تزيد الحرب من معاناة الأيتام في اليمن. فقد تسبب القصف والعنف في 19 محافظة يمنية في توقف الدعم لدور الأيتام الحكومية والمؤسسات الخيرية التي تأوي الأيتام. كما توقف الدعم الفردي والمبادرات الشخصية، ما انعكس سلباً على آلاف من الأيتام.
يقول المواطن حميد غالب إنّ الدعم الذي كان يتلقاه من "فاعل خير" كمعونة شهرية لأطفال أخيه الأربعة، قد توقف. ويتابع: "مات أخي الأكبر في حادث سير قبل سنوات، وتكفّل فاعل خير بأبناء أخي وأمّهم، يرسل لهم مبلغ 50 ألف ريال يمني شهرياً (أقل من 250 دولاراً)، لكنه توقف منذ شهرين تقريباً".
يشير غالب إلى أنه لا يتمكن من توفير مثل هذا المبلغ للعائلة لأنه يعمل أجيراً يومياً. ويقول لـ "العربي الجديد" إنّ أوضاع أسرة أخيه تدهورت، فهي تعيش اليوم بما يقدمه الجيران والأقرباء لهم، أو بما يستطيعون اقتراضه. ويلفت إلى أنه لا يعرف أسباب توقف فاعل الخير عن تقديم مساعدته لهذه الأسرة، فقد حاول الاتصال به مراراً خلال فترة الحرب، لكن من دون جدوى.
إلى ذلك، اضطرت إدارة "مؤسسة الرحمة لليتيمات" في صنعاء إلى نقل 150 يتيماً ويتيمة من مقر المؤسسة في صنعاء إلى محافظة إب (وسط اليمن) بعد اشتداد القصف الجوي.
وتوضح مسؤولة الدور في المؤسسة أشواق عبد الله، أنّها اضطرت لنقل الأيتام الذين يتراوح عمرهم ما بين شهر و13 عاماً للحفاظ على حياتهم. ومع ذلك، تُرك الأيتام الذين يتجاوز عمرهم 13 عاماً في مركز المؤسسة في صنعاء.
وتشير عبد الله إلى أنّ المعوقات المالية تعتبر أهم المشاكل التي تواجهها المؤسسة حالياً. ففي اليوم الأول من وصول الأيتام إلى محافظة إب، تبرع فاعل خير بإحدى البنايات التي لم يتم إنجازها بشكل نهائي، لتكون مقراً مؤقتاً للأيتام. أما بالنسبة لنقل الأيتام من صنعاء إلى إب، فقد تبرّعت إحدى شركات النقل البري بعشر كراسٍ في كل حافلة ركاب فقط، وهو الأمر الذي جعلهم يضعون راكبين على كل كرسي في الحافلة، وأدى إلى وصول الأيتام على دفعات.
كما تقول أشواق إنّ المقر الجديد بحاجة إلى تأثيث متكامل. وتضيف: "نعاني من شح الموارد التي تمكننا من توفير متطلبات الأيتام الضرورية بما فيها الغذاء".
وتعتبر "مؤسسة الرحمة لليتيمات" أكبر مؤسسة خيرية غير حكومية معنية بإيواء الأيتام في اليمن. فقد تأسست في أكتوبر/ تشرين الأول 2001 لتعمل على رعاية اليتيمات الإناث. لكنها توسعت أخيراً لتستقبل الأيتام الذكور أيضاً ما دون سن 17 عاماً.
من جهته، يؤكد المسؤول الإداري في دار الأيتام الحكومي بصنعاء محمد الحذيفي، أنّ الكثير من الأيتام سافروا إلى أقرباء لهم في القرى والمناطق النائية بسبب الحرب. ويشير إلى أنّ "جزءاً من الكادر التعليمي في الدار قد غادر صنعاء إلى الريف".
ويضيف الحذيفي لـ "العربي الجديد" أنّ الدار تعيش أوضاعاً صعبة بسبب شح الموارد. ويوضح أنّ القائمين على الدار لا يستطيعون توفير وجبات غذائية مناسبة. ويعيد ذلك إلى رفض وزارة المالية تسديد مبلغ 200 مليون ريال يمني (نحو 10 آلاف دولار أميركي) لمتعهد الغذاء في الدار، ما جعله يقلل من كميات الغذاء المقدمة. ويقول إنّ الطباخين في الدار لجأوا إلى استخدام أخشاب الأبواب والمقاعد التالفة كوقود للطبخ، بعد انقطاع الغاز عن الأسواق.
يبلغ عدد الأيتام في دار الأيتام الحكومية في العاصمة صنعاء 800 يتيم من مختلف الفئات العمرية. ويشعر كثير منهم بالخوف نتيجة القصف المستمر وأصوات الانفجارات. كما توقف تقديم الدروس في الدار منذ أعلنت وزارة التربية والتعليم عن تعليق الدراسة بسبب الحرب. ويقضي الأيتام أكثر ساعات الأيام الهادئة في لعب كرة القدم والشطرنج وغيرهما بحسب الحذيفي.
معاناة مزدوجة للإناث
تعمل في مجال رعاية الأيتام في اليمن نحو 30 مؤسسة، من بينها 10 مؤسسات حكومية. وتكفل المؤسسات الحكومية ما يقرب من 40 ألف يتيم في فئات عمرية مختلفة من أصل مليون يتيم.
ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أنّ معظم دور الأيتام اليمنية، على قلتها، تستقبل الأيتام الذكور حصراً، باستثناء مؤسسة الرحمة لليتيمات في صنعاء، وهو ما يعرّض اليتيمات في البلاد إلى معاناة مزدوجة اليوم.