تحاول البنوك اللبنانية استباق الحكومة قبل أن يختار رئيس الوزراء الجديد مصطفى أديب أعضاءها، مما يجعل آفاق الإنقاذ تنحو نحو مزيد من الفوضى، وفق تقرير لوكالة "بلومبيرغ".
فبعد ما يقرب من خمسة أشهر من الكشف عن خطة الإنقاذ والتوجه إلى صندوق النقد الدولي للحصول على 10 مليارات دولار، تكافح السلطات المالية لتتولى زمام الأمور. ويخشى المقرضون أن تكون أموالهم على المحك إذا تم تنفيذ مقترحات الحكومة.
وتتشبث البنوك بإصلاحات بما في ذلك مبيعات الأصول الحكومية التي رفضها بالفعل صندوق النقد الدولي والحكومة السابقة. لكن في تغيير المسار، يركزون الآن جهودهم في الضغط على فرنسا، التي تولى رئيسها إيمانويل ماكرون مسؤولية الدفع الدولي للإصلاحات بعد الانفجار المدمر الذي وقع الشهر الماضي في بيروت.
بالنسبة للاقتصاد، يعد النظام المصرفي اللبناني الأكبر في الشرق الأوسط -وأحد أكبر الأنظمة في العالم، وفي الأسبوع الماضي، عقدت جمعية مصارف لبنان اجتماعات في باريس مع مسؤولين من بينهم بيير دوكين، الدبلوماسي الفرنسي الذي اختاره ماكرون للإشراف على التمويل الذي تعهد به المانحون الدوليون للبنان في عام 2018.
وكان القلق بشأن دعوات ماكرون لإجراء تدقيق في القطاع المصرفي وإعادة هيكلته، دافعاً رئيسياً لمهمة الضغط، وفقًا لما يقول أحد كبار المصرفيين المطلعين على الأمر، لـ"بلومبيرغ".
وقال مسؤول في مكتب ماكرون إنه ليس على علم بالاجتماع. ولم ترد وزارة الخارجية الفرنسية على طلب للتعليق.
وبينما عارض المسؤولون الفرنسيون في البداية مقترحات البنوك، فإنهم يدركون أنّ خطة الحكومة نفسها قد تكون محكوماً عليها بالفشل، كما قال شخص مطلع على المحادثات، مفضلاً عدم الكشف عن هويته. في غضون ذلك، توقفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
ليس من الواضح ما إذا كانت الاجتماعات في فرنسا قد أسفرت عن أي نتائج.
وفقًا لملخص محادثات باريس التي أعدتها Global Sovereign Advisory واطلعت عليه "بلومبيرغ"، قالت جمعية المصارف بقيادة سليم صفير إنّ خطة الحكومة تهدد تحويلات المغتربين اللبنانيين. بث صفير انتقادات مماثلة خلال مكالمة عبر الهاتف هذا الصيف مع مجموعة لبنانية في الشتات في الولايات المتحدة.
خطة الحكومة التي كشف عنها رئيس الوزراء آنذاك حسان دياب، في إبريل/ نيسان، بعد أن تخلّف لبنان عن سداد سنداته الدولية، في مارس/ آذار، تتوخى تخفيضات الديون التي تطاول رأس المال المشترك للمقرضين في لبنان، وتتطلب كفالة المساهمين، ولكنها تحمي معظم المودعين.
وتقدر "الخسائر الكامنة" للبنك المركزي وكذلك تلك التي تكبدها المقرضون بنحو 69 مليار دولار على أساس سعر الصرف 3500 ليرة للدولار.
وبدلاً من ذلك، حثت المصارف وهي أكبر دائني الدولة، على بيع الأصول، على اعتبار أنّ المصارف تريد صندوقًا مملوكًا للحكومة ولكنه مُدار من القطاع الخاص لإصدار ديون أو أدوات أخرى للبنك المركزي، والذي سيقوم بعد ذلك بسداد جزء من 80 مليار دولار مستحقة للبنوك التجارية.
قاوم المسؤولون في الحكومة المنتهية ولايتها ومستشاروهم هذه الفكرة، بحجة أن أصول الدولة لا ينبغي أن تدعم حقوق المساهمين في البنوك.
ويبدو أنّ البنوك "لا تزال في حالة إنكار" لإيجاد حل لا يتسبب في خسائر لمساهميها، وفقًا لدان قزي، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي السابق لبنك "ستاندرد تشارترد" في لبنان، موضحاً "أدركت البنوك التي نجحت إلى حد ما في جهودها المحلية للضغط ضد حل يتضمن إنقاذ مساهميها أن المجتمع الدولي لن يفرج عن أي أموال حتى يتم التعرف على حجم الخسائر".