حذّرت منظّمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) من وصول أسراب من الجراد إلى اليمن، ما قد ينذر بكارثة حقيقية تؤثّر سلباً على الأمن الغذائي في عموم المحافظات اليمنية. ويقول ممثل "الفاو" صلاح الحاج حسن لـ "العربي الجديد"،إنّ "المنظمة تتخذ الاستعدادات اللازمة لمواجهة هذا الأمر الطارئ ومنع انتشار الجراد ووصول أسراب منه إلى مناطق أخرى"، مشيراً إلى أنهم أعدّوا فرق المسح والمكافحة لتتولى عملية "التدخل الطارئ لمكافحة واحتواء انتشار الجراد الصحراوي، مع التزوّد بالمبيدات وآليات الرش والملابس الواقية".
بالتعاون مع كلّ الجهات المعنية في اليمن، تسعى المنظمة بحسب الحاج حسن، إلى "تقديم المساعدات العاجلة لمواجهة هذه الكارثة، على أن يكون هناك استعداد مبكر لمواجهة الأسراب المتوقع وصولها خلال فصل الصيف، من خلال العمل على توفير النفقات التشغيلية اللازمة لتنفيذ عمليات المسح والمكافحة".
في السياق، يقول مدير المركز الوطني لمراقبة ومكافحة الجراد الصحراوي في صنعاء، عادل الشيباني، إنّ "وصول الجراد إلى اليمن وبأسراب ضخمة، من شأنه أن يؤثّر سلباً على الثروة الزراعية والأمن الغذائي في البلاد، وقد يمتد تأثيره إلى بعض الدول الأخرى في الشرق الأوسط". ويتوقّع في حديث إلى "العربي الجديد" انتشار الجراد في مناطق شاسعة في المحافظات الداخلية، ليمتد تأثيره إلى عديد من المحافظات الأخرى. ويلفت إلى وجود معوّقات تقف أمام التدخل في تنفيذ أعمال المكافحة، أبرزها "الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد، وانتشار خلايا النحل في المناطق المهددة بانتشار الجراد، وعدم توفّر المخصصات المالية الحكومية اللازمة، بالإضافة إلى عدم توفّر سيارات المكافحة التي تُعَدّ أحد أهم عوامل نجاح عمليات المكافحة".
يوضح الشيباني أنّ المركز أمّن فرقاً ميدانية للقيام بأعمال المسح في بعض مناطق محافظتَي حضرموت (الوادي والصحراء) ومأرب (أقصى الشرق) خلال الأيام الأخيرة من شهر أبريل/ نيسان الماضي. ويشير إلى "تجهيز فريق مكافحة لتنفيذ تدخّل سريع لرش المواقع الذي تشكلت فيها مجاميع الحوريات، ومن المتوقع أن تبدأ خلال الأيام القليلة المقبلة، بدعم من الفاو والهيئة الإقليمية لمكافحة الجراد الصحراوي في المنطقة الوسطى، بهدف التدخّل المبكر لاحتواء وتشتيت مجاميع الحوريات".
في وقت سابق، كانت "الفاو" قد حذّرت من أنّ الجراد قد يكون على خلفيّة الأمطار الغزيرة التي تسبب فيها إعصارَي تشابالا وميج بداية العام الجاري في المناطق الجنوبية والشرقية، لتوصي بضرورة تنفيذ مسوحات دورية لتقييم ومتابعة وضع ومناطق تواجد الجراد الصحراوي، والظروف البيئية المرتبطة بنشاط الجراد وتكاثره في المناطق الساحلية الغربية والجنوبية (سهل تهامة وخليج عدن والمناطق الساحلية للبحر العربي).
خلال منتصف شهر مارس/ آذار الماضي، أبلغ عن مشاهدة بؤر تكاثر حوريات الجراد في الشريط الساحلي لمحافظة شبوة (ساحل البحر العربي) بين منطقتَي عرقة وبئر علي، ما تطلب العمل على التدخل السريع لمكافحة مجاميع حوريات الجراد في تلك المناطق، وتجهيز آليات المكافحة وإرسالها.
بحسب تقرير حديث، يُتوقع وصول أسراب الجراد الناضجة إلى عديد من المناطق الداخلية في محافظات حضرموت (الوادي والصحراء) ومأرب وشبوة خلال الشهر الجاري. وقد بدأ وضع البيوض التي نتجت عنها حالات فقس وظهور مجاميع للحوريات، خصوصاً في بعض الأودية الواقعة شمال وادي حضرموت وشمال شرقه وغربه. كذلك، شوهدت أعداد من الجراد الناضج في منطقة العبر ومنطقة الجوبة - محافظة مأرب، ومنطقة بيحان - محافظة شبوة ومناطق أخرى.
تُعدّ كلّ المناطق الداخلية من البلاد، الواقعة في كل من محافظات حضرموت (الوادي والصحراء) وشبوة ومأرب والجوف، الأكثر عرضة لانتشار الجراد خلال الموسم الصيفي الحالي، فيما قد يمتد انتشار الجراد الصحراوي شرقاً إلى المناطق الداخلية لمحافظة المهرة المحاذية لسلطنة عمان. وحذّر التقرير من مخاطر عدم مواجهة تكاثر أسراب الجراد الواصلة، مطالباً بأخذ الحيطة والاستعداد لمواجهة مشكلة حقيقية من شأنها أن تؤثّر على الأمن الغذائي في عموم البلاد، وقد يمتد تأثيرها إلى بعض دول الإقليم الأخرى، خصوصاً أنّ الأمطار تُعدّ أهم عامل لنشاط الجراد وتكاثره".
تجدر الإشارة إلى أنّ اليمن بلد زراعي فقير، لكنه لا ينتج إلا 10 في المائة من إجمالي الغذاء الذي يستهلكه اليمنيون. لذلك، هدّدت المجاعة 10 ملايين يمني قبل نحو عامين، من أصل 14 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ويُعدّ اليمن الأوّل في العالم في سوء تغذية الأطفال دون الخامسة، علماً أنه كان يحتل المرتبة الثانية قبل ثلاثة أعوام بعد أفغانستان.