فجّرت الحكومة الجزائرية مفاجأة من العيار الثقيل، بعدما كشفت عن نيتها مسح ديون ضريبية تبلغ عشرات المليارات من الدولارات، في وقت تعيش البلاد أزمة مالية بلغت أشدها هذه السنة، دفعت بالجزائر للعودة إلى المديونية الخارجية بعد ثماني سنوات من الخروج منها.
وكان أول من فتح ملف "مسح الديون الضريبية" هو وزير المالية حاجي بابا عمي، الذي صرح لدى عرضه لمشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2017 على مجلس الأمة (الغرفة الأولى في البرلمان الجزائري) أن "وزارة المالية تتجه لوضع إطار قانوني يسمح بمسح الديون القابلة للتسديد والتي بلغت 7 ترليونات دينار (63 مليار دولار) منها 5 ترليونات دينار (45 مليار دولار) ديون مصرفية وترليون دينار شيكات دون رصيد وترليون دينار أخرى ناجمة عن عدم التحصيل".
وأثارت هذه التصريحات موجة من التساؤلات حول الدوافع الكامنة وراء هكذا خطوة خاصة أنها تأتي في ظرفٍ أضحت فيه الحكومة تجد صعوبة حتى في تأمين موازنة السنة القادمة.
ويرى النائب البرلماني عن حزب العمال (اليسار) رمضان تاعزيبت، أن "الحكومة تثبت مرة أخرى فشلها في مجال تحصيل الضرائب ومعاقبة المتهربين من رجال الأعمال، إذ لا يعقل ألا تفشل الحكومة في أي دولة بالعالم عن تحصيل مبلغ يفوق 60 مليار دولار هي قيمة التهرب الضريبي، في عز الأزمة المالية، وعوض أن تسعى لتحصيلها تقرر مسحها".
وأضاف لـ "العربي الجديد"، أن "هذه الخطوة جاءت تحت ضغطٍ من الأوليغارشية (قلة من رجال الأعمال أصحاب النفوذ) التي تسيطر على الاقتصاد الجزائري".
ويبدو أن توجه الحكومة لمسح الديون الضريبية التي فاقت عتبة 60 مليار دولار بعد تراكمٍ تعدى 10 سنوات أمرٌ غير منطقي بالنسبة للبعض، إلا أن المتتبعين للنظام الضريبي في الجزائر يرون أن هذه الخطوة كانت منتظرة بعد إدراك الحكومة استحالة تحصيلها لا عاجلاً ولا آجلاً.
وفي السياق، يقول الخبير المصرفي والإطار السابق في وزارة المالية، رياض بوراس، أن توجه الحكومة لمسح الديون الضريبية لا يأتي من فراغ، فهذه الديون يستحيل تحصيلها وهي تملأ حسابات وتقارير الإدارة لأكثر من 13 سنة.
اقــرأ أيضاً
ولفت بوراس لـ "العربي الجديد" إلى أن 45 مليار دولار هي ديون لدى المصارف، منها المفلسة كما هو حال "الخليفة بنك" و"بي سي يا"، وبالتالي "نحن أمام مصالحة ضريبية أقرب من العودة للمنطق، بعدما كان القضاء يصدر غرامات خرافية وبعيدة عن الواقع، حيث تعدت الغرامات الضريبية سنة 2006 مثلاً الناتج المحلي الإجمالي بعدما بلغت 60 مليار دولار".
وتعاني الجزائر من مشكلة التحصيل الضريبي الذي باتت تؤرق الحكومة، بعدما وقفت على مدى ضعف الإدارة والقانون أمام الظاهرة.
ورسم مجلس المحاسبة الجزائري صورة سوداوية حول الطريقة التي سيرت بها حكومة عبد المالك سلال ميزانية الدولة لسنة 2014، حيث كشف التقرير الذي حُول إلى البرلمان الأسبوع الماضي، عن ضياع عشرات مليارات الدولارات من مستحقات الدولة لدى رجال أعمال وتجار في شكل تهرب ضريبي، فضلاً عن تجاوزات بالجملة في إنفاق الميزانية ووجود تقصير في أداء العديد من الوزارات.
وكشف التقرير الذي تحوز "العربي الجديد" على نسخة منه عن عجز الحكومة الجزائرية في تحصيل ما يقارب 110 مليارات دولار من الضرائب التي ظلت محل تهرب ضريبي بنهاية العام 2014. وحسب ذات المصدر، فإن التحصيل الضريبي بلغ عام 2014 ما يقارب 1264 مليار دينار (11 مليار دولار)، وهو ما يعادل 11% من المستحقات الضريبية.
وأرجع مجلس المحاسبة هذه الأرقام إلى الصعوبات التي تواجهها مصالح الضرائب في تحصيل الضرائب. تقصير الحكومة الجزائرية في جمع الأموال المستحقة لم يشمل الضرائب فقط، حسب مجلس المحاسبة الجزائري، الذي لفت في تقريره إلى انخفاض التحصيل الجمركي بحدود 8.52% قبل سنتين، بعدما تراجع من 404 مليارات دينار (4 مليارات دولار) سنة 2013 إلى 369 مليار دينار (3.3 مليارات دولار) في 2014.
وتشير الأرقام إلى أن الضغط الضريبي في الجزائر يعد من بين الأعلى في المنطقة العربية بالكامل، بعدما بلغ سنة 2015 قرابة 22%.
اقــرأ أيضاً
وأثارت هذه التصريحات موجة من التساؤلات حول الدوافع الكامنة وراء هكذا خطوة خاصة أنها تأتي في ظرفٍ أضحت فيه الحكومة تجد صعوبة حتى في تأمين موازنة السنة القادمة.
ويرى النائب البرلماني عن حزب العمال (اليسار) رمضان تاعزيبت، أن "الحكومة تثبت مرة أخرى فشلها في مجال تحصيل الضرائب ومعاقبة المتهربين من رجال الأعمال، إذ لا يعقل ألا تفشل الحكومة في أي دولة بالعالم عن تحصيل مبلغ يفوق 60 مليار دولار هي قيمة التهرب الضريبي، في عز الأزمة المالية، وعوض أن تسعى لتحصيلها تقرر مسحها".
وأضاف لـ "العربي الجديد"، أن "هذه الخطوة جاءت تحت ضغطٍ من الأوليغارشية (قلة من رجال الأعمال أصحاب النفوذ) التي تسيطر على الاقتصاد الجزائري".
ويبدو أن توجه الحكومة لمسح الديون الضريبية التي فاقت عتبة 60 مليار دولار بعد تراكمٍ تعدى 10 سنوات أمرٌ غير منطقي بالنسبة للبعض، إلا أن المتتبعين للنظام الضريبي في الجزائر يرون أن هذه الخطوة كانت منتظرة بعد إدراك الحكومة استحالة تحصيلها لا عاجلاً ولا آجلاً.
وفي السياق، يقول الخبير المصرفي والإطار السابق في وزارة المالية، رياض بوراس، أن توجه الحكومة لمسح الديون الضريبية لا يأتي من فراغ، فهذه الديون يستحيل تحصيلها وهي تملأ حسابات وتقارير الإدارة لأكثر من 13 سنة.
ولفت بوراس لـ "العربي الجديد" إلى أن 45 مليار دولار هي ديون لدى المصارف، منها المفلسة كما هو حال "الخليفة بنك" و"بي سي يا"، وبالتالي "نحن أمام مصالحة ضريبية أقرب من العودة للمنطق، بعدما كان القضاء يصدر غرامات خرافية وبعيدة عن الواقع، حيث تعدت الغرامات الضريبية سنة 2006 مثلاً الناتج المحلي الإجمالي بعدما بلغت 60 مليار دولار".
وتعاني الجزائر من مشكلة التحصيل الضريبي الذي باتت تؤرق الحكومة، بعدما وقفت على مدى ضعف الإدارة والقانون أمام الظاهرة.
ورسم مجلس المحاسبة الجزائري صورة سوداوية حول الطريقة التي سيرت بها حكومة عبد المالك سلال ميزانية الدولة لسنة 2014، حيث كشف التقرير الذي حُول إلى البرلمان الأسبوع الماضي، عن ضياع عشرات مليارات الدولارات من مستحقات الدولة لدى رجال أعمال وتجار في شكل تهرب ضريبي، فضلاً عن تجاوزات بالجملة في إنفاق الميزانية ووجود تقصير في أداء العديد من الوزارات.
وكشف التقرير الذي تحوز "العربي الجديد" على نسخة منه عن عجز الحكومة الجزائرية في تحصيل ما يقارب 110 مليارات دولار من الضرائب التي ظلت محل تهرب ضريبي بنهاية العام 2014. وحسب ذات المصدر، فإن التحصيل الضريبي بلغ عام 2014 ما يقارب 1264 مليار دينار (11 مليار دولار)، وهو ما يعادل 11% من المستحقات الضريبية.
وأرجع مجلس المحاسبة هذه الأرقام إلى الصعوبات التي تواجهها مصالح الضرائب في تحصيل الضرائب. تقصير الحكومة الجزائرية في جمع الأموال المستحقة لم يشمل الضرائب فقط، حسب مجلس المحاسبة الجزائري، الذي لفت في تقريره إلى انخفاض التحصيل الجمركي بحدود 8.52% قبل سنتين، بعدما تراجع من 404 مليارات دينار (4 مليارات دولار) سنة 2013 إلى 369 مليار دينار (3.3 مليارات دولار) في 2014.
وتشير الأرقام إلى أن الضغط الضريبي في الجزائر يعد من بين الأعلى في المنطقة العربية بالكامل، بعدما بلغ سنة 2015 قرابة 22%.