فتح قرار الحكومة الجزائرية، رفع الحظر على استيراد السيارات المستعملة، الباب أمام العاملين في سوق الملابس المستعملة لممارسة ضغوط من أجل انتزاع قرار مماثل يسمح برفع الحظر عن هذه التجارة أيضا بعد تجميد استمر لنحو خمسة أعوام.
ويقول عمر تاكجوت، الأمين العام للفيدرالية الجزائرية لعمال النسيج والجلد، إن ما سماه "المافيا الداخلية" والخارجية "تمارس ضغوطا على الحكومة لإلغاء حظر استيراد وتسويق الملابس المستعملة، لما لها من مصالح في هذا النوع من التجارة"، مضيفا أن "تجارة هذه التجارة تستحوذ على نحو 35% من سوق الملابس في الجزائر".
واتخذت الحكومة الجزائرية مؤخرا قراراً برفع الحظر المفروض على استيراد السيارات والمركبات المستعملة الأقل من ثلاث سنوات، والذي استمر لنحو 10 أعوام ماضية، كما تم تحرير استيراد الآلات والعتاد الصناعي المستعمل في قانون الاستثمار الجديد المصادق عليه في يونيو/حزيران الماضي.
ويستغل ناشطون في الجمعية الجزائرية لمستوردي الملابس المستعملة هذه التطورات لمطالبة الحكومة برفع الحظر أيضا عن تجارتهم، مبررين ذلك بتراجع القدرة الشرائية للجزائريين، مما يستلزم فتح المجال أمام سلع تتوافق مع هذه المقدرة في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
ويرى مستوردو الملابس المستعملة أو "الشيفون"، كما يطلق عليها الجزائريون ممن التقتهم "العربي الجديد"، أن رفع الحظر عن استيراد هذه النوعية من الملابس، قد يُنهي "كابوساً" دام لسنوات دفع الكثير منهم إلى العمل في تهريب الملابس المستعملة عبر الحدود المشتركة مع تونس، فيما فضل البعض الآخر تغيير نشاطه.
ويقول ياسين عربي، وهو مستورد سابق للملابس المستعملة "حان الوقت لكي ترفع الحكومة الحظر عن استيراد الشيفون لأسباب عدة، منها الأزمة الاقتصادية التي جعلت الحكومة تتكلم في كل مرة عن تحرير الاقتصاد، بالإضافة إلى تدهور القدرة الشرائية للمواطن".
ويضيف "لابد من النظر في هذا الملف من زاوية أن الضرورات تبيح المحظورات، و ليس من زاوية حماية الإنتاج الوطني، لأنه ببساطة لا يوجد إنتاج وطني من النسيج".
وجهة نظر ياسين عربي، يتقاسمها الكثير من مستوردي الملابس المستعملة وتجار التجزئة وحتى من المواطنين العاديين، لأنها تشكل مصدر رزق لعشرات الآلاف من العائلات، والخزينة العمومية أيضا، من خلال الجباية (الضرائب) المفروضة على شركات الاستيراد.
يقول فاروق جزيل، مالك شركة مختصة في استيراد الملابس المستعملة من بلجيكا سابقا لـ"العربي الجديد" إنه " في 2011 كان نشاط استيراد وبيع الملابس المستعملة يُشغل حوالي 100 ألف جزائري بطريقة مباشرة وغير مباشرة".
ويضيف أن شركته كانت تدفع سنويا قُرابة 70 ألف دولار لخزينة الدولة كضرائب واشتراكات في الضمان الاجتماعي، إلا أنه اضطر منتصف 2011 إلى حل شركته، بعد ظهور بوادر حول تجميد الاستيراد، وبالتالي تغيير نشاطه إلى استيراد مواد البناء.
ورغم مصادقة البرلمان على قرار تجميد استيراد الملابس المستعملة منتصف 2011، تحت ضغط من الحكومة من أجل حماية الإنتاج الوطني في قطاع النسيج، إلا أن السوق الجزائرية، لا تزال تُمون بالملابس المستعملة المهربة من دول الجوار بالخصوص من تونس.
يقول عبد اللطيف ج، أحد الشباب الجزائريين الذين يعملون في تهريب الملابس المستعملة إنه "لا يعرف فعل شيء آخر سوى إدخال الملابس المستعملة عبر المسالك الجبلية بين تونس والجزائر عبر محافظة تبسة".
ويضيف عبداللطيف الذي يطلق عليه "الحلاب" باللهجة الجزائرية ويعني المهرب "رغم منع استيراد الملابس المستعملة، إلا أن التهريب يسمح اليوم بدخول بين 45% إلى 50%، مقارنة بالكميات المستوردة سنويا قبل 2011".
ويُقدر كميات الملابس المستعملة التي تدخل بشكل مهرب بنحو 5 ألاف حزمة، تعبر الحدود التونسية الجزائرية يومياً، بطرق عدة، منها ما يمر عبر الطرق المُعبدة بعد دفع رشوة لجمارك البلدين.
ويقول العديد من تجار الملابس المستعملة في العاصمة الجزائرية لـ "العربي الجديد"، إن "السلع تصلهم إلى المحلات في وضح النهار".
وبينما يصعب اليوم تحديد القيمة المالية لسوق الملابس المستعملة في الجزائر، إلا أن الخبير الاقتصادي جمال نور الدين، يتحدث عن حوالي 200 مليون دولار سنوياً.
ويتوقع نور الدين أن تدفع الأزمة المالية التي تمر بها الجزائر إلى مراجعة الحكومة ملف حظر استيراد الملابس المستعملة، بعدما راجعت في السنتين الماضيتين العديد من الملفات.