آخر هذه الإجراءات كان ما نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، يوم الأحد، عن قيام شرطة الاحتلال في القدس بتحويل ملفات ما يقارب 700 فلسطيني اعتقلتهم خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، إلى موظفي بلدية الاحتلال، الجسم الإسرائيلي الإداري في المدينة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر في البلدية، أنه أعطيت لرؤساء مختلف الأقسام فيها، تعليمات صارمة بفحص ملفات هؤلاء المعتقلين أو ملفات أهاليهم في حال كانوا أطفالاً، وفحص إذا ما كانت لديهم أي مخالفات لتعليمات وقوانين البلدية، سواء كانت مخالفات تتعلق بركن السيارات في الشوارع، وصولاً إلى مخالفات البناء.
وبهذه الخطوة توجّه شرطة الاحتلال رسائل تهديد للعائلات الفلسطينية في القدس، بأن أي عمل يعارض وجودها في المدينة سيعني فتح كلّ "الجبهات" عليهم، الأمنية منها والإدارية. وعلى الصعيد القانوني، فإن ذلك يعني أن الطفل الذي ألقى حجراً على دورية شرطة على سبيل المثال، لن يُعاقَب بالسجن فحسب، بل سيُعاقب أهله في مصدر رزقهم وفي مكان سكنهم.
ففي حال كان المعتقل طفلاً، ستقوم بلدية الاحتلال بتتبّع أهله إذا كانوا يملكون محلاً تجارياً وإذا كان يعمل بترخيص من البلدية أم لا، بل وحتى ستفحص البلدية إن كانت اللافتة التجارية المعلّقة في الشارع والتي تدل على هذا المحل مرخصة من البلدية أم لا. كما ستفحص طواقم البلدية مدى التزام أهالي المعتقلين أو المعتقلين أنفسهم بدفع ضريبة "أرنونا"، وهي ضريبة العقارات الإسرائيلية.
كما ستفحص طواقم البلدية إن كان للمعتقل أو لأهله "بسطة" تجارية، وإن كانت تعمل وفق التراخيص الإسرائيلية أم لا.
وأُعطيت تعليمات لقسم الصحة في بلدية الاحتلال بتتبّع أهالي المعتقلين ممن يملكون مراكز تجارية لبيع اللحوم، وفحص إن كانوا يتبعون التعليمات الإسرائيلية فيما يخص مصدر اللحوم والبيض وطرق التعامل معها ونقلها. وفي حال تبين أن مصدر اللحوم هو الضفة الغربية، بما يخالف القوانين الإسرائيلية الصارمة، ستتم مصادرتها.
وستصل هذه التعليمات إلى القضية الأكثر إيلاماً للمقدسيين، قضية هدم البيوت، إذ ستجري البلدية تحرياتها حول بيوت هؤلاء المعتقلين إن كانت بُنيت برخصة من البلدية أو لا، وستُصدر بحقها إما مخالفات بناء مرتفعة القيمة، أو أوامر هدم.
وتعتبر بلدية الاحتلال التصعيد الأمني الإسرائيلي في المدينة المحتلة، فرصتها النادرة لجباية الأموال والضّرائب المرتفعة من المقدسيين، مستغلة الجوّ العام الرسمي الإسرائيلي الذي يؤيد سياسة القبضة الحديدية مع المقدسيّين.
وتدّعي البلدية أنها لم تكن في الماضي تستطيع التجول في الأحياء الفلسطينية في القدس وفرض قوانينها لعدم توافر المرافقة الشرطية الأمنية الكافية، إلا أنه وفي ظل انتشار عناصر شرطة الاحتلال في مختلف أزقة هذه الأحياء، فإن المهمة أصبحت أسهل، على حدّ زعمها.
يُذكر أن طواقم بلدية الاحتلال وسلطة الضرائب الإسرائيلية، تشنّ برفقة حراسة مشدّدة من الشرطة، منذ ما يقارب ثلاثة أسابيع، مداهمات في الأحياء. وتقوم هذه الطواقم خلال مداهماتها، بتفتيش المحلات التجارية والسؤال عن تراخيصها التجارية، وفحص مدى التزام أصحابها بدفع الضرائب في موعدها، كما أنها قامت بتغريم العديد من أصحاب المحلات وأمرت بعضهم بإغلاقها.
وتأمل سلطات الاحتلال من خلال هذه الإجراءات الانتقامية الحدّ من حوادث إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة وغيرها باتجاه شرطة الاحتلال أو مرافق الاحتلال كوسائل النقل.