توالت التحذيرات الأمنية للسفارات الغربية في العاصمة اللبنانية بيروت، طيلة نهاية الأسبوع الماضي، وتركت السلطات الرسمية مواطنيها تحت انطباع بأن عملاً "إرهابياً" وشيك الحدوث.
وبعد أن نجحت التحذيرات الغربية التي نقلتها سفارات الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا إلى مواطنيهم وموظفيهم في إثارة الرأي العام اللبناني، جاء الرد الرسمي بأربعة ألسن مُختلفة، وبدا غياب التنسيق واضحاً بين رئاسة الجمهورية ووزارتي الداخلية والخارجية وقيادة الجيش، وهي الجهات التي ردت تباعا على أخبار التحذيرات الغربية بأسلوب عاتبَ "حالة الهلع التي أثارتها بيانات السفارات".
وبدا لافتاً في بيان قيادة الجيش إفشاء اسم المواطن المصري، فادي إبراهيم أحمد علي أحمد، الملقب بـ"أبو خطاب"، وهو متوارٍ في مخيم عين الحلوة، في محاولة للتأكيد للرأي العام أن الجيش يُتابع كافة تحركات التنظيمات المُتطرفة في لبنان، وأن معلومات السفارات الغربية متقاطعة مع تلك التي يتعامل معها الجيش.
واللافت في إعلان اسم "أبو خطاب" أن الرجل بقي بعيداً عن الأضواء في المخيم، رغم الأحداث الأمنية والاشتباكات طويلة الأمد، التي شهدتها أزقة المخيم خلال الأعوام القليلة الماضية.
ويعود ذلك، إلى أن تواجد العدد القليل من عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في مخيم عين الحلوة يتجاوز المعارك الداخلية والحسابات الفلسطينية واللبنانية، إلى الإشراف على العمليات الأمنية والانتحارية للتنظيم في العراق وسورية ولبنان. وهو ما يبقي عناصر التنظيم بعيدين عن التداول الإعلامي في القضايا الأمنية المرتبطة بالمخيم وحده.
وأكدت مصادر محلية في مدينة صيدا، التي يقع فيها المخيم، لـ"العربي الجديد"، أن مُختلف الفصائل الإسلامية في المُخيم "نفت أو تغاضت عن معرفتها بوجود أبو خطاب في المخيم، في محاولة للتقليل من الأثر الإعلامي لكشف اسمه".
وبحسب المصادر نفسها فإن "سلاح أبو خطّاب هو المال، وهو معروف بأنه من أكثر المتشددين تموّلا داخل المُخيم".
وتجدر الإشارة إلى أن عدد المطلوبين المُصنفين خطيرين في مخيم عين الحلوة لا يتجاوز الخمسين كحد أقصى، وهو ما كشفته "وكالة الأنباء المركزية" في لبنان، التي حصلت على نسخة من قائمة المطلوبين التي سلمها جهاز استخبارات الجيش اللبناني إلى مرافقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال زيارته الأخيرة إلى لبنان.
وتضم اللائحة فلسطينيين وسوريين ولبنانيين، بينهم مجموعة شادي المولوي ومجموعات الشيخ الموقوف أحمد الأسير، والمغني فضل شاكر، وآخرون ينتمون لمجموعات مُتشددة كأسامة الشهابي، وهيثم ومحمد الشعبي، وهلال هلال، ورائد عبدو، وتوفيق طه، ومحمد المصري، وبلال بدر، وبلال العرقوب، وأبو جمرة الشريدي، ويوسف شبايطة، وزياد أبو النعاج، ورامي ورد، وجمال حمد، ورائد جوهر، ومحمد جمعة، وزياد الشهابي، وبهاء الدين حجير. ويتوزع هؤلاء في أحياء الصفصاف وحطين والرأس الأحمر والمنشية والطوارئ.
وقد حالت الخلافات الداخلية والحسابات المتعارضة للفصائل الوطنية والإسلامية الفلسطينية والخلاف داخل "حركة فتح"، دون التوصل للمعالجات السياسية والعسكرية التي حاولت إنهاء الوجود المُتطرف داخل أزقة المُخيم.
ولم ترق المعالجة الفلسطينية لملف المخيم إلى حجم المخاطر التي يمثلها عدد قليل من المُتطرفين على حياة حوالى 100 ألف لاجئ مدني في المخيم، وعلى مصير "داعش" الذي غادر عناصره الأراضي الحدودية بين لبنان وسورية بعد تسوية مع "حزب الله"، ولكنه لا يزال يملك موطئ قدم على الأراضي اللبنانية داخل أزقة عين الحلوة.