الجزائر: "الانتقال الديمقراطي" يوحّد المعارضة العلمانية والإسلامية

11 يونيو 2014
المؤتمر هو الأكبر للمعارضة منذ 1988 (فاروق باطيش/فرانس برس/getty)
+ الخط -

دعت كل أطياف المعارضة في الجزائر، الإسلامية واليسارية، يوم الثلاثاء، إلى الانتقال الديمقراطي في البلاد، وذلك خلال مؤتمر هو الأكبر لهذه القوى منذ دخول البلاد في عهد التعددية السياسية عام 1988.

وحضر المؤتمر أكثر من 400 شخصية سياسية ومدنية تمثل أحزاباً وتنظيمات مدنية وشخصيات مستقلة، أبرزها رؤساء الحكومة السابقين مولود حمروش، وعلي بن فليس وأحمد بن بيتور، إضافة إلى قيادات "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، وحظي بتغطية إعلامية واسعة.

وداخل القاعة التي غصت بالحضور، علقت شعارات كتبت باللغتين العربية والأمازيغية تطالب بمرحلة انتقالية، وتحقيق العدالة ورفع الإكراهات السياسية، واحترام الحريات والديمقراطية.

وجمع المؤتمر الإسلاميين والعلمانيين، الذين خاضوا خلال العقدين السابقين حروباً سياسية طاحنة فيما بينهم، فيما كانت السلطة المستفيد الوحيد من هذه الخلافات. وقال القيادي في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، عبد القادر بوخمخم، إنه يشارك في المؤتمر كقيادي في الحزب المحظور وليس كشخصية وطنية. وأضاف أن "حزبنا لا يزال موجوداً في الساحة السياسية ونحن كذلك ولم نغب يوماً، وليس لدينا حرج في الجلوس إلى الأحزاب التي تحسب على اللائكيين والديمقراطيين فهؤلاء إخواننا، وجزائريون مثلنا".

وبدا الخطاب السياسي لافتاً من قبل قيادات الحزب المحظور، بحيث فرضت عليهم سنوات القطيعة السياسية، التحول في المواقف إزاء الحوار مع التيارات العلمانية واللائكية (الفصل الصارم بين الدين والدولة)، وهو ما اعتبره رئيس حركة "مجتمع السلم" (إخوان الجزائر) نقلة نوعية في الممارسة السياسية والقناعات بضرورة مد جسور الحوار بين كل تيارات المعارضة، وتشكيل قوة تكتل للضغط على السلطة. 

واعتبر المنافس الأبرز للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة علي بن فليس، أن "الجزائر تعيش أزمة سياسية، وهذه الأزمة لا يمكن حلها إلا بتغيير النظام القائم". ووجه بن فليس انتقادات حادة الى "مشاورات تعديل الدستور التي تجريها رئاسة الجمهورية، لكون هذه التعديلات لن تسهم في تغيير الطابع الشخصي التسلطي للنظام، أو إخضاع النظام السياسي للرقابة".

من جهته، قال رئيس حكومة الإصلاحات عام 1990 مولود حمروش، إن "المعارضة في الجزائر بلغت حالة من النضج، ويبرر ذلك التقاء كل الأطياف بغض النظر عن برامجها الخاصة". وأضاف أن "الحكومة الحالية لا تملك قاعدة سياسية اجتماعية. قاعدتها الوحيدة هي الجيش الوطني، وهنا مكمن الخطورة، لأن الجيش يجب أن يبقى دعامة للدولة وليس للحكومة". وقال إن "البلاد في وضع هش للغاية. نملك حكومة لكنها غير قادرة على تجسيد قراراتها وغير قابلة للمساءلة والنقد والإسقاط ولا وجود لأي حزب أو برلمان بإمكانه أن يسقط الحكومة أو ينتقدها".

كما وصف زعيم إخوان الجزائر عبد الرزاق مقري تاريخ 10 يوينو/حزيران (يوم الثلاثاء) باليوم التاريخي لأنه يرمز إلى قدرة المعارضة على توحيد مواقفها، وقال "اجتماعنا هذا يكون مجديا إذا أسس لميلاد عهد جديد، وهذه الندوة هي بداية الطريق والعبرة فيما بعدها، لنبني معاً الجزائر التي حلم بها الشهداء".

 إسقاط الدكتاتورية  

وشدّد المعارضون خلال خطاباتهم على التحول الديمقراطي وإسقاط الدكتاتورية، وقال السكرتير السابق لـ"جبهة القوى الاشتراكية" أكبر أحزاب المعارضة، كريم طابو "جئنا اليوم لنضع حداً لدكتاتورية النظام". فيما أكد رئيس "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية"، محسن بلعباس "جئنا إلى هنا لنتقاسم المخاوف مع كل الجزائريين والأحزاب ومنظمات المجتمع المدني".

 بدوره، رأى الضابط السابق في الاستخبارات شفيق مصباح، أن أهمية ندوة الانتقال الديمقراطي تكمن في تبني الشعب الجزائري لها واحتضانها ودعم الجيش لها، شرط ألا تكرر المعارضة أخطاءها في القراءة الداخلية لموقع المؤسسة العسكرية.

وهكذا، أنهت المعارضة أكبر مؤتمر يجمع بين أطيافها، وأنجزت خطوة كبيرة، غير أن مهام جسيمة تنتظرها مستقبلاً، من أجل إحداث توازن في الساحة السياسية في الجزائر، وتشكيل قوة ضغط حقيقية من شأنها إجبار السلطة على الاستماع الى مطالبها.

المساهمون