حقق سعر البلاديوم Palladium ارتفاعاً صاروخياً خلال فترة قصيرة، متجاوزاً 1600 دولار للأونصة، وحقق اليوم الخميس سعراً قياسيا جديداً بوصوله إلى 1617 دولارات، مع ترشيح بلوغه 2000 دولار هذا العام، بتأثير من شحّ المعروض.
وعزز خطر فرض حظر على بعض الصادرات من روسيا المخاوف في سوق البلاديوم والتي تعاني أصلا من نقص المعروض بالفعل.
ويتم استخدام كل من البلاديوم والبلاتين كعوامل حفازة للحد من الانبعاثات في السيارات، لكن يتم استخدام البلاديوم أكثر في محركات البنزين.
كما أن البلاديوم يدخل في صناعة السيارات والحواسيب والمجوهرات وطب الأسنان، ما يعني أن التكاليف ستدفعها أنت؟وكان سعر البلاديوم قد تضاعف تقريباً منذ منتصف أغسطس/ آب 2018 حتى الآن، بعدما زاد نحو 27% منذ بداية العام الجاري.
لكن، ما سر هذه القفزات الكبيرة في الأسعار، ولماذا الآن، وما هو البلاديوم أصلاً، وما علاقته ببقية المعادن الثمينة؟
البلاديوم معدن أبيض فضّي لامع نادر وصلب جداً، اكتُشف عام 1802، ويشبه البلاتين كيميائياً. ومن استخداماته أنه يدخل في طب الأسنان وفي تصنيع المجوهرات والحواسيب، كما تستعمل شركات صناعة السيارات البلاتين والبلاديوم أساساً لتصنيع المحوّلات الحفزية وأجهزة تنقية العوادم، في حين أن البلاتين أكثر استخداماً في مركبات الديزل.
اعتباراً من الثلاثاء، تجاوزت الأونصة 1600 دولار، بعدما اخترقت 1400 دولار منتصف فبراير/ شباط الماضي، و1200 دولار أواخر ديسمبر/ كانون الأول 2018.
واليوم الخميس، ارتفع البلاديوم في المعاملات الفورية 0.3 في المائة إلى 1617.46 دولارات للأوقية، بعدما لامس أعلى مستوى له على الإطلاق عند 1619.81 دولار للأوقية في وقت سابق من الجلسة.
الأونصة كانت تخطت 1000 دولار أواخر سبتمبر/ أيلول 2018 بعدما بقي سعرها دون هذه العتبة منذ أواخر يونيو/ حزيران المنصرم، علماً أنه في مرة واحدة خلال سنة ارتفع السعر فوق 1100 دولار، وكان ذلك في منتصف يناير/ كانون الثاني 2018.
لكن سعر 1100 دولار للأونصة سبق أن سجله البلاديوم عام 2001، بعدما تأخرت الشركات الروسية في تصديره تكراراً عام 2000 لأسباب سياسية، ما أدى إلى هلع في الأسواق دفع بشركة "فورد" للسيارات إلى تخزينه خوفاً من تضرّر إنتاجها بسبب نقص المعروض، علماً أن روسيا هي أكبر منتج له، تليها جنوب أفريقيا وكندا والولايات المتحدة.
وتقول شركة "نوريلسك للنيكل" Norilsk Nickel الروسية للتعدين، على موقعها الإلكتروني، إنها أكبر منتجي البلاديوم والنيكل المكرّر في العالم، ومن أكبر منتجي البلاتين والنحاس، كما أنها تُنتج الكوبالت والروديوم والفضة والذهب والإيريديوم والروثينيوم والسيلينيوم والتيلوريوم والكبريت. وهي تصدّر منتجاتها إلى أكثر من 30 بلداً حول العالم.
أسباب الزخم الصعودي
لم يأت هذا الصعود الصاروخي صدفةً بالطبع، فهو مسار تشهده سوق المعدن الأبيض منذ منتصف أغسطس/ آب 2018.
أما أسبابه فهي تعود أساساً إلى نقص طويل الأمد في المعروض وتوقعات باشتداد شح المعدن في الأسواق، في ضوء حظر من المحتمل أن تفرضه وزارة التجارة والصناعة في روسيا، أكبر منتج للبلاديوم، على صادرات المعادن الثمينة المستعملة والبقايا المعدنية، لتعزيز المعالجة المحلية للمواد.
وتسهم في صعود سعر البلاديوم توقعات بأن يقود تحفيز اقتصاد الصين الطلب العالمي عليه؛ فقد بقي الطلب قوياً، بخاصة في الصين، رغم تباطؤ مبيعات السيارات في أسواق رئيسية.
كما لعب دوراً في دفع الأسعار نحو الصعود إعلان شركة "فيات كرايسلر" نيّتها استدعاء نحو 965 ألف سيارة في الولايات المتحدة وكندا، لعدم مطابقتها معايير الانبعاث، وتغيير محوّلاتها التحفيزية، باعتبار أن المعدن يُستخدم للتحكّم بالانبعاثات.
إحلال البلاتين محل البلاديوم؟
ثمة نقاش دائر حالياً لاستبدال البلاديوم بالبلاتين، لكن خبراء، بحسب "بلومبيرغ"، يقللون من جدوى هذا التوجه بعدما أظهرت أبحاث أن تقدّماً تكنولوجياً لا يزال مطلوباً قبل تمكين البلاتين من مطابقة أداء المحوّلات الحفازة المستندة إلى البلاديوم، وفقاً لـ"جونسون ماتي.بي.إل.سي" المتخصّصة في صناعة هذه الأجهزة.
والملاحظ أنه وفقاً للأسعار الحالية، إن سعر البلاتين من حيث الجدوى الاقتصادية يبدو منافساً جداً باعتبار أن قيمة أونصته تناهز نصف منافستها من البلاديوم. إذ يوم الأربعاء، ارتفع هذا الأخير في المعاملات الفورية 0.4% إلى 1602.01 دولار خلال التعاملات، بعدما سجل أعلى مستوى على الإطلاق عند 1606.76 دولار في وقت سابق من الجلسة. أما البلاتين فقد زاد 1.2% إلى 855.84 دولاراً بعدما سجل أعلى مستوى منذ 4 مارس/ آذار عند 858.18 دولاراً في وقت سابق اليوم.
تجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى أن أكثر من 80% من البلاديوم يأتي كمنتَج ثانوي من عمليات تعدين النيكل في روسيا ومن تعدين البلاتين في جنوب أفريقيا، ولذلك تعتمد إمداداته أيضاً على مستوى استخراج بقية المعادن.
وفيما من المؤكد أن المستهلكين سيتكبّدون جزءاً من ثمن ارتفاع أسعار المنتجات التي يدخل البلاديوم في صناعتها، يشكل ارتفاع سعر هذا المعدن الثمين فرصة استثمارية جيدة بالنسبة إلى شركات التعدين.
لذلك، إن ارتفاع سعر البلاديوم يحفّز حالياً الشركات على توسيع أعمالها، بحسب "بلومبيرغ"، حيث إن شركة "إمبالا بلاتينيوم القابضة المحدودة"، التي خفضت ديونها الصافية، تخطط لبدء العمل في منجم بلاديوم جديد يمكن أن ينطلق عام 2024.
كما تدرس "أنغلو أميريكان بلاتينيوم المحدودة" خططاً لزيادة الإنتاج بمقدار 270 ألف أونصة سنوياً، من خلال توسيع منجمها في موغالاكوينا.