البكالوريا في تونس بأعين من عاشوها

16 يونيو 2016
+ الخط -

يوم فقط يفصل 135 ألفاً و 613 تلميذاً ترشّحوا لمناظرة البكالوريا للاطلاع على نتائجهم في تونس. الباكالوريا التي تُوازي الثانوية العامّة في دول المشرق العربي، هي الامتحان الأخير الذي يفصل التلاميذ التونسيين عن الالتحاق بمقاعد الجامعة وتغيير صفتهم إلى طُلّاب.

وبحسب القانون التعليمي التونسي، تُجرى مناظرة الباكالوريا على دورتين، دورة رئيسية تليها دورة أخرى وهي دورة التّدارك لمن لم يتمكّن من تحصيل مُعدّل النّجاح في الدّورة الأولى؛ يعقُب كلا الدّورتين مسار كامل لتوجيه النّاجحين للاختصاصات الجامعية الموزّعة في مختلف محافظات البلاد بحسب نظام الأفضليّة.


أرقام ذات دلالة
وبحسب أرقام رسميّة صادرة عن وزارة التربية التونسية، يتوزّع المترشّحون لمناظرة الباكالوريا هذه السنة على ثلاثة أصناف، حيث يزاول 109 آلاف و987 تلميذ تعليمهم بالمعاهد الحكومية؛ في حين بلغ عدد المترشّحين ممن يدرسون في المُؤسّسات الخاصة 19443 تلميذاً، وترشّح في دورة هذه السنة بصفة فرديّة 6183 مترشّحاً.

وتم إجراء امتحان الباكالوريا لسنة 2016 بتونس عبر اعتماد 564 مركزاً للامتحانات، كما تم تفريغ كادر بشري يعدّ 138 ألفاً و334 أستاذ للإشراف على العملية ككل من مراقبة وإصلاح.

وككل سنة، عرفت الباكالوريا ترتيبات استثنائية لعدد من التلاميذ من ذوي الاحتياجات الخصوصية بلغ عددهم 304 مترشّحاً من بينهم 52 تمتّعوا بتضخيم الخط و50 مترشحاً اجتازوا المناظرة في معاهد المكفوفين بمنطقتي سوسة وبئر القصعة عبر اعتماد طريقة "البراي"، في حين تمتع 162 مترشحاً بإضافة ثلث الوقت القانوني لكل حصة اختبار، وتمتع 10 مترشحون باجتياز المناظرة في سجون منوبة والمرناقية وصفاقس والكاف والقيروان.

وبلغت تكلفة امتحانات الباكالوريا لسنة 2016 حوالي 16 مليون دينار تونسي، بحسب ما أعلن عنه عمر الولباني، مدير عام الامتحانات بوزارة التربية، في مايو/أيار الماضي.

 

الباكالوريا والغش
مع تقدّم التكنولوجيا وانتشارها، أصبح الغش في السنوات الأخيرة أحد أوجه الإبداع السلبي من جهة، وأحد أبرز التّحدّيات التي تواجه وزارة التربية من جهة أخرى، باعتبار أن الظاهرة تمس من مصداقية الامتحان وتتنافى مع مبدأ المُساواة في الحظوظ.

وبهدف التصدّي لهذه الظّاهرة، كشف ناجي جلول، وزير التربية، في شهر أبريل/نيسان الماضي، عن قيام الوزارة  بتدعيم منظومة المراقبة داخل الإدارة العامة للامتحانات بأجهزة كاميرا وربطها مباشرة بقاعة العمليات بوزارة الداخلية بواسطة خط هاتفي ساخن.

كما ركزت الوزارة أجهزة مراقبة بمراكز التجميع والتوزيع لامتحان البكالوريا وربطها بقاعة المراقبة المحدثة بمقر الإدارة العامة للامتحانات بالإضافة إلى التصدي للغش الإلكتروني بواسطة أجهزة تشويش على الذبذبات تعمل على عزل الأجهزة الإلكترونية الحديثة عن الفضاء الخاجي سواء عبر شبكة الإنترنت أو شبكة الاتصال العادي.

ورغم هذه الإجراءات الإستثنائية، شهدت بكالوريا 2016 بعض الاستثناءات، خاصّة في محافظة القصرين (الوسط الغربي التونسي) التي تواتر الحديث حول وجود عمليات غش بأحد معاهدها.

تقول الأستاذة مريم (اسم مستعار)، وهي أستاذة في أحد معاهد محافظة القصرين، إنها تصدّت لعمليات غش عديدة خلال إشرافها طيلة ثلاثة أيام على مراقبة سير امتحانات الباكالوريا.

وتضيف في تصريحها لـ "جيل العربي الجديد": "ضبطت خلال أيام المراقبة محاولات لاستعمال هواتف جوالة وساعات رقمية، وتعرّضت لضغط كبير وصل إلى حد التهديد من طرف التلاميذ من أجل دفعي للتّساهل مع عمليات الغش وغض الطّرف عن التجاوزات".

وتُؤكّد الأستاذة، التي طلبت إخفاء اسمها، أن جزءاً من الإداريين تعمّدوا تعطيل جهاز التشويش أكثر من مرّة ليتيحوا للتلاميذ استعمال الوسائل الحديثة للغش.

وتتابع: "كان هنالك تواطؤ من طرف بعض الإداريين، والثبات على موقف عدم السماح بالغش لم يكن سهلاً".


احتفاء بالتجربة
ومما لا شكّ فيه، أن مناظرة الباكالوريا يعيشها كل فرد بطريقته الخاصة كلاً حسب آماله وأحلامه، وتترسّخ في الذّاكرة كتجربة تدوم سنة كاملة وتُكلّل بامتحان يُؤسّس لواقع جديد.

عبدالرحيم الورغمّي، تلميذ تونسي من محافظة بنزرت (الشمال التونسي)، حدّثنا عن تجربته مع البكالوريا هذه السنة قائلاً: "تجربة جميلة وسنة تختلف عن كل السنوات السابقة، فهي مفتاح الدّخول إلى الجامعة".

ويضيف الورغمي لـ "جيل العربي الجديد": "الجامعة هي خطوة جديدة في الحياة؛ والحياة الجامعية من أجمل مراحل الدراسة؛ أطمح لدراسة الهندسة الكهربائية وسأختارها في مرحلة التوجيه الجامعي".

وعند سؤالنا حول آلية اختيار التخصص الدراسي بعد الباكالوريا، أكّد عبد الرّحيم أنه خيار شخصي يعود للتلميذ وأنه "يجب أن يتماشى مع ميولاته وتوجّهاته".

ويقول ياسين بوريقة، تلميذ تونسي من محافظة سوسة (الساحل التونسي)، لـ "جيل العربي الجديد": "الامتحانات هذه السنة كانت في متناول جميع التلاميذ! الذين اجتهدوا خلال السنة الدراسية طبعاً".

ويحدّثنا ياسين بكل حماسة عن الصّورة التي يحملها عن الجامعة أشهر قبل دخولها، والتي يقول إنه شكّلها -الصّورة- بناء على حديث والده وأصدقائه وأفراد عائلته عنها.

وحول خياره، يقول: "بصراحة هو قرار شخصي وهدف رسمته منذ البداية؛ أطمح لأن أنهي دراستي مُهندساً في علوم الكمبيوتر. صحيح أن الوضع يبدو صعباً بعض الشيء خاصّة مع الوضع التقتصادي الذي تعيشه البلاد، لكن هذا لن يقف حائلاً أمام تحقيق طموحاتي؛ رغم كل شيء أنا متفائل".

المساهمون