18 اغسطس 2019
التتار
أسماء راغب نوار (مصر)
من مميزات القراءة في التاريخ أنها تمنح العقل فرصة سانحة للتمتع بالسفر في الزمن، فتفسح المجال للعقل ليرى الإنسان آفاقًا بعيدة ينتابه من خلالها شعورٌ بالدهشة والإثارة عند مقارنة الأحوال الحالية بالماضية، وقد ينتابه شعورٌ بالفخر والاعتزاز بالنقاط المضيئة من تاريخ بلاده، مع الشعور بالألم أيضًا لفوات فرص ضيعها قادة بلاده أو هزائم خاضوها أو تخاذل بدا عليهم فاستباح العدو البلاد، فلا يكون من هذه الآلام سوى استيفاء العِبر وتجنب الأخطاء والحذر من الوقوع فيها.
لكن في النهاية يغلب على السفر في الزمن أو قراءة التاريخ نوعٌ من المتعة التي تقترن بمشقة السفر، إلا أنّ القراءة في قصة التتار فيغلب عليها الرعب والهلع لدرجة أن من يطلع عليها قد يجف ريقه ويتعكر مزاجه إن لم يبكِ من هول أحداثها وما فيه من مبالغات قد يصعب على العقل تصورها؛ لكنها وقعت بالفعل!
كان أول ظهور لقوة دولة التتار أو المغول في منغوليا بالصين عام 603 هـ (1206م)، وكان أول قادة هذه الدولة جنكيز خان الذي كان سفاحًا سفاكًا للدماء على نحو وحشي، لا ينازعه في الوحشية أحد على مدى التاريخ كما يقول المؤرخون. لكن سرعان ما توسعت هذه الدولة، وانتشرت كالنارِ في الهشيم، فتمددت دولة التتار في غضون سنة واحدة (617 هـ - 1220 م) حتى بلغت حدودُها كوريا شرقاً إلى حدود الدولة الخوارزمية (آسيا الوسطى وغرب إيران) غرباً، ومن سهول سيبيريا شمالًا إلى بحر الصين جنوباً، ثم بدأت بالتوسع غربًا فأوسعت البلاد قتلًا وتخريبًا ودمارًا على نحو بشع ومرعب لدرجة أن الناس ظنت أنها قيام الساعة، كما ورد في كتاب "الكامل في التاريخ" لابن الأثير، إذ قال: "فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقًا".
وقد قال ابن الأثير أيضًا: "فإن الإسكندر الذي اتفق المؤرخون على أنه ملك الدنيا لم يملكها في هذه السرعة إنما ملكها في نحو عشر سنين، ولم يقتل أحدًا إنما رضي من الناس بالطاعة، وهؤلاء قد ملكوا أكثر المعمور من الأرض، وأحسنه وأكثره عمارة وأهلًا، وأعدل أهل الأرض أخلاقًا وسيرة في نحو سنة".
وأبرز ما يتسم به التتار أنهم كانوا لا يلتزمون بأية مواثيق أخلاقية غير أنهم بشر، وليسوا ببشر، فهم أناس بلا قلوب، فكان القتل والتخريب والهمجية منهاجهم الوحيد في حروبهم، فكان يسهل عليهم دخول مدينة من المدن فيدمرونها بأكملها، ويقتلون سكانها بالكامل من دون التفرقة بين رجل وامرأة، ولا بين صغير وكبير، ولا بين مدني وعسكري، فلم يقصدوا سوى الإبادة الجماعية، وكانوا يتسمون بطبيعة دموية يفوقون بها الحيوانات الشرسة، وكأن غايتهم التخريب والتدمير وليس إتيان المُلك والمال، فقد وسعوا العالم سفكًا للدماء ونهبًا للأموال بلا رحمة وبقلوبٍ قاسية كالحجارة بل هي أشد قسوة والعياذ بالله.
لكن في النهاية يغلب على السفر في الزمن أو قراءة التاريخ نوعٌ من المتعة التي تقترن بمشقة السفر، إلا أنّ القراءة في قصة التتار فيغلب عليها الرعب والهلع لدرجة أن من يطلع عليها قد يجف ريقه ويتعكر مزاجه إن لم يبكِ من هول أحداثها وما فيه من مبالغات قد يصعب على العقل تصورها؛ لكنها وقعت بالفعل!
كان أول ظهور لقوة دولة التتار أو المغول في منغوليا بالصين عام 603 هـ (1206م)، وكان أول قادة هذه الدولة جنكيز خان الذي كان سفاحًا سفاكًا للدماء على نحو وحشي، لا ينازعه في الوحشية أحد على مدى التاريخ كما يقول المؤرخون. لكن سرعان ما توسعت هذه الدولة، وانتشرت كالنارِ في الهشيم، فتمددت دولة التتار في غضون سنة واحدة (617 هـ - 1220 م) حتى بلغت حدودُها كوريا شرقاً إلى حدود الدولة الخوارزمية (آسيا الوسطى وغرب إيران) غرباً، ومن سهول سيبيريا شمالًا إلى بحر الصين جنوباً، ثم بدأت بالتوسع غربًا فأوسعت البلاد قتلًا وتخريبًا ودمارًا على نحو بشع ومرعب لدرجة أن الناس ظنت أنها قيام الساعة، كما ورد في كتاب "الكامل في التاريخ" لابن الأثير، إذ قال: "فلو قال قائل: إن العالم مذ خلق الله سبحانه وتعالى آدم إلى الآن لم يبتلوا بمثلها لكان صادقًا".
وقد قال ابن الأثير أيضًا: "فإن الإسكندر الذي اتفق المؤرخون على أنه ملك الدنيا لم يملكها في هذه السرعة إنما ملكها في نحو عشر سنين، ولم يقتل أحدًا إنما رضي من الناس بالطاعة، وهؤلاء قد ملكوا أكثر المعمور من الأرض، وأحسنه وأكثره عمارة وأهلًا، وأعدل أهل الأرض أخلاقًا وسيرة في نحو سنة".
وأبرز ما يتسم به التتار أنهم كانوا لا يلتزمون بأية مواثيق أخلاقية غير أنهم بشر، وليسوا ببشر، فهم أناس بلا قلوب، فكان القتل والتخريب والهمجية منهاجهم الوحيد في حروبهم، فكان يسهل عليهم دخول مدينة من المدن فيدمرونها بأكملها، ويقتلون سكانها بالكامل من دون التفرقة بين رجل وامرأة، ولا بين صغير وكبير، ولا بين مدني وعسكري، فلم يقصدوا سوى الإبادة الجماعية، وكانوا يتسمون بطبيعة دموية يفوقون بها الحيوانات الشرسة، وكأن غايتهم التخريب والتدمير وليس إتيان المُلك والمال، فقد وسعوا العالم سفكًا للدماء ونهبًا للأموال بلا رحمة وبقلوبٍ قاسية كالحجارة بل هي أشد قسوة والعياذ بالله.