البرلمان البريطاني يصوت مجدداً على "بريكست"... والخلافات تتعمق داخل "العمال" والمحافظين
ويصوّت مجلس العموم على استراتيجية رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، التفاوضية، والتي تم رسمها بعد التصويت الأخير نهاية شهر يناير/كانون الثاني الماضي. وحينها صوّت البرلمان لصالح طلب إعادة التفاوض على خطة المساندة، وضد الخروج من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
إلا أن جلسة التصويت المنتظرة، اليوم، عند الساعة الخامسة بتوقيت لندن، قد فقدت الكثير من أهميتها بعد أن أعلنت ماي بداية الأسبوع عن نيتها عقد جلسة تصويت أخرى يوم 27 فبراير/شباط المقبل. ولكن البرلمان البريطاني المنقسم لن يفوت الفرصة لعكس خلافاته، مساء اليوم.
وتسعى ماي في جلسة التصويت، اليوم، لأن تحصل على تفويض من البرلمان من خلال تجديده لدعم استراتيجيتها التفاوضية خلال الأسبوعين الماضيين. إلا أنه ينتظر أن يصوت مؤيدو "بريكست" مشدد في حزبها ضد هذا التفويض لأنه يلمح إلى سحب خيار "بريكست" دون اتفاق من على الطاولة.
في حين تقدم حزب "العمال" رسمياً بطلب تعديل على التفويض يجبر ماي على العودة إلى البرلمان في 27 فبراير إذا لم تتمكن من تمرير صفقتها. وعلى الرغم من أن ماي كانت قد وعدت بذلك بأي حال، يسعى "العمال" إلى جعل هذا الوعد الحكومي ملزماً قانونياً. وذلك لا يعكس إلا غياب الثقة في النقاشات حول "بريكست" بين أكبر حزبين بريطانيين.
كما اقتُرح عدد من التعديلات الأخرى التي قد يصوت عليها البرلمان مساء اليوم، ومنها مسألة التصويت الاستشاري، والذي يقوم البرلمان من خلاله بالتصويت على خيارات "بريكست" الأخرى، لاستكشاف مدى شعبيتها. وترفض الحكومة مثل هذه الأفكار لأنها تقوض من جدية استراتيجيتها في حال وجد خيار آخر لـ"بريكست" ينال دعم البرلمان ولا يسير وفق هوى الحكومة.
من جهته، تقدم الحزب القومي الإسكتلندي بتعديل بطالب بإلغاء "بريكست"، ينتظر أن يدفع المطالبون بالاستفتاء الثاني بتعديلهم الخاص. وعلى الرغم من أن فكرة الاستفتاء الثاني تنال شعبية متزايدة، يختلف داعموه على الموعد الأنسب لطرحه على التصويت في البرلمان.
أمّا الغائب الأكبر فهو تعديل تقدمت به النائب عن "العمال" إيفيت كوبر، وقررت تأجيل نقاشه حتى الجلسة المقبلة نهاية الشهر الحالي. وينص تعديلها الذي هزم بهامش بسيط قبل أسبوعين على إجبار الحكومة على تأجيل موعد "بريكست" في حال عدم وجود اتفاق بحلول 13 مارس/آذار المقبل.
وتنتظر رئيسة الوزراء تمرداً من قبل مجموعة الأبحاث الأوروبية في البرلمان، والتي تدعم "بريكست" المشدد، لأنهم يرون ضرورة وجود خيار بريكست من دون اتفاق على قائمة الخيارات المتاحة. وقال ستيف دوبل، أحد أعضاء المجموعة، مساء أمس الأربعاء، على شاشة "آي تي في": "ما يهمني ويهم زملائي هو عدم سحب عدم الاتفاق عن الطاولة". وأضاف "سيكون من الجنون سحبه عن الطاولة في هذه المرحلة لأنه سيقوض موقفنا التفاوضي".
من جهة أخرى، يواجه حزب "العمال" مشاكله الخاصة أيضاً، حيث هدد عشرة من قيادات الحزب بالاستقالة من مناصبهم إذا رفض جيريمي كوربن دعم مبادرة جديدة تطالب ماي بوضع صفقتها أمام تصويت شعبي.
ويشهد حزب "العمال" ضغطاً كبيراً من صفوف معارضي "بريكست" بين نوابه وأعضائه لما يرونه تخاذل زعيم الحزب عن دعم الاستفتاء الثاني، والذي كان قد تعهد بدعمه خلال المؤتمر الحزبي العام الأخير.
إلا أن كوربن يسعى للموافقة بين طرفي حزبه المتناقضين، ممن يدعمون بريكست ويعارضونه، خاصة بعدما كشفت استطلاعات الرأي الأخيرة عن تراجع دعم "العمال" بين الناخبين البريطانيين.
وينصب التركيز حالياً على مبادرة تقدم بها نائبان عن الحزب، يقوم من خلالها البرلمان بتبني اتفاق خاص بـ"بريكست" ولكن يتم طرح الاتفاق بعدها على تصويت شعبي، في طريقة مماثلة لإبرام اتفاق الجمعة العظيمة الذي أنهى الحرب في الجزيرة الأيرلندية. ويسعى مؤيدو هذه المبادرة إلى طرحها أيضاً خلال التصويت نهاية الشهر الحالي.
وبينما تسعى ماي، اليوم، إلى الحصول على المزيد من الوقت، لأسبوعين آخرين، لتعديل صفقتها، فإن هزيمتها في التصويت مساء اليوم ستنزع عنها التفويض الذي منحها إياه البرلمان قبل أسبوعين، لتؤكد من جديد على المأزق الذي تواجهه بريطانيا.