اتّهم مسؤولون كبار في ولايات الساحل الغربي الأميركي، حيث أودت حرائق هائلة حطّمت الأرقام القياسية بـ31 شخصاً، الرئيس دونالد ترامب، الأحد، بأنه يعيش حالة إنكار في ما يتعلّق بالتغيّر المناخي، وذلك عشية لقائه قادة أجهزة الطوارئ في كاليفورنيا.
وقال رئيس بلدية لوس أنجليس، إريك غارسيتي، لشبكة "سي أن أن" الإخبارية الأميركية "إنه التغيّر المناخي، وهذه إدارة تدفن رأسها في الرمال".
ومن المقرر أن يلتقي ترامب الإثنين قادة أجهزة الطوارئ في كاليفورنيا، الذين يكافحون حرائق هائلة أتت إلى الآن على نحو مليوني هكتار، أي ما يعادل تقريباً حجم ولاية نيوجيرسي، وحطّمت الأرقام القياسية السنوية، علماً أن موسم الحرائق مستمر لنحو أربعة أشهر إضافية.
وحذّر مسؤولون أن حصيلة الوفيات مرشّحة للارتفاع، لا سيما أن مساحات من كاليفورنيا وأوريغون وواشنطن لا تزال محاصرة بالحرائق وسط أحوال جوية جافة من النوع الذي يسببه التغيّر المناخي.
ولم يسترسل ترامب في التعليق على الحرائق في الأسابيع الأخيرة، لكنّه أقر، السبت، في تجمّع انتخابي في نيفادا بهول الكارثة، وقال ترامب، الذي يصر على التقليل من وطأة الاحترار المناخي، "لم يشهدوا على الإطلاق مثيلاً لذلك"، مضيفاً "رجاء تذكروا كلمتين بسيطتين جداً، إدارة الغابات".
ورد غارسيتي بالقول "كل من يقيم في كاليفورنيا شعر بالإهانة جراء ذلك"، وقال "تحدّث إلى إطفائي إن كنت تعتقد أن التغيّر المناخي ليس حقيقياً"، وأضاف "نحن بحاجة إلى تحرّك حقيقي، علينا أن نخفّض انبعاثاتنا من الكربون، وعلينا أن نحرص على حسن إدارة هذه المياه، ليس للأمر علاقة بإدارة الغابات أو جرفها".
وقال المرشّح الديموقراطي للرئاسة، جو بايدن، السبت، إنه "من غير الممكن إنكار" أن "التغير المناخي يشكل تهديداً داهماً ووجودياً لطريقة عيشنا"، وأعربت كامالا هاريس، التي اختارها نائبة له، عن تأييدها لهذا الرأي في تغريدة جاء فيها أن ترامب "ينكر الأدلة".
وكتبت هاريس "في السنوات الأخيرة، شهدت كاليفورنيا أحد أكبر حرائق الغابات وأكثرها تدميراً في التاريخ، وقد فاقمتها أزمة المناخ".
وجاء تقرير أصدرته، السبت، شركة قياس نوعية الهواء "آي كيو إير" ليزيد الطين بلة، إذ أظهر أن خمساً من أكثر مدن العالم تلوثاً تقع في الساحل الغربي، مع تخييم سحابة من الضباب الدخاني الكثيف والرماد فوق المنطقة الممتدة من لوس أنجليس إلى فانكوفر في كندا.
وصرّح حاكم ولاية واشنطن، جاي إنسلي، لشبكة "إيه بي سي" الأميركية "إنه أمر مروّع"، وتابع "من المثير للغضب أن يواجه سكاننا حالياً هذا التحدي الكوني مع احتراق الساحل الغربي الأميركي برمته، وأن ينكر الرئيس أن هذه ليست مجرد حرائق غابات بل حرائق جراء (تغيّر) المناخ".
درجات الحرارة تعاود الارتفاع
ويعمل أكثر من 20 ألف إطفائي على مكافحة الحرائق التي يحذّر مسؤولون من اشتدادها، بعد أن تعاود درجات الحرارة ارتفاعها الإثنين، واشتداد حدة الأجواء الجافة.
وسجّلت غالبية الوفيات في كاليفورنيا وأوريغون، وقد أحصت أجهزة الطوارئ في الولايتين 30 حالة وفاة، وبين المتوفين فتى يبلغ 13 عاماً عثر على جثته في أوريغون داخل سيارة حاضناً كلبه، وكانت حرارة الطريق مرتفعة إلى درجة أدت إلى ذوبان إطارات السيارة.
وأدت مزاعم أُطلقت عبر شبكة الإنترنت، دحضها لاحقاً مكتب التحقيقات الفدرالي، وكانت تفيد بأن "متطرفين" يتعمّدون إشعال الحرائق في أوريغون، إلى إعاقة جهود الإغاثة، وأعلنت منصة فيسبوك، السبت، أنها تعمل على حذف هذه التعليقات.
وفي قرية إستاكادا، الواقعة في ريف أوريغون على مسافة كيلومترات من الحرائق، والتي أخليت هذا الأسبوع، عاد بعض السكان، السبت، وسيروا دوريات مسلّحة في الشوارع، تحسباً لحصول أعمال نهب، وفق ما أفاد مراسل وكالة فرانس برس، وتحصّن آخرون داخل منازلهم مع تخييم الضباب الدخاني وسُحب الرماد فوق المنطقة.
وحذّرت شرطة مقاطعة مولتنوما، حيث تقع مدينة بورتلاند، أنها ستعمد إلى توقيف المسلّحين، الذين عمدوا إلى قطع الطرق المؤدية إلى مناطقهم، وقالت جوي البالغة 56 عاماً لفرانس برس، رافضة كشف كامل هويتها، والتي نزحت مع ابنتها إلى مركز إيواء في بورتلاند، إنها لا تعلم إن كان منزلها في إيمز لا يزال صامداً.
وقالت إنهما قررتا إخلاء المنزل عندما شاهدتا طائراً محلقاً "يهبط من السماء"، وتابعت "الحريق يقضي على الكائنات الحية، ولا أريد أن أموت".
وفي كاليفورنيا، أعلن كوري هونيا، قائد الشرطة المحلية في باتي كاونتي، استقدام مزيد من الفرق للبحث عن ضحايا لكن الأجواء الشديدة الحرارة حالت دون إجراء عمليات البحث، وفي بارقة أمل نادرة، تبيّن أن ما كان يعتقد أنه أحد الضحايا في باتي كوانتي، هو هيكل عظمي تشريحي كان يستخدم في إحدى قاعات الدراسة.
(فرانس برس)