التغيير بكبسة زر

05 أكتوبر 2016
متظاهرون أردنيون مناهضون لاستيراد الغاز الإسرائيلي (أحمد الأمين/فرانس برس)
+ الخط -
تشي ردود الفعل الرسمية الأردنية بأن ما حدث مساء يوم الأحد الماضي شكل ضربة موجعة للحكومة على نحو كبير لم تتوقعه ولم تضعه في حسبانها. ويبدو من ردودها العصبية أنها أصيبت بالذعر من حجم الاستجابة الشعبية لشكل الاحتجاج الجديد وغير المألوف على الساحة الأردنية. عند الساعة التاسعة من مساء ذلك اليوم غرقت أجزاء واسعة من المدن الأردنية بعتمة إرادية ولمدة ساعة واحدة تلبية لمبادرة فيسبوكية أطلقها مناهضو استيراد "الغاز الإسرائيلي" الذي وقعت شركة الكهرباء الوطنية، التي تملكها حكومة بلادهم بالكامل، رسمياً على استيراده. 

سلطت العتمة الضوء بشكل مباشر على مساحة الرفض الشعبي الواسع للاتفاقية التي ستجعل من التطبيع مع العدو فعلاً قسرياً يساق إليه الشعب بأكمله دون منحه حق الاختيار. وقالت الأغلبية الصامتة كلمتها للمرة الأولى منذ زمن عندما أطفأت أنوار بيوتها مصرحة بشكل ضمني "لا للتطبيع"، وهاتفة دون أن يعلو صوتها "غاز العدو احتلال".

النجاح منقطع النظير للمبادرة أزعج الحكومة أضعافاً مضاعفة من الإزعاج الذي تسببت فيه مئات المسيرات والاعتصامات والفعاليات الرافضة للاتفاقية والتي لم تنقطع منذ الكشف عنها في سبتمبر/أيلول 2014. ردة الفعل الرسمية المنزعجة من المبادرة عبّر عنها نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، جواد العناني، الذي حاول بث روح الإحباط في نفوس المواطنين المنتشين بالإنجاز الذي تحقق بتقليله من أثر إطفاء أنوار المنازل على تكلفة الكهرباء.

قدم العناني، العائد من مشاركته كممثل للحكومة في جنازة الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، دون أن تبدو على ملامحه آثار الخجل، تفسيرات تقنية في مواجهة مبادرة سياسية، فشرح للمواطنين عن الأجهزة الأكثر استهلاكاً للكهرباء والتي ليس من بينها مصابيح الإنارة. شركة الكهرباء الوطنية عبّرت أيضاً عن انزعاجها من المبادرة من خلال رفض الكشف لوسائل الإعلام كم بلغ الحمل الكهربائي بالتزامن مع تنفيذ المبادرة، حتى لا تثبت في نفوس المواطنين نشوة الانتصار بشكل يدفعهم للذهاب إلى ما هو أبعد. جميع الدلائل تشير إلى أن الغالبية الصامتة انتصرت، وأن التغيير بات اليوم ممكناً بكبسة زر.

المساهمون