في مناسبة الذكرى المائة على ولادة أول رئيس لجنوب أفريقيا بعد انهيار نظام الفصل العنصري، نيلسون مانديلا (ولد في 18 يوليو/ تموز 2018 ومات في 5 ديسمبر/ كانون الأول 2018) والذي انتخب رئيساً للبلاد عام 1994 وبقي في المنصب حتى عام 1999، استعرضت وكالات الأنباء أحوال البلد الذي يقطنه أكثر من 55 مليون نسمة.
باختصار، فإنّ الوضع أسوأ بكثير على كل من المستويات الاقتصادية والاجتماعية والصحية. والسوء هذا يلحق خصوصاً بالأكثرية غير البيضاء التي تتجاوز نسبتها 90 في المائة من سكان البلاد، إذ إنّ الفصل العنصري والتمييز قد أزيلا من القانون، وسنّت عقوبات ضد من يرتكب الإساءة العنصرية، لكنّ الإساءة هذه قائمة من خارج الإطار الفردي ليطاول الفقر المدقع، وهو أسوأ أشكال التمييز على الإطلاق، 20 في المائة من عائلات الأكثرية غير البيضاء، فيما لا يتجاوز الرقم لدى البيض أكثر من 2.9 في المائة.
الغريب في الأمر للمراقب المحايد الذي يتعامل بلغة الأرقام والنمو في الأنظمة الرأسمالية، ويتغافل عمّا تخبئ الأرقام تحتها من عدم مساواة هو من أسس النظرية الرأسمالية وتعديلاتها اللاحقة، أنّ السود كانوا خلال فترة حصار المجتمع الدولي لنظام الفصل العنصري الذي يمثله البيض، هم الفئة المستضعفة المستعبدة الواقعة في الفقر المدقع، بينما لم يتأثر البيض كثيراً بذلك الحصار إلاّ على المستوى السياسي الدولي. أما بعد سقوط نظام الفصل العنصري وإقرار الدستور الجديد وتعديل القوانين، وانتخاب رئيس أسود للمرة الأولى، ومع مضيّ 24 عاماً على ذلك، فما زالت الحال على ما هي عليه: أقلية بيضاء غنية تعيش في مجمعات سكنية آمنة وراقية وغنية، وأكثرية سوداء (ومن أعراق أخرى) تعاني من الفقر المدقع والبطالة والأمراض وفي مقدمها الأيدز، بالإضافة إلى انتشار المخدرات والجريمة والاغتصاب والعنف ضد النساء وغيرها كثير من المشاكل.
اقــرأ أيضاً
لكنّ كلّ ذلك ليس غريباً ومن منظور آخر يفضح نهجاً تاريخياً يعتبر أنّ الشعوب قاصرة عن حكم نفسها بنفسها، فإذا ما أصرت على ذلك النضال من أجل الحرية ابتليت بألف بلاء. وإن لم يكن الاحتلال قائماً كما في حالة فلسطين، وإذا لم تكن الحروب مشتعلة كما في حالة كثير من بلدان العالم العربي وأفريقيا، حظيت الشعوب الممنوعة من حقها بما يدمرها من قلبها بالذات، حتى تصبح شعوباً مهترئة بكلّ ما فيها من عنفوان حضاري وثقافي وتاريخي وأيديولوجي.
هو تدمير يستخدم أداتين تغذيان بعضهما بعضاً وتأتي بدمى تتولى المسؤوليات وتتحكم بالإدارات، ولو من الأكثرية نفسها؛ أداتي فساد وقمع ممعنتين في الشعب تدميراً حتى يندم على طلبه تلك الحرية في يوم من الأيام.
باختصار، فإنّ الوضع أسوأ بكثير على كل من المستويات الاقتصادية والاجتماعية والصحية. والسوء هذا يلحق خصوصاً بالأكثرية غير البيضاء التي تتجاوز نسبتها 90 في المائة من سكان البلاد، إذ إنّ الفصل العنصري والتمييز قد أزيلا من القانون، وسنّت عقوبات ضد من يرتكب الإساءة العنصرية، لكنّ الإساءة هذه قائمة من خارج الإطار الفردي ليطاول الفقر المدقع، وهو أسوأ أشكال التمييز على الإطلاق، 20 في المائة من عائلات الأكثرية غير البيضاء، فيما لا يتجاوز الرقم لدى البيض أكثر من 2.9 في المائة.
الغريب في الأمر للمراقب المحايد الذي يتعامل بلغة الأرقام والنمو في الأنظمة الرأسمالية، ويتغافل عمّا تخبئ الأرقام تحتها من عدم مساواة هو من أسس النظرية الرأسمالية وتعديلاتها اللاحقة، أنّ السود كانوا خلال فترة حصار المجتمع الدولي لنظام الفصل العنصري الذي يمثله البيض، هم الفئة المستضعفة المستعبدة الواقعة في الفقر المدقع، بينما لم يتأثر البيض كثيراً بذلك الحصار إلاّ على المستوى السياسي الدولي. أما بعد سقوط نظام الفصل العنصري وإقرار الدستور الجديد وتعديل القوانين، وانتخاب رئيس أسود للمرة الأولى، ومع مضيّ 24 عاماً على ذلك، فما زالت الحال على ما هي عليه: أقلية بيضاء غنية تعيش في مجمعات سكنية آمنة وراقية وغنية، وأكثرية سوداء (ومن أعراق أخرى) تعاني من الفقر المدقع والبطالة والأمراض وفي مقدمها الأيدز، بالإضافة إلى انتشار المخدرات والجريمة والاغتصاب والعنف ضد النساء وغيرها كثير من المشاكل.
لكنّ كلّ ذلك ليس غريباً ومن منظور آخر يفضح نهجاً تاريخياً يعتبر أنّ الشعوب قاصرة عن حكم نفسها بنفسها، فإذا ما أصرت على ذلك النضال من أجل الحرية ابتليت بألف بلاء. وإن لم يكن الاحتلال قائماً كما في حالة فلسطين، وإذا لم تكن الحروب مشتعلة كما في حالة كثير من بلدان العالم العربي وأفريقيا، حظيت الشعوب الممنوعة من حقها بما يدمرها من قلبها بالذات، حتى تصبح شعوباً مهترئة بكلّ ما فيها من عنفوان حضاري وثقافي وتاريخي وأيديولوجي.
هو تدمير يستخدم أداتين تغذيان بعضهما بعضاً وتأتي بدمى تتولى المسؤوليات وتتحكم بالإدارات، ولو من الأكثرية نفسها؛ أداتي فساد وقمع ممعنتين في الشعب تدميراً حتى يندم على طلبه تلك الحرية في يوم من الأيام.