حقق المنتخب الويلزي إنجازا تاريخيا بتأهله لأول مرة إلى نهائيات كأس الأمم الأوروبية لكرة القدم 2016 في فرنسا، في خطوة نالت استحسان الجميع خصوصا مشجعي الفرق البريطانية، لتلتحق ويلز بشقيقتها الكبرى إنجلترا، ويدخل غاريث بيل ورفاقه المجد من أوسع أبوابه، تحت قيادة المدير الفني الشاب كريس كولمان، الرجل الذي صنع شيئاً من لا شيء في التصفيات الأخيرة.
نجم أم بلد؟
لم تحظ ويلز بتاريخ كبير في كرة القدم، فقط نالت شهرتها من خلال أمرين لا ثالث لهما، الأول خاص بقربها من إنجلترا وملاعبها، والثاني تواجد الأسطورة رايان غيغز في الملاعب لفترة طويلة، ثم أعقبه بعد ذلك بيل، النجم الكبير في صفوف ريال مدريد، لذلك ظلت كرة القدم في هذا البلد حبيسة لما ينتجه الفرد لا المجموعة طوال سنوات طويلة.
وظن الكثيرون أن بيل ورفاقه سيسيرون على شاكلة غيغز، من خلال تألق ملحوظ مع الأندية، وتمثيل شرفي رفقة منتخب بلادهم، لكن التصفيات الماضية أثبتت العكس تماما، لأن ويلز تمردت على وضعها الحالي، ورفضت أن تكون مجرد "كومبارس" كروي في الملاعب البريطانية، وبكل تأكيد هذه اللعبة هي المفتاح لتحقيق الأماني.
تلعب ويلز تحت راية بريطانيا العظمى في الألعاب الأوليمبية، ويعرف المشجعون هذا المنتخب من نجومه الحاليين والسابقين، وتأتي يورو 2016 لتكون كلمة السر في نقلة نوعية للكرة هناك، لأن هذا المنتخب أمامه تحديات عديدة، أولها المواصلة والاستمرارية على هذا النسق المرتفع، وآخرها محاولة الخروج من عباءة بريطانيا في أهم منافسة بالقارة.
توارث الأجيال
يتحدث المدرب كولمان عن الجيل الذهبي السابق في ويلز، تحت قيادة تيري يوراث مع إيان راش ورايان غيغز ونيفيل ساوثهال ومارك هيوز ودين ساوندرز وجاري سبيد ، كان ذلك الفريق حافلا بلاعبين جيدين جدا، ورغم أنه لم يكن خطأ تيري، إلا أنهم فرطوا بفرصة التأهل إلى مونديال أميركا 94.
في المباراة الأخيرة، خسرت ويلز أمام أفضل فريق روماني على الإطلاق، كان ذلك المنتخب هو أفضل فريق أنجبته البلاد منذ عام 1958، ولكن الآن الفريق الحالي يملك قدرات تجعله قادر على التفوق على ذلك، وهم في الطريق لتحقيق ذلك، يتم وصفهم بأنهم الجيل الذهبي، وسيصل إلى هذا الفخر فعلا في حال تأهلهم.
وصلت ويلز إلى البطولة بعد حصولها على 21 نقطة، من 6 انتصارات، 3 تعادلات، وهزيمة واحدة، لتحتل المركز الثاني بفارق نقطتين عن بلجيكا، وتصعد مباشرة إلى النهائيات، مع أداء متوازن للغاية ونتائج مبهرة، جعلت الجميع يتغنى بما حققه كريس وفريقه الشاب.
عقلية فائزة
كريس كولمان مدرب بريطاني بامتياز، لكن مع عقلية متطورة بعيدة كل البعد عن الطريقة القديمة، لذلك يفضل المزج بين أكثر من تكتيك خلال المباراة الواحدة، ومنفتح بشدة على مختلف الثقافات الأخرى، ويلعب منتخب ويلز بعدة طرق وفق ظروف كل مباراة، ليقول المدرب عن ذلك، "لا يهمني اللعب بطريقة واحدة، بقدر استغلال مواطن القوة وتحديد نقاط الضعف خلال كافة تفاصيل المباراة".
تعامل الطاقم الفني في ويلز بنجاح مع كثرة الإصابات في صفوف فريقه، فالمنتخب يضم أسماء رائعة لكنها تغيب كثيرا مثل أرون رامسي وغاريث بيل، ليواجه المدرب الشاب هذه المعضلة، باستخدام خبراء على أعلى مستوى في مجال اللياقة البدنية، وبالتالي عمل الرجل وفق منهج علمي بحت في توقع الإصابات والحد منها، بدراسة الحامض النووي ومحاولة الوقاية من خطر الإصابة قبل وقوعها.
أكثر من مسار
وضع كولمان معايير لتشكيل هوية للفريق، وهو ما قام به اللاعبون، على الصعيدين الفني والذهني، ليظهر منتخب ويلز بصيغة قوية على مستوى ثبات المستوى، والدليل تمتعه بصبغة جماعية واضحة رغم وجود نجم بقيمة بيل، وهذا ما أضافه الجهاز الفني على مدى المباريات السابقة في الوديات والرسميات.
يعتمد كريس على خطة 4-2-3-1 في مباريات عديدة، خصوصا عندما يريد أن يهاجم، لكنه يتحول إلى استراتيجية الثلاثي الدفاعي في بعض المواجهات، لتكون أقرب إلى 3-4-1-2، مع التأكيد على قوة كل خط، كأشلي ويليامز في الدفاع، جوي ألين ورامسي بالمنتصف، وبيل برصيد 7 أهداف خلال التصفيات في الثلث الهجومي الأخير.
"ندرك أن الوصول إلى نهائيات اليورو إنجاز رائع، إلا أن أعيننا لم تحد عن هدف التأهل وبلوغ بطولة كبرى. نريد المزيد في قادم المواعيد"، هكذا يعلن القائد الفني عن تحديه القادم، من أجل نسيان ما يعرف بالتمثيل المشرف!