ماهر، طفل سوري آخر نزح مع أهله وتخلى عن طفولته في دمشق، وسط عائلته وأصدقائه. مع ذلك، يحسب لماهر أنّه لم يتخلّ عن المدرسة من أجل العمل في لبنان، بل يذهب إلى المدرسة من أجل مستقبله ويعمل في الوقت نفسه من أجل مساعدة أهله في مصروف البيت.
ماهر كباب، يبلغ من العمر 13 عاماً. نزح مع والديه وشقيقاته الثلاث قبل أربع سنوات. يعيش معهم في منطقة دلّاعة في مدينة صيدا، جنوب لبنان. هو الصبي الوحيد في العائلة، فاثنتان من شقيقاته أكبر منه، وواحدة أصغر. ماهر يعتبر نفسه المعيل الأساسي للعائلة، فالوالد يعجز عن تأمين كامل متطلبات العائلة.
يقول: "أنا سوري من مدينة دمشق الشام. الحرب دمرت بيوتنا وأحلامنا. عندما اشتدت الحرب في سورية قرر والدي النزوح إلى لبنان. هو يعمل في صنع السخّانات الحرارية ويوزعها للمعامل، والمعامل تبيعها بدورها. أو يبيعها والدي للزبائن الذين يحتاجون إليها بشكل مباشر". يتابع: "بعد مجيئنا إلى لبنان استمر والدي في هذا العمل، وبات لديه مقر في منطقة حي الزهور في مدينة صيدا. لكنّه بالكاد يستطيع تأمين المصاريف اللازمة للبيت، من إيجار المحل الذي يعمل فيه وتبلغ قيمته 100 دولار أميركي، إلى إيجار المنزل الذي يبلغ إيجاره 400 دولار. وغيرها من مصاريف الكهرباء والمياه".
يشير إلى أنّ هذا الواقع دفعه إلى العمل. يقول: "قررت العمل في النهار، أبيع القهوة للناس في الشوارع، ولأصحاب وموظفي المحلات التجارية في محيط منزلنا. عندما أستيقظ صباحاً تكون أمي قد أعدّت القهوة، ووضعتها في الإبريق، وجهّزت الفناجين. أنزل باكراً من المنزل كي أبيعها في الشارع. ومن خلال ما أجمعه من مال يومياً وقيمته 15 ألف ليرة لبنانية (10 دولارات) أو أكثر بقليل، أتمكن من تأمين احتياجات المنزل الضرورية".
اقــرأ أيضاً
ماهر كباب، يبلغ من العمر 13 عاماً. نزح مع والديه وشقيقاته الثلاث قبل أربع سنوات. يعيش معهم في منطقة دلّاعة في مدينة صيدا، جنوب لبنان. هو الصبي الوحيد في العائلة، فاثنتان من شقيقاته أكبر منه، وواحدة أصغر. ماهر يعتبر نفسه المعيل الأساسي للعائلة، فالوالد يعجز عن تأمين كامل متطلبات العائلة.
يقول: "أنا سوري من مدينة دمشق الشام. الحرب دمرت بيوتنا وأحلامنا. عندما اشتدت الحرب في سورية قرر والدي النزوح إلى لبنان. هو يعمل في صنع السخّانات الحرارية ويوزعها للمعامل، والمعامل تبيعها بدورها. أو يبيعها والدي للزبائن الذين يحتاجون إليها بشكل مباشر". يتابع: "بعد مجيئنا إلى لبنان استمر والدي في هذا العمل، وبات لديه مقر في منطقة حي الزهور في مدينة صيدا. لكنّه بالكاد يستطيع تأمين المصاريف اللازمة للبيت، من إيجار المحل الذي يعمل فيه وتبلغ قيمته 100 دولار أميركي، إلى إيجار المنزل الذي يبلغ إيجاره 400 دولار. وغيرها من مصاريف الكهرباء والمياه".
يشير إلى أنّ هذا الواقع دفعه إلى العمل. يقول: "قررت العمل في النهار، أبيع القهوة للناس في الشوارع، ولأصحاب وموظفي المحلات التجارية في محيط منزلنا. عندما أستيقظ صباحاً تكون أمي قد أعدّت القهوة، ووضعتها في الإبريق، وجهّزت الفناجين. أنزل باكراً من المنزل كي أبيعها في الشارع. ومن خلال ما أجمعه من مال يومياً وقيمته 15 ألف ليرة لبنانية (10 دولارات) أو أكثر بقليل، أتمكن من تأمين احتياجات المنزل الضرورية".
يضيف ماهر: "بعد إنهائي بيع القهوة، أعود إلى المنزل. أتناول الطعام وأبدّل ملابسي، وأذهب إلى المدرسة. أدرس في مدرسة الإصلاح الرسمية (حكومية مجانية) في ساحة الشهداء في صيدا. دوام التلاميذ السوريين فيها في فترة بعد الظهر. لذلك استطعت التسجيل فيها ومتابعة تعليمي حتى لا أخسر سنواتي الدراسية. أنا الآن في الصف السادس الأساسي، وأذهب إلى المدرسة برفقة شقيقاتي جميعاً".
يحاول ماهر مع متابعة دراسته في لبنان إلى جانب عمله أن يتابع حياته، ولو أنّه بات يفقد الكثير من صفاته كطفل في عمره بسبب المسؤوليات المتراكمة على عاتقه. في المدرسة لديه الكثير من الأصدقاء. مع ذلك، هم ليسوا كأصدقائه الذين ترك أحلامه معهم في العاصمة السورية. جوانب أخرى تغيّرت إلى أقصى حدّ في حياته وحياة عائلته. فالبيت الذي كانوا يسكنون فيه في سورية كان ملكاً لهم، ولا يعانون من أجل تأمين المبلغ المطلوب لسداد إيجار مترتب عليه كما هو الحال اليوم. كما كان محلّ والده في الشام ملكاً له. لم يكن ماهر يضطر إلى الخروج صباحاً إلى العمل، ولا إلى الذهاب إلى المدرسة في فترة بعد الظهر كي يتلقى تعليمه. كان وقته مقسماً ما بين مدرسته الصباحية وتحضير دروسه لاحقاً ولعبه مع أصدقائه بقية النهار. كانت أوضاع العائلة المادية جيدة، وحركة البيع في محلّ والده أفضل بكثير ممّا هي عليه اليوم.
في سورية، كان ماهر طفلاً بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى. لكنّه في لبنان يفقد شيئاً فشيئاً تلك الطفولة مع كلّ جولة يومية له على المحال التجارية وهو يحمل إبريق القهوة والفناجين. مع ذلك، يشعر أنّ المدرسة التي يذهب إليها والأصدقاء هناك يحافظون بعض الشيء على أمل يسكنه في أن تنتهي هذه المحنة التي يعيشها هو وعائلته وجميع السوريين يوماً ما.
يتمنى ماهر العودة إلى سورية. يعتبرها وطنه الذي ليس له غنى عنه. يتمنى أن تنتهي الحرب حتى يعود إلى حياته الطبيعية، إلى بيته الذي يحبه، ومدرسته، وإلى رفاقه الذين لم يعد يعلم أي شيء عنهم. ولا يدري إن كانوا مثله انقلبت أحوالهم وتبدّلت براءتهم بمسؤوليات متراكمة ومتطلبات حياتية.
اقــرأ أيضاً
يحاول ماهر مع متابعة دراسته في لبنان إلى جانب عمله أن يتابع حياته، ولو أنّه بات يفقد الكثير من صفاته كطفل في عمره بسبب المسؤوليات المتراكمة على عاتقه. في المدرسة لديه الكثير من الأصدقاء. مع ذلك، هم ليسوا كأصدقائه الذين ترك أحلامه معهم في العاصمة السورية. جوانب أخرى تغيّرت إلى أقصى حدّ في حياته وحياة عائلته. فالبيت الذي كانوا يسكنون فيه في سورية كان ملكاً لهم، ولا يعانون من أجل تأمين المبلغ المطلوب لسداد إيجار مترتب عليه كما هو الحال اليوم. كما كان محلّ والده في الشام ملكاً له. لم يكن ماهر يضطر إلى الخروج صباحاً إلى العمل، ولا إلى الذهاب إلى المدرسة في فترة بعد الظهر كي يتلقى تعليمه. كان وقته مقسماً ما بين مدرسته الصباحية وتحضير دروسه لاحقاً ولعبه مع أصدقائه بقية النهار. كانت أوضاع العائلة المادية جيدة، وحركة البيع في محلّ والده أفضل بكثير ممّا هي عليه اليوم.
في سورية، كان ماهر طفلاً بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى. لكنّه في لبنان يفقد شيئاً فشيئاً تلك الطفولة مع كلّ جولة يومية له على المحال التجارية وهو يحمل إبريق القهوة والفناجين. مع ذلك، يشعر أنّ المدرسة التي يذهب إليها والأصدقاء هناك يحافظون بعض الشيء على أمل يسكنه في أن تنتهي هذه المحنة التي يعيشها هو وعائلته وجميع السوريين يوماً ما.
يتمنى ماهر العودة إلى سورية. يعتبرها وطنه الذي ليس له غنى عنه. يتمنى أن تنتهي الحرب حتى يعود إلى حياته الطبيعية، إلى بيته الذي يحبه، ومدرسته، وإلى رفاقه الذين لم يعد يعلم أي شيء عنهم. ولا يدري إن كانوا مثله انقلبت أحوالهم وتبدّلت براءتهم بمسؤوليات متراكمة ومتطلبات حياتية.