بدلاء عنهم.
لا يحتاج مجلس الشيوخ الأميركي لانتخاب رئيس له، لأن رئيسه البروتوكولي هو نائب الرئيس، الذي يُعتبر كذلك العضو 101، لكنّه يُحرم من التصويت، إلاّ إذا تساوت الأصوات داخل المجلس فيأتي لترجيح رأي على آخر. وفي مجلس الشيوخ الحالي، هناك 53 عضواً ديموقراطياً مقابل 45 عضواً جمهورياً واثنان مستقلان.
وسيتم التنافس على 33 مقعداً، بحسب ما هو معتاد كل ست سنوات، إضافة إلى ثلاثة مقاعد إضافية شاغرة، أي بما مجموعه 36 مقعداً.
ويشغل المقاعد التي سيتم التنافس عليها في انتخابات 4 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، 21 عضواً من الحزب "الديموقراطي" و15 عضواً من الحزب "الجمهوري". مع أنه في واقع الأمر، سيحتدم التنافس بشكل فعلي على تسعة مقاعد فقط، أمّا بقية المقاعد فهي محسومة أو شبه محسومة لهذا الحزب أو ذاك.
وفي حال تمكّن الحزب "الجمهوري" من الفوز بأكبر عدد من المقاعد التسعة، فسينال الأغلبية في مجلس الشيوخ، ليهيمن بذلك على الكونغرس، ويحول الرئيس الحالي باراك أوباما في آخر سنتين من فترته الرئاسية إلى "بطة عرجاء" فلا يستطيع اتخاذ قرارات مهمة، إلا تلك التي تحظى بدعم المشرّعين.
ومن الولايات الحاسمة التي ستحدّد من سيحصل على الأغلبية في مجلس الشيوخ، ولاية ميتشيغان التي تقطنها تجمعات لا يستهان بها من العرب الأميركيين، وكذلك نيوهامبشر وكنتاكي ولويزيانا، أما بقية الولايات فسيكون فيها التنافس على مقاعد مجلس الشيوخ بارداً.
ويُهيمن "الجمهوريون" حالياً على مجلس النواب بأغلبية 233 مقعداً مقابل 199 مقعداً للديموقراطيين وثلاثة مقاعد شاغرة. ومن المتوقع أن تستمر الأغلبية للجمهوريين في الانتخابات المقبلة دون مفاجآت كبيرة، إذ إن الحزب يضمن حوالي 208 مقاعد بصورة شبه مؤكدة، وتصعب منافسته في دوائرها، إضافة إلى 16 مقعداً من المرجّح أن يفوز مرشحوه فيها.
أما الحزب "الديموقراطي" فلا يضمن بشكل شبه مؤكد، سوى 188 مقعداً ولديه فرص لا بأس بها في حوالي 24 دائرة انتخابية أخرى، لكنّ الفوز فيها جميعاً، لن يؤهله للتحوّل إلى حزب الغالبية في مجلس النواب بأي حال من الأحوال.
وباختصار شديد فإن غالبية التوقعات تشير إلى أن 17 مقعداً فقط من مقاعد مجلس النواب، سيكون التنافس فيها شديداً، وقد يخسر الحزب "الديموقراطي" أكثر من نصفها، وبالتالي فإن الحزب "الجمهوري" سيظلّ مهيمناً على مجلس النواب، ومن الصعب حسب التوقعات الحالية على الحزب "الديموقراطي" أن يغير المعادلة لصالحه، إلاّ بمفاجآت مذهلة وهو أمر نادر الحدوث في التنافس الانتخابي الأميركي.
ويبلغ حالياً عدد الحكام الجمهوريين في جميع الولايات الخمسين، 29 حاكماً مقابل 21 ديموقراطياً.
ويضمن الديموقراطيون البقاء على رأس 16 ولاية على الأقلّ، بما فيها تلك الولايات التي لن تجري فيها انتخابات للحكام ويحكمها ديموقراطيون. أمّا الجمهوريون فمن المؤكد أن يستمر حكمهم لـ21 ولاية على الأقل، بما فيها تلك الولايات التي يحكمها جمهوريون ولن تجري فيها انتخابات لحكام الولايات.
ويتبقى حوالي 13 موقعاً سوف يكون التنافس على من يشغلها قوياً، وقد تسفر الانتخابات عن اقتسامها بالتساوي، وبالتالي فإن خريطة الهيمنة على مناصب حكام الولايات لن تشهد تغييراً كبيراً عما هي عليه الآن، فيما يتعلق بالتنافس الحزبي بين الجمهوريين والديموقراطيين.
وتأتي أهمية مناصب حكام الولايات فيما يتعلق بتأثيرها على نطاق قومي أو بتعبير آخر على المستوى الاتحادي أن الغالبية العظمى ممن ينجحون في الفوز بالرئاسة الأميركية، هم حكام ولايات سابقون وبدرجة ثانية أعضاء في مجلس الشيوخ.
ومن النادر أن يتمكن حاكم ولاية ثبت فشله في حكم إحدى الولايات صغيرة كانت أم كبيرة في الفوز بترشيح حزبه للانتخابات الرئاسية. ومن الأمثلة على حكام الولايات الذين أصبحوا رؤساء بيل كلينتون حاكم أركنساس، وجيمي كارتر حاكم جورجيا، وجورج بوش حاكم تكساس.
أمّا أبرز من وصل إلى الرئاسة بعد عضويته في مجلس الشيوخ، فهو أوباما، والرئيس الراحل جون كنيدي. كما أن هناك عدداً محدوداً جداً من رؤساء الولايات المتحدة القدامى أصبحوا رؤساء عبر بوابة العضوية في مجلس النواب، من دون المرور بعد ذلك على عضوية مجلس الشيوخ أو العمل في منصب حاكم ولاية، ويبقى القادة العسكريون الذين أصبحوا رؤساء، أقلّ حظاً للوصول إلى البيت الأبيض، وأبرزهم جورج واشنطن أول رئيس للولايات المتحدة.