يتسلّم الجيش اللبناني، اليوم الإثنين، الدفعة الأولى من صفقة السلاح الفرنسي، والتي تبلغ قيمتها ثلاثة مليارات دولار أميركي قدّمتها السعوديّة هبة للبنان، في نهاية عهد الرئيس، ميشال سليمان. وبحسب مصادر عسكرية لبنانية، سيستلم الجيش، صباح اليوم، في قاعدة بيروت الجوية، دفعة من صاروخ "ميلان" المضاد للدروع، إضافة إلى بعض الآليات والأسلحة الخفيفة والذخائر، وذلك خلال التوقيع الرسمي على صفقة السلاح، والذي سيشارك فيه وزيرا الدفاع اللبناني، سمير مقبل، والفرنسي، جان إيف لودريان، على أن يتلقى الجانب اللبناني باقي الأسلحة على مدى أربع سنوات، وسيستمر برنامج التدريب الذي سيشارك فيه المئات من الضباط والجنود اللبنانيين في فرنسا لمدة سبع سنوات. أما برنامج صيانة الأسلحة فسيستمر لعشر سنوات.
اقرأ أيضاً: فرنسا تعلن إنجاز صفقة الأسلحة المُموَّلة سعوديّاً للجيش اللبناني
يُبرّر الطرف الفرنسي التأخير في تسليم باقي الأسلح، ومن أهمها "مروحيات حربية وأسلحة برية متطورة وزوارق بحرية يصل طولها إلى 40 متراً مزودة بمدفع 76 ملمتراً"، بأنه يتم تصنيع هذه الأسلحة، بحسب ما أبلغت مصادر عسكرية لبنانية "العربي الجديد"، وأكدت هذه المصادر أن لبنان طلب تعديلات على الأسلحة الفرنسية بما يتناسب مع حاجات الجيش اللبناني.
ويبلغ عدد الجيش في لبنان نحو 60 ألف عسكري، ويخوض منذ شهر أغسطس/آب الماضي معركة أساسيّة ضد المسلحين من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة، اللذين احتلا بلدة عرسال الحدودية لأيّام.
ولفت مصدر عسكري رفيع المستوى لـ"العربي الجديد" إلى أن قيادة الجيش أصرت على الحصول على ما تُريده من سلاح، ولم تقبل كل ما عُرض عليها، "فنحن نريد أن نستفيد من هذه الهبة لبناء جيشٍ يستفيد منه الجيل المقبل". وتُضيف هذه المصادر أن الجيش لا يزال يستفيد من سلاح اشترته الحكومة في منتصف ثمانينيات القرن الماضي، ولم يحصل الجيش على تجديد نوعي لسلاحه منذ ذلك الحين.
ومن الأمثلة التي تذكرها المصادر العسكرية، رفض شراء دبابات "لوكلير" بسبب كلفة شرائها وصيانتها العالية، إضافة إلى محدودية فعاليتها في الواقع اللبناني، وفضّل الجيش شراء عربات مدرعة، سيتم تجهيزها بمدافع موجهة. وتشبه هذه المصادر الدبابات بطائرات ميغ 29، التي تبرعت بها موسكو للبنان، ليتبيّن لاحقاً أنها غير مجهزة عسكرياً، وتبلغ قيمة تجهيزها وتجهيز المطارات العسكرية اللبنانيّة لاستقبالها مبلغاً يوازي كلفة شرائها، فرفض الجيش الحصول عليها.
وتقول المصادر العسكرية اللبنانية إن هذا السلاح سيُحدث نقلة نوعية بالنسبة للجيش اللبناني، لكنه لن يسمح له بالانتقال من الحالة الدفاعية إلى شن "الحرب الاستباقية على الإرهابيين". وتربط المصادر هذا الأمر بعدم توفر كميات كبيرة من الذخيرة والأسلحة الموضوعة بتصرف الجيش.
اقرأ أيضاً: بدء تنفيذ صفقة تسليح الجيش اللبناني: رسائل وخطوط حمراء
اقرأ أيضاً: الهِبة السعودية للبنان: قطع الطريق أمام هبة طهران
ويُشير رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات والعلاقات العامة، العميد المتقاعد هشام جابر، في حديث مع"العربي الجديد"، إلى أن الجيش بحاجة لكل شيء على صعيد الأسلحة، ويلفت إلى أن مدافع الميدان (155 ملمتراً)، التي قدمتها الولايات المتحدة الأميركية للجيش، كانت مفيدة جداً في معارك الجرود.
لكن جابر يُشير إلى وجود تلكؤ فرنسي غير مبرر في تسليم الأسلحة الأكثر تأثيراً، وهي المروحيات. ويعتقد جابر، الذي عمل سابقاً ملحقاً عسكرياً في السفارة اللبنانيّة في باريس، أن شركات تصنيع الأسلحة الفرنسية تملك مخزوناً كان يُمكن تسليمه للبنان، خصوصاً على صعيد المروحيات. ويُشير جابر إلى أن هذا السلاح، يُعتبر الأكثر أهميّة حالياً للجيش في الجرود، خصوصاً أن "فوج المجوقل تعني الفوج المنقول جواً، لكنه يتنقل حالياً بالآليات وأحياناً سيراً على الأقدام بسبب وعورة الجرود".
اقرأ أيضاً: "معركة الربيع" مؤجلة: حذر لبناني وتعزيز لقدرات الجيش
ويرى جابر أن كلّ سلاح جديد يُشكّل إضافة إلى الجيش اللبناني، لكنه يُفضل انتظار وصول السلاح للحكم على نوعيته، وبالتالي الحكم على مدى تأثيره.
أمّا في ما يخصّ موقف إسرائيل من هذه الصفقة، فتؤكّد المصادر العسكرية أن هذا الأمر كان مشكلة فرنسا وليس لبنان، وأن الجيش حصل على ما يُريده من رادارات ومضادات جوية. في المقابل، يقول جابر إن لا تأثير جدي لهذا السلاح على اسرائيل، "إذ لا تحلم أية دولة عربية، وليس لبنان فقط، بأن تحصل على سلاح دفاع جوي يستطيع التفوق على سلاح الجو الإسرائيلي". ويلفت جابر إلى أن إسرائيل وافقت على حصول لبنان على رادارات تعمل ضمن إطار محدد، ورفضت حصول لبنان على أية معدّات يُمكن أن تُساهم لاحقاً بعرقلة شبكة الاتصالات الإسرائيلية أو تمنع قدرة إسرائيل على التجسس على الشبكة اللبنانيّة، وبالتالي يعتقد جابر أن السلاح الذي حصل عليه الجيش، سيكون فعالاً "ضد الإرهاب وفي الداخل إذا اضطر الأمر".
هذه الصفقة الفرنسيّة، إضافة إلى المساعدات الأميركيّة التي كان أبرزها شحنة تضمنت 70 مدفع هاوتزر M198 وحوالى 26 مليون طلقة ذخيرة، ومدفعية من مختلف الأعيرة، بما في ذلك المدفعية الثقيلة، في فبراير/شباط الماضي، والتي جعلت لبنان خامس دولة في ترتيب الدول التي تتلقى مساعدات عسكرية أميركيّة (مليار دولار أميركي خلال ثماني سنوات)، تؤكّد أن الجيش اللبناني يرتبط بعلاقات أكثر من وثيقة مع الدول الغربيّة. وهو ما تُرجم بانضمام لبنان للتحالف الدولي ضد "داعش"، وهي من المرات النادرة التي ينضم فيها لبنان إلى تحالفات عسكرية دولية.
اقرأ أيضاً: تسليح إيران الجيش اللبناني: "شرعنة" الحضور في بيروت