التقلبات الجوية تفيض بالرزق على صيادي غزة

29 نوفمبر 2015
توقعات بزيادة الإنتاج السمكي في غزة(عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
على الرغم من كونه عجوزاً تجاوز العقد السادس من العمر، إلا أن الصياد الفلسطيني جمال الهسي لا يتردد بالنزول إلى البحر برفقة شباك الصيد في الأيام الأولى التي تلي انحسار المنخفضات الجوية المصحوبة غالباً برياح قوية تحرك الأمواج وتقذف بالأسماك إلى مناطق قريبة من الشاطئ.
وتمثل فترة التقلبات الجوية التي تسيطر على أجواء قطاع غزة في كل عام مع مطلع شهر أكتوبر/تشرين الأول حتى شهر ديسمبر/ كانون الأول، فرصة مميزة لرواد البحر ليصطادوا فيها كميات كبيرة من الأسماك المهاجرة من الشواطئ الأوروبية الباردة إلى الدافئة نسبياً.
ويوضح الهسي لـ "العربي الجديد" أنه مع بدء فصل الخريف يبدأ موسم الهجرة لدى الأسماك، التي تمر أثناء رحلتها من المناطق المحاذية لشواطئ غزة، وفي ذات التوقيت يشهد القطاع فترة تقلبات جوية تدفع بالأسماك أكثر نحو الشاطئ، الأمر الذي يجعلها في متناول شباك الصيادين بكل سهولة.
ويصف الهسي موسم الصيد أثناء فترة التغيرات الجوية بـ"المتميز"، مضيفاً: "تقذف أمواج البحر العالية أصنافاً متعددة من الأسماك التي تعيش في مناطق بعيدة يصعب على صيادي غزة الوصول إليها، نتيجة وجودها في نطاق بحري لا يسمح جنود الاحتلال الإسرائيلي للصيادين بالعمل فيه".
ونصت اتفاقية أوسلو، التي وقعت بين السلطة الفلسطينية والاحتلال عام 1993، على السماح للصيادين بالعمل في مساحة 20 ميلاً بحرياً، التي يتوفر فيها الصيد الوفير، ولكن الاحتلال قلص على مدار السنوات التسع الماضية المساحة تدريجياً، بين ثلاثة وستة أميال وذلك لحجج أمنية مختلفة.
وسمحت قوات الاحتلال للصيادين بالدخول إلى مسافة ستة أميال، بعد انتهاء العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، صيف العام الماضي 2014، على أن تتم زيادة المسافة لتصل 12 ميلاً، إلا أن قوات الاحتلال لم تلتزم بذلك بل تتعرض للصيادين بشكل مستمر ومتعمد.

أما الصياد محمود السعودي، فأوضح لـ "العربي الجديد" أن أصناف الأسماك التي تتوفر في موسم الصيد الخريفي تتنوع ما بين الدنيس والجمبري والبوري والغزلان وكذلك اللوقس والمحابر والسردين بجانب أصناف أخرى متعددة، مشيراً إلى أنه اصطاد خلال يومين قرابة 110 كيلوجرامات.
وذكر السعودي أنه بعد انتهاء فترة التقلبات الجوية، يترقب الصيادون المنخفضات الجوية التي تحمل لهم بعد انحسارها الرزق الوفير، رغم تضرر بعض معدات وأدوات الصيد الموجودة في مرفأ الصيادين، نتيجة لضعف البنية التحتية وقوة الرياح المصاحبة للمنخفضات.
وتختلف أسعار بيع الأسماك في أسواق غزة حسب صنف السمك، حيث يباع الكيلو الجرام الواحد من سمك اللوقس بقرابة 90 شيكلاً، بينما تباع ذات الكمية من سمك الجمبري والدنيس بقرابة 40 شيكلاً، فيما يصل سعر بيع السردين إلى 20 شيكلاً أو أقل لكل كيلو جرام، (الدولار يعادل 3.90 شواكل).
بدوره، وصف تاجر الأسماك داود شيخة، في حديثه لـ "العربي الجديد" حجم إقبال المواطنين على شراء الأسماك الطازجة خلال الفترة الجارية بـ"المقبول"، رغم وجود أصناف متعددة من الأسماك يندر وجودها في الأسواق المحلية، مرجعاً سبب ضعف الإقبال إلى تردي الأوضاع المعيشية داخل القطاع.
وربط شيخة بين ارتفاع أسعار بيع غالبية أصناف السمك، وبين زيادة حجم التكاليف المادية الملقاة على كاهل الصيادين وتحديداً ارتفاع ثمن أسعار المحروقات اللازمة لتشغيل مراكب الصيد، بالإضافة إلى تداعيات اعتداءات جنود البحرية الإسرائيلية على الصيادين ومراكبهم.
وأوضح شيخة أن الاعتداءات المتكررة تكبد الصيادين خسائر مالية فادحة تجبرهم على هجرة البحر ومهنة الصيد أما بشكل مؤقت أو لفترات طويلة، مشيراً إلى أن المواطنين يترقبون زيادة كميات الأسماك المعروضة في السوق على أمل أن تنخفض أسعار البيع.
ويستهدف الاحتلال الصيادين بشكل شبه يومي عبر إطلاق النار عليهم أو نحو مراكبهم دون سابق إنذار، بجانب اعتقالهم وتدمير معدات الصيد، بينما يحتجز منذ عام 2008 أكثر من 35 مركب صيد صغيراً، تبلغ تكلفة الواحد نحو 15 ألف دولار.
وتقلصت أعداد الصيادين الغزيين تدريجياً منذ عام 2000، من نحو عشرة آلاف صياد إلى قرابة أربعة آلاف، يعيلون أكثر من 50 ألف نسمة، وهم موزعون على ست مناطق صيد تفتقر إلى أدنى مقومات الصيد البحري، وهي شاطئ مدينة غزة والنصيرات ودير البلح وخانيونس ورفح وشمال القطاع.

اقرأ أيضا: رئيس اتحاد مقاولي غزة: الإعمار سيستغرق 20 عاماً
المساهمون