بدأت أدرك أني أحد مدمني يوتيوب. لا يمر يوم بدون ساعة -وأحياناً ساعات- من مشاهدة مواده الأرشيفية. مادة هائلة من مختلف حقول المعرفة متاحة الآن بالصوت والصورة. محاضرات ولقاءات مع شخصيات فكرية وسياسية وأدبية، لا سيما التي لم نعاصرها، وأجزاء كبيرة من الأرشيف السياسي للمنطقة العربية والعالم. ضع جانباً أحشاء المجتمع التي تندلق أمامك بدراميتها وعبثيتها وأحياناً بطرائفها.
يستطيع اليوم أي مهتم أن يرى ويسمع الشخصيات التاريخية منذ بدايات القرن الماضي، في أي لحظة يريد. لم يكن الأمر متاحاً بهذه السهولة قبل عقد من الآن. فرقٌ أن تقرأ لطه حسين وأن تراه يتكلّم، أو أن تسمع غناء أم كلثوم وأن تجد لقاء معها.
في أحد اللقاءات تقول بأنها "غاوية شعر"، وبحصافة تؤكد: "الشعر أطول عمراً وأبقى من كلمات الأغاني، وهو لغة عالمية للعالم العربي". لكنها تفاجئك بسخريتها من الشعر الحديث، تقول للمذيع مستنكرة: "في شعر بلا قافية".
لكن اليوتيوب يمكن أن يأخذك إلى مشاهدات اجتماعية عجيبة، مثل إنفاق ساعة في مشاهدة لقاء مع سهى عرفات، لا سيما قصة معاناتها مع ليلى طرابلسي زوجة دكتاتور تونس السابق. تقول السيدة عرفات: "كل يوم في الساعة الثانية، موعد غداء ليلى مع زوجها بن علي، كانت تصنع لي مصيبة". الحياة الرئاسية العربية لا تختلف كثيراً عن المسلسلات التلفزيونية. نساء ورجال، هذا كل ما في الأمر.