تدفق الآلاف من المتظاهرين، عقب صلاة الجمعة اليوم، إلى أكبر الشوارع والساحات في تظاهرات الجمعة الـ18 من الحراك الشعبي الذي بدأ في 22 فبراير/ شباط الماضي، رافعين العلم الجزائري والراية الأمازيغية وهتافات تنادي بالوحدة الوطنية، في رسالة رد موجهة إلى قائد الجيش.
وسارعت السلطات الجزائرية لإصدار أوامر إلى قوات الأمن والشرطة المكلفة بمراقبة التظاهرات الشعبية للتراجع عن منع وسحب الرايات الأمازيغية، أو ملاحقة المتظاهرين الذين يرفعونها، لتفادي انزلاق الأوضاع، بعد بروز مؤشرات تشنج وتوتر بين الشرطة والمتظاهرين في التظاهرات المبكرة التي شهدتها العاصمة الجزائرية صباح اليوم.
ووجدت قوات الشرطة صعوبة كبيرة في تطبيق تعليمات صدرت من قائد الجيش، الفريق أحمد قائد صالح، الأربعاء، تقضي بمنع رفع أيّ راية عدا العلم الجزائري في التظاهرات، بعد تدفق الآلاف من المتظاهرين، عقب انتهاء صلاة الجمعة، وخاصة في شارع ديديوش مراد المؤدي إلى ساحة أودان وساحة البريد المركزي وسط العاصمة الجزائرية، حيث خرج المصلون من المساجد القريبة رافعين العلم الوطني والراية التي ترمز إلى المكون الأمازيغي في دول شمال أفريقيا.
اقــرأ أيضاً
وقبل ذلك كانت الشرطة تقوم بتفتيش المتظاهرين وحجز الرايات الأمازيغية التي تكون بحوزتهم. وقال الناشط والرسام الكاريكاتوري سليمان جلواح لـ"العربي الجديد"، إن عدداً من أفراد الشرطة قاموا بتفتيش حقيبة ظهر كانت بحوزته وسحبوا منه راية أمازيغية كان يستعد لرفعها في تظاهرات اليوم الجمعة، وأدت محاولات الشرطة سحب وافتكاك الرايات الأمازيغية من المتظاهرين في الفترة الصباحية، إلى مناوشات وتوتر بين الطرفين، نجح الناشطون في إنهائها، تجنباً للمواجهات وحفاظاً على سلمية التظاهرات.
ومثّل رفع الراية الأمازيغية اليوم من قبل المتظاهرين رسالة تحدٍّ إلى قائد الجيش بعد قراره منعها، وهتف المتظاهرون بشعارات تنادي بالوحدة الوطنية بين مختلف المكونات الوطنية، مثل شعار "قبائلي عربي خاوة خاوة (إخوة)"، و"شاوي وعربي إخوة"، وتعني "الأمازيغ والعرب إخوة"، وكذا شعارات باللغة الأمازيغية "أنزر ولا نكنو"، ويعني "نموت ولا ننحني"، و"ليسقط القمع"، إضافة إلى تحذيرات مما وصفها المتظاهرون بالثورة المضادة.
وتوجّه جزء من المتظاهرين بشعارات مناوئة لقائد أركان الجيش الجزائري، الفريق أحمد القائد صالح، حيث وصفوه بأنه منحاز إلى من يعتبرهم المتظاهرون بـ"الخونة"، وهتفوا بشعار" قائد صالح شيات الإمارات"، وتعني أن قائد الجيش يقوم بالتنسيق مع الإمارات، ورفع في وسط العاصمة لافتة عملاقة كتب عليها عبارات "48 ولاية في الجزائر تأمر الحاكم الفعلي للبلاد بتسليم السلطة إلى المدنيين" في إشارة إلى الجيش، وتؤكد المطالب السياسية والوحدة الوطنية.
وقال الناشط سفيان حجاج لـ"العربي الجديد"، إن "قائد الجيش أصدر تصريحاً وقراراً مفخخاً وحاول تقسيم الحراك باللعب عبر المسائل الهوياتية، نكء قضايا كهذه في ظروف احتجاجية ليس له سوى هدف واحد هو خلق حالة انزلاق"، مضيفاً أن "قائد الجيش أثبت عبر تصريحاته وخطبه الأخيرة أنه دخل مرحلة الارتباك، ويتعين على الجيش أن يتحمل مسؤولياته وينتهي من التدخل في الشأن السياسي والسماح للمؤسسة السياسية بالتوصل إلى حل سياسي".
اقــرأ أيضاً
وحفزت تصريحات قائد الجيش حول الرايات سكان منطقة القبائل "الأمازيغ" على تخصيص تظاهرات الجمعة للرد عليه، إذ جابت تظاهرات صاخبة مدن تيزي وزو وبجاية والبويرة، رفع خلالها العلم الوطني والرايات الأمازيغية، وشعارات تؤكد تمسك سكان المنطقة بالمطالب الشعبية. وعلق سعيد سعدي، الذي ينحدر من المنطقة، وهو شخصية سياسية بارزة، والرئيس المؤسس لحزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، في قراءة نشرها على صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، معتبراً أن "القرار العسكري بوجوب عدم ظهور الراية الأمازيغية في الشارع الجزائري، استفزاز يضاف لتهديدات وتجاوزات أخرى يستلزم التنديد به وشجبه بأقوى العبارات، بعد الفشل في تقسيم صفوف الثورة السلمية في الجزائر".