تتنافس القنوات التلفزيونية التونسية الخاصة على تقديم مادة إعلامية تشدّ المشاهدين، وتحقّق نسب مشاهدة عالية بما من شأنه أن يعود عليها بموارد مالية هامة تأتي أساسًا من الإعلان ودعم رؤوس الأموال. غير أن المنافسة أفرزت برامج اجتماعية مختلفة تفاوتت نسب نجاحها اعتمادا على مقياسي المهنية والمتابعة الجماهيرية.
ويميز التونسيون من خلال تدوينات عبر مواقع التواصل بين البرامج الاجتماعية الجادة وبرامج الإثارة التجارية. ولا يتوانى بعضهم عن توجيه النقد اللاذع لبعض البرامج التي اعتمدت الاستسهال وحتى الابتذال نهجا لها لكسب أكثر نسب مشاهدة.
يعيب تونسيون على بعض البرامج التعامل بدون ضوابط مهنية مع الحياة الخاصة لمواطنين تغريهم الأضواء لطرح مشاكلهم الاجتماعية الخاصة عبر وسائل الإعلام من أجل إيجاد حلول لها. ويعتبر برنامج "عندي ما نقلك" على قناة الحوار التونسي؛ والذي يحظى بمتابعة هامة من كل بلدان المغرب العربي من أهم البرامج التي تثير الجدل.
الصحافية هالة كرير تقول لـ "العربي الجديد" بهذا الخصوص: "رغم نجاح هذا البرنامج الذي يعتمد على دعوة أحد الأشخاص لأحد المقربين منه للحديث عن مشاكلهم الخاصة ومحاولة مذيع البرنامج التوسط للتوفيق بينهما، فإن ما يتضمنه من محتوى نعته البعض بالمبتذل حول صبغة البرنامج من اجتماعي إلى "فضائحي". وكان البرنامج قد كشف قصص خيانات زوجية واعتداءات جنسية على الأطفال بطريقة حادت عن المهنية وأغرقت في البحث عن الإثارة، الأمر الذي بوأه المرتبة الأولى في نسب المشاهدة".
وينتقد تونسيون أيضا برنامج "المسامح كريم" الذي تبثه قناة "حنبعل" والذي يعتمد نفس مبدأ برنامج "عندي ما نقلك" في تنظيم جلسات صلح بين عائلات وأصدقاء وشركاء. ولم يخف تونسيون امتعاضهم من أغلب ما جاء في هذا البرنامج الذي يحظى أيضا بنسب مشاهدة عالية رغم غياب المهنية والحرفية عن أغلب حلقاته. وقد أثار هذا البرنامج جدلا واسعا بسبب قيامه بدعوة عائلة أطفال معوقين ودعوة الاطفال الذين كانوا في حالة نفسية وصحية سيئة للرقص ليقوم مذيع البرنامج والجمهور بمشاهدة هذا المشهد المؤلم بكثير من السخرية.
المشهد الإعلامي لا يخلو أيضا من بعض البرامج الاجتماعية ذات الجودة العالية كبرنامج "جاك المرسول" على قناة "نسمة والذي يعتمد نفس مبدأ البرنامجين المذكورين سابقا غير أنه لا يحظى بنسب متابعة هامة نظرا لأنه لا يعتمد الإثارة ويسعى لحل مشاكل اجتماعية عالقة. كذلك بالنسبة لبرنامج "يوميات مواطن" الذي تبثه قناة الحوار التونسي، حيث يعمل فريق البرنامج على التحول إلى القرى والمناطق النائية لرصد المشاكل الاجتماعية فيها ونقل معاناة المواطنين فيها من الفقر والتهميش والأمية. وقام فريق هذا البرنامج مؤخرا بمرافقة أطفال إحدى القرى النائية اثنتا عشرة كيلومترا على القدمين في طريقهم إلى المدرسة لنقل معاناة تلاميذ المناطق الريفية في التنقل نحو مؤسساتهم التعليمية.
وحول ذلك، يؤكد الصحافي أسامة السعفي لـ"العربي الجديد" أن حاجة تونس لمثل هذه البرامج الاجتماعية الجادة تفوق حاجتها إلى البرامج الحوارية السياسية. فكشف المشاكل الاجتماعية وعرضها على وسائل الإعلام والدعوة إلى النظر فيها من أجل حلها يعتبر هدفا من أهداف الثورة.