وتشير الصحيفة، في التقرير الذي نشرته الأسبوع الماضي، إلى أن أشجار الأرز المعروفة باسم "أرز لبنان"، تتركز بالأساس في ثلاث محميات حالياً وهي محمية أرز الباروك في منطقة الشوف، وأرز تنورين، وأرز بشري الذي يسمى أحياناً "أرز الرب".
وتلفت إلى أن مساحة الأخيرة لا تتعدى هكتارين مربعين، وتضم أقدم وأكبر أشجار الأرز المعروفة، ومن بين نحو 375 شجرة متبقية، يفوق عمر اثنتين منها 3000 عام، في حين يزيد عمر عشر أشجار على 1000 عام، ومنها أربع يزيد عمرها على 1500 سنة.
واستندت الصحيفة إلى تقرير نشرته منظمة "يونيسكو" عام 2016، تحت عنوان "التراث العالمي والسياحة في مناخ متغير" بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، يدرج فيه 31 موقعاً للتراث العالمي الطبيعي والثقافي في 29 بلداً، منها غابات الأرز في لبنان، لتأثيرات المناخ من ارتفاع درجات الحرارة، اشتداد الأحداث المناخية، وتفاقم موجات الجفاف، وطول مواسم حرائق الغابات، وغيرها.
ويبيّن التقرير استناداً إلى باحثين أن تغير المناخ يمكن أن يؤدي إلى انحسار تجمعات الأرز اللبناني في ثلاثة ملاذات فقط بحلول عام 2100، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة والإجهاد المائي الناجم عن انخفاض الرطوبة في منطقة البحر المتوسط.
وينبه إلى أن التجمعات النباتية الأخرى في لبنان تمكنت من التكيف مع تغير المناخ بالزحف إلى ارتفاعات أعلى، في حين أن غالبية غابات الأرز في لبنان هي معزولة أصلاً على قمم الجبال أو قربها، فلا مكان أعلى يمكنها الانتقال إليه.
ويشير التقرير إلى أن غابة "أرز الرب" في وادي قاديشا استثناء لهذه القاعدة، وهي إحدى ثلاث غابات أرز يتوافر لها موئل أعلى لانتقال محتمل، ما يجعل حمايتها أكثر إلحاحاً. والجدير ذكره أن غابة الأرز في منطقة بشري وهي محاذية لوادي قاديشا أدرجتها "يونيسكو" على قائمة التراث العالمي عام 1998.
ويؤكد تقرير المنظمة أن هجمات الحشرات لشجر الأرز، يضاعف مساوئ الجفاف المتزايد والقحل، ما يجعل انتشارها يهدد غابتي الأرز في بلدة تنورين وبلدة الباروك في منطقة الشوف الأعلى، وصولاً إلى بشري. وهذا الواقع البيئي الذي يتهدد أرز لبنان بالخطر، دفع للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة إلى إدراجه على القائمة الحمراء للأنواع السريعة التأثر بالتغير المناخي.
وتحدثت الصحيفة الأميركية إلى منسق السياحة البيئية لمحمية الشوف للمحيط الحيوي، عمر أبو علي، الذي أوضح أن محمية أرز الباروك هي الأكبر مساحة بين محميات الأرز في لبنان. ويلفت إلى تغير المناخ واعتدال الشتاء الذي كان في السابق شديد البرودة على المرتفعات والمناطق الجبلية.
ويعتبر أبو علي أن الإنبات المبكر في أوائل إبريل/نيسان لشتلات الأرز بدلاً من أوائل مايو/أيار كما كان الحال في السابق، ينذر بخطر موتها وتعرضها أكثر لخطر الحشرات. ويقول: "منذ جيل مضى كان المتساقطات بين أمطار وثلوج تستمر نحو 105 أيام في السنة في الجبال، وكان الثلج يغطيها بين ثلاثة إلى أربعة أشهر من السنة. في حين اقتصر فصل الشتاء الماضي على 40 يومًا من المطر فقط، وشهر واحد من الغطاء الثلجي".
ويصرح مدير المحيط الحيوي لمحمية أرز الشوف، نزار هاني، للصحيفة قائلاً: "إن تغير المناخ حقيقة هنا"، ثم يضيف: "هناك مطر أقل، ودرجات حرارة أعلى، وأكثر تطرفا"، سواء الساخنة أو الباردة.