وتسلّم الرئيس الإيراني رسالة خطية، في إطار وساطة تقوم بها الكويت بين دول الخليج وإيران، بسبب الخلافات والتوترات بين الطرفين في عدة قضايا، أبرزها قضيتا سورية واليمن.
كما التقى وزير الخارجية الكويتي كذلك عدة مسؤولين إيرانيين، أبرزهم وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف.
وكانت دول الخليج العربي الست، قد كلّفت دولة الكويت في القمة الخليجية -البريطانية التي عقدت في البحرين، بنقل رسالة خاصة إلى إيران، على أن يصوغها ويتولى أمرها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح، الذي عرف بدبلوماسيته الخارجية، وانفتاحه على كافة الأطراف السياسية في المنطقة.
ولم تذكر وكالة الأنباء الكويتية "كونا" أو أي جهة رسمية في البلدين فحوى هذه الرسالة، لكن مصدرا من داخل الخارجية الكويتية أكد لـ"العربي الجديد" أن "فحوى هذه الرسالة كان متعلقاً بالسعي للتوصل إلى تسويات مهمة في أربع مناطق جغرافية أساسية، ومنطقتين هامشيتين. كما أن حرب اليمن والوضع السياسي في البحرين، كانا في صلب الرسالة، التي أكدت رغبة دول الخليج في فتح صفحة جديدة مع إيران، والوصول لقائمة تسويات في المنطقة وإنهاء حالة الاستقطاب في الشرق الأوسط".
وبحسب المصدر "هناك رعاية بريطانية لهذه المصالحة المرتقبة، وليس هناك أي هدف اقتصادي أو سياسي من الزيارة حتى الآن، إذ إنها تقتصر على تسليم الرسالة فقط، من دون توقيع أي اتفاقيات حتى هذه اللحظة".
وشهدت العلاقات الخليجية الإيرانية ذروة التوتر، بعد قيام مجموعة من المتظاهرين الإيرانيين بالهجوم على السفارة السعودية في طهران، ونهب محتوياتها وإحراقها، احتجاجاً على إعدام 47 متهماً بالإرهاب في السعودية، من بينهم السياسي ورجل الدين الشيعي نمر النمر.
وكان وزير الخارجية الكويتي، قد صرح قبل لقائه الرئيس الإيراني بيوم واحد بأن "الرسالة تتمحور حول الحوار بين مجلس التعاون لدول الخليج الفارسي والجمهورية الإسلامية الايرانية، والذي يقوم على أساس مبادئ القانون الدولي".
وفي السياق، يقول الباحث السياسي عبدالملك التميمي لـ"العربي الجديد" إن الكويت لم تتبرع باختيار دور الوسيط، بل رُشحت من دول الخليج، والسبب أن سياستها الخارجية خلال فترة الربيع العربي، كانت الأكثر اتزاناً على الإطلاق في المنطقة، حيث اكتفت بدعم مبادرات السلام في جميع البلدان. كما دعمت على مضض النظام المصري الجديد، ولم تنجرف في تأييده، كما أنها تركت لشعبها حرية دعم الثورة في سورية، دون أن تتدخل بشكل واضح".
وأضاف "أما من جهة أخرى، فإن اختيار دول مجلس التعاون للكويت دون عمان، التي تعد الأقرب لإيران، يعود إلى أن الكويت برغم موقفها الحيادي، إلا أنها ما زالت في المعسكر الخليجي، خصوصاً مشاركتها في تحالف دعم الشرعية في اليمن بقوات مدفعية".
ورأى التميمي أنّ "إيران تثق كذلك بالكويت، خصوصاً أن الأقلية الشيعية في البلاد، تتمتع بثقل قوي في البرلمان والحكومة الكويتية على العكس من دول المنطقة الأخرى، وهو ما تراه إيران بادرة ثقة من الكويت نفسها".
ومرت العلاقات الكويتية الإيرانية بعد الثورة الإسلامية في إيران، بتوترات كبيرة بسبب دعم النظام الكويتي اللا محدود للعراق في حربها مع إيران، وحاولت الخلايا الإيرانية في الكويت اغتيال أمير البلاد الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح عام 1985، على يد أعضاء حزب الدعوة العراقي الموالي لإيران.
وشن الإيرانيون في الكويت سلسلة هجمات استهدفت الأسواق ومصافي النفط وأماكن التجمعات العسكرية، في ما عرف بالثمانينيات السوداء في الكويت خلال الحرب العراقية الإيرانية، لكن هذا الموقف تبدل بعد غزو النظام العراقي السابق للكويت بقيادة صدام حسين.
وكان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد قد زار إيران في عام 2014 والتقى بالمرشد الأعلى خامئني، وبحثا التطورات في المنطقة آنذاك، وقام بتوقيع عدة اتفاقيات اقتصادية وسياسية مهمة رفعت حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى ملياري دولار سنوياً.
وتتمتع الكويت بعلاقات اقتصادية واسعة مع إيران منذ تأسيسها، بسبب تقارب الحدود البحرية بين البلدين، كما استخدم رجال الأعمال الإيرانيون الكويت لإخفاء الأموال الحكومية لدى المصرفيين الإيرانيين المستقلين، بعيداً عن أعين مجلس الأمن ووزارة الخارجية الأميركية، هرباً من العقوبات على إيران.
وقال النائب الإسلامي في البرلمان الكويتي وليد الطبطبائي لـ"العربي الجديد" "إن الجغرافيا حتمت على الكويت أن تكون بجانب الخطر الإيراني والعراقي، الطامح بالتوسع في المنطقة دوماً، ونحن نثق بقدرة سمو أمير البلاد على حل الأمور الخارجية، ومحاولة تحييد الجانب الإيراني والتوسط بين إيران والسعودية وبقية بلدان الخليج، لكننا لن ننسى جرائم النظام الإيراني ضد المدنيين في سورية واليمن، كما أننا لن ننسى جرائم النظام نفسه في الكويت ومحاولته اغتيال أمير البلاد، وخطفه للطائرات المدنية الكويتية في الثمانينيات".