أسبوع وينهي عام 2019 أيامه الأخيرة. المغنون في لبنان لا يزالون يتخبَّطون في دوامة المواقف والمواقف المضادة. صار التعبير عن الرأي على مواقع التواصل الاجتماعي ممارسة يوميَّة، لكن على قاعدة "الوسطيَّة"، وعدم المسّ بالمصالح، والابتعاد عن النقد الجدّي، في مشهدٍ تغلبُ فيه المصلحة الخاصة على المواقف العامة.
وأدَّت الثورة اللبنانيَّة إلى زيادة الوضوح، في كيفية تعاطي هؤلاء الفنانين مع مضمون ومطالب الثورة. منهم من وقع في فخّ التسرع، وآخرون فضّلوا الاندماج مع حركة الشعب في الشارع، لكنَّهم تحوّلوا، مع مرور الوقت، إلى أدوات تستخدم مواقفها من أجل مكاسب صغيرة، واستغلال الثورة من أجل الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، عن طريق الادعاء بأنّهم "ضد الفساد".
حتى هذه الساعة، استطاعت إليسا أن تشلح عباءة انتمائها إلى حزب "القوات اللبنانية". ومن اليوم الأول لثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر في بيروت، أيّدت إليسا مطالب الناس في الشوارع والساحات. ولم توفر لحظة في متابعة الأخبار الساخنة، والتعليق عليها بمنطق صائب، من دون أن تتموضع تحت عباءة زعيم ما، أو بكلمة أدق: محاباة الزعيم الفاسد، كما يفعل زملاء إليسا. ولكن، على الرغم من ذلك، انتقِدَت إليسا كثيراً على مواقفها، وتعَّرضت إلى هجوم عندما زارت ساحة المظاهرات وسط بيروت، إذْ توجّه إليها أحدهم بجملة "جعجع واحد من هؤلاء"، وذلك في إشارة إلى تأييدها لحزب القوات، ورئيسه سمير جعجع. ولكنَّ إليسا تداركت الوضع، وأرفقت جملتها بعبارة أو شعار "كلن يعني كلن" الذي لا يعفي أي مسؤول لبناني من جرائم الفساد.
في المقابل، يختلف الحال عندما يتعلق الأمر بزميلات إليسا، ورؤيتهن لصورة الثورة الشعبيَّة. فلم تكن تغريدات نانسي عجرم، مثلاً، مؤثرة، بل جاءت حريصة على عدم اتخاذ أيّ موقفٍ في تسمية الفاسدين. والنزعة الدبلوماسية واضحة عند عجرم، ربما من أجل مصالحها مع النافذين في لبنان. الأمر الذي أوقعها في فخ "الرماديّة السياسيَّة"، لأنّ الثورة اللبنانيَّة تتطلَّب موقفًا حازمًا لمناصرة الشعب في مطالبه.
اقــرأ أيضاً
وهكذا، عرّت الانتفاضة الشعبية التي يشهدها لبنان معظم الفنانين، وأظهرت بؤس ثقافتهم السياسية والمجتمعية. ويبدو أن بعضهم لا يريد أن يقتنع بأن التغيير آتٍ لا محال.
وأدَّت الثورة اللبنانيَّة إلى زيادة الوضوح، في كيفية تعاطي هؤلاء الفنانين مع مضمون ومطالب الثورة. منهم من وقع في فخّ التسرع، وآخرون فضّلوا الاندماج مع حركة الشعب في الشارع، لكنَّهم تحوّلوا، مع مرور الوقت، إلى أدوات تستخدم مواقفها من أجل مكاسب صغيرة، واستغلال الثورة من أجل الشهرة على مواقع التواصل الاجتماعي، عن طريق الادعاء بأنّهم "ضد الفساد".
حتى هذه الساعة، استطاعت إليسا أن تشلح عباءة انتمائها إلى حزب "القوات اللبنانية". ومن اليوم الأول لثورة 17 تشرين الأول/أكتوبر في بيروت، أيّدت إليسا مطالب الناس في الشوارع والساحات. ولم توفر لحظة في متابعة الأخبار الساخنة، والتعليق عليها بمنطق صائب، من دون أن تتموضع تحت عباءة زعيم ما، أو بكلمة أدق: محاباة الزعيم الفاسد، كما يفعل زملاء إليسا. ولكن، على الرغم من ذلك، انتقِدَت إليسا كثيراً على مواقفها، وتعَّرضت إلى هجوم عندما زارت ساحة المظاهرات وسط بيروت، إذْ توجّه إليها أحدهم بجملة "جعجع واحد من هؤلاء"، وذلك في إشارة إلى تأييدها لحزب القوات، ورئيسه سمير جعجع. ولكنَّ إليسا تداركت الوضع، وأرفقت جملتها بعبارة أو شعار "كلن يعني كلن" الذي لا يعفي أي مسؤول لبناني من جرائم الفساد.
Twitter Post
|
أما راغب علامة، فيناضل منذ سنوات للتسلق على ظهر الأحداث. وتأتي محاولاته اليوم في محاولة صياغة موقف لا يتضارب مع مصالحه الفنية بالدرجة الأولى. لم يسمّ علامة مثلاً، أي فاسد، بل اكتفى بالمطالبة بالقضاء على الفساد كنوع من الالتفاف على مطالب المحتجين. لكن راغب علامة صار ورقة محروقة فعلياً، خصوصاً بعد تصريحاته في السعودية، ومطالبته بأن يكون في لبنان رجلٌ مثل ولي العهد محمد بن سلمان، وذلك لـ"إنقاذ البلد". وهو ما أثار قرفًا واسعاً من علامة على المواقع البديلة، واتُّهِم بشكل مباشر بالتملّق للديكتاتور السعودي من أجل مصالحه الشخصية المالية الضيقة. ثمة شعارات يحاول بعض الفنانين استثمارها، بعيداً عن المغزى الحقيقي لمطالب الناس. الممثل وسام حنّا يحاول أن يجعل من نفسه بطلاً أو قائداً للانتفاضة، لكنّه لا يلبث أن يصطدم بمواجهة مع محيطه، ليسقط في فخ الانفعال والتسرع والهجوم المضاد على بعض الصحافيين، من دون أدنى مراعاة لأخلاق الرد.
وهكذا، عرّت الانتفاضة الشعبية التي يشهدها لبنان معظم الفنانين، وأظهرت بؤس ثقافتهم السياسية والمجتمعية. ويبدو أن بعضهم لا يريد أن يقتنع بأن التغيير آتٍ لا محال.