يثير قرار الحكومة بإمكانية خفض سعر المحروقات بداية من 2016 استياء وسخرية جزء كبير من التونسيين، معتبرين أن نسب التخفيض التي أعلن عنها وزير المالية لا تسمن ولا تغني من جوع، خاصة أن أسعار المحروقات قد شهدت على امتداد السنوات الأربعة الماضية ما يزيد عن ثلاث مراجعات في اتجاه الزيادة.
وقال وزير المالية، سليم شاكر، إن الحكومة أدرجت مقترح تخفيض في سعر المحروقات بين 20 و50 مليما في اللتر ضمن مشروع قانون موازنة العام المقبل، تماشيا مع تراجع سعر النفط في السوق العالمية.
ويعتبر تونسيون أن الإجراء الذي تعتزم الحكومة اتخاذه مجرد ذر رماد في العيون لحماية نفسها من الانتقادات التي تواجهها بسبب الارتفاع الكبير لكلفة المعيشة، مشيرين إلى أن هذا القرار جاء متأخرا وأنه كان على الحكومة التخفيض في سعر المحروقات منذ أشهر بعد أن تهاوى سعر النفط في السوق الدولية إلى نحو خمسين دولارا، فاقدا أكثر من نصف قيمته التي كان عليها صيف 2014.
ورغم إعلان البنك المركزي التونسي في مذكرته الصادرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أن تأثيرات انخفاض أسعار البترول الخام ستكون محدودة على مستوى الاقتصاد الوطني وتحديداً نسب النمو، فإن البنك الدولي قد أصدر طرحا مغايرا بالكامل وذلك في سياق نشرة الآفاق الاقتصادية الدولية الصادرة بتاريخ 13 يناير/كانون الثاني 2015.
وتفسّر السلطة النقدية التونسية محدودية تداعيات تراجع سعر البترول باعتبار ارتفاع الكميات الموردة والانزلاق الحاد لقيمة الدينار أساسا بالمقارنة مع الدولار بنسبة 3.3% طيلة سنة 2014.
ويؤكد البنك المركزي التونسي أن الصبغة النسبية لتأثير هبوط سعر البترول الخام ترجع إلى خفض حصته على مستوى هيكلة الصادرات وهي التي تناهز نسبة 65% مقابل الواردات بنسبة 20%.
في المقابل، يعتبر البنك الدولي، الظرف الحالي لسوق تداول البترول يشكل فرصة سانحة للدول المستوردة لتحسين مردودية سياساتها التنموية خصوصاً، لكن الملاحظ أن قانون الموازنة المالية التونسية لعام 2015 حدد زيادة في تسعيرة الطاقة الكهربائية بنسبة 7% توظّف دفعة واحدة على الاستهلاك، وتوزيعا جديدا لأقساط احتساب الفواتير، فضلا عن رفع الدعم بالكامل عن الصناعات المستهلكة بكثافة للكهرباء على غرار فروع صناعة المواد الانشائية.
ولا يتوقع رئيس غرفة أصحاب محطات المحروقات محمد صادق البديوي، أية جدوى من التخفيض المقرر في سعر المحروقات، معتبرا أن النسبة التي أعلنت عنها الحكومة ضئيلة جدا ولن تؤثر على عائدات أصحاب المحطات، كما لن ينتفع منها المواطن بشكل كبير.
ويضيف البديوي لـ "العربي الجديد" أن المواطن العادي يحتاج إلى استهلاك مائة لتر من البنزين لتوفير دينارين (1.05 دولار) على اعتبار أن الخفض في هذه المادة سيكون في حدود 20 مليما، وهو مبلغ لا معنى له مقارنة بالنفقات المخصصة للمحروقات، على حد تعبيره.
وأوضح أن القرار الذي اتخذته الحكومة لن يساهم في تقليص الاتجار في البنزين المهرب، مؤكدا أن غلاء أسعار المحروقات في تونس ساهم بشكل كبير في تنشيط السوق الموازية التي باتت تستأثر بقرابة 60% من نشاط القطاع.
ويقبل التونسيون بشكل كبير على البنزين المهرب من الجزائر أو ليبيا بسبب سعره المنخفض مقارنة بالأسعار الحكومية في القطاع الرسمي، حيث تنشط على طول الشريط الغربي والحدود الجنوبية التجارة الموازية للمحروقات، ما أدى إلى إغلاق 30 % من محطات الخدمات القانونية.
ودعت منظمة الدفاع عن المستهلك (منظمة غير حكومية) منذ يوليو/تموز الماضي، الحكومة إلى "التخفيض في سعر بيع المحروقات في السوق المحلية بقيمة 100مليم.
اقرأ أيضاً: زيادة أجرة النقل تُحرج الحكومة التونسية