تكافح الحاجة السبعينية أم تحرير لإبقاء الابتسامة على وجه حفيدتها ميسون (6 سنوات)، في مخيم الخازر، شرقي الموصل، بعد أن فقدت كل أفراد أسرتها ولم يبق لها سوى ميسون، حفيدتها لابنها البكر، الذي قتل مع أفراد عائلته خلال معركة الموصل.
صارت أم تحرير الأم والأب لميسون وكل من بقي لها، والطفلة مرة تناديها جدتي وأخرى تناديها أمي. تلعب معها وتتوضأ معها للصلاة وتعد ما تيسّر من الطعام معها وتنام ليلاً في حضنها.
تروي أم تحرير: "خلال معركة الموصل كان هناك قصف بالطائرات والمدفعية والصواريخ قتلت فيه معظم العائلات في الحي. سقط صاروخ على منزلنا وقتل جميع أبنائي". تضيف: "نجوت بأعجوبة أنا وميسون التي كانت تحتضنني في تلك اللحظة. حينما خرجت من بين أنقاض المنزل والتفتُّ إليه وجدته تحوّل إلى ركام. كنت أسمع أنين بعض أبنائي وبناتي تحت الأنقاض وكان الناس يركضون في الشارع. الرعب كان يخيم على الجميع. حاولت طلب المساعدة لكن ما الفائدة والناس كلها تعرضت لما تعرضنا له؟". تتابع أنّ "الجثث كانت تحترق في الشوارع والمنازل وصراخ الأطفال والنساء يملأ المنطقة. ثم استمر القصف، فركضت بحفيدتي ميسون مع مئات الناس الذين خرجوا هاربين من دون أن نعرف إلى أين نذهب".
وتحكي أم تحرير قصتها وهي تمسح الدموع من عينيها: "كانت لحظات قاسية عليّ وأنا أترك أبنائي تحت الأنقاض. تمنيت لو قتلت معهم لكنه القدر. فكرت بمصير هذه الطفلة المسكينة التي كان علي أن أنقذها بأية طريقة". وصلت أم تحرير وحفيدتها ميسون إلى مخيمات شرقي الموصل بعد أيام من المشي. باتت وحدها مسؤولة اليوم عن حفيدتها اليتيمة. في المخيم تراها تلعب معها محاولة التخفيف عنها، كما تجمع معها أيتاماً آخرين بعضهم فقد أسرته بالكامل. تقول أم تحرير: "بسبب ما مرّت به حفيدتي صرت أشفق على الأيتام الآخرين في المخيم. لذلك أجمعهم يومياً وأحكي لهم القصص والحكايات وأحاول أن أضحكهم لأخفف عنهم حزنهم وخوفهم. لم أكن أهتم لموتي فقد عشت كثيراً لكن كلما تخيّلت الموت اليوم لا أعرف من سيتبقى لهذه الطفلة من بعدي".
تجدر الإشارة إلى أنّ المعاناة في المخيم كبيرة، بدءاً من الحصول على مياه الشرب إلى الحصول على الطعام فضلاً عن الخيمة التي لا تقي من الحر والبرد، بحسب ما تقول أم تحرير.
تكاد ميسون لا تفارق جدتها أبداً. تلتصق بها كأنها تخشى أن تفقدها هي الأخرى. تقول ما معناه إنها متعلقة بها كثيراً، مثلما تحاول أن تشرح لنا ببعض الكلمات.