تعرضت التجارة الخارجية في اليمن لصدمة قوية خلال سنوات الحرب والصراع، إذ أكدت بيانات رسمية انخفاض قيمة الصادرات السلعية بحوالي 80% والواردات السلعية 20% عام 2018 مقارنة بما كانت عليه عام 2014، ما رفع عجز الميزان التجاري من حوالي 3.9 مليارات دولار عام 2014 إلى حوالي 5.5 مليارات دولار العام قبل الماضي، ويقدر بنحو 5.8 مليارات دولار في 2019.
ويعود تدهور التبادل التجاري مع العالم الخارجي، حسب تقرير رسمي صدر حديثاً واطلعت عليه "العربي الجديد"، إلى الإجراءات الضارة للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن المتمثلة في إغلاق بعض المنافذ البرية والجوية الرئيسية وتعرضها للأضرار المادية إضافة إلى مغادرة شركات النفط والغاز الأجنبية اليمن وتأخر دخول وتخليص السفن في الموانئ اليمنية، وعوامل أخرى منها شح النقد الأجنبي وتأثر القدرة الاستهلاكية والإنتاجية للبلد.
وصُنف اليمن في ثاني أسوأ مرتبة عالمياً في مؤشر التجارة عبر الحدود في تقرير البنك الدولي حول بيئة أداء الأعمال الصادر في 2019.
وفي هذا السياق، يرى نبيل عبد القادر، المسؤول بمركز تنمية الصادرات الحكومي، أن الاختلال الحاصل في الميزان لا يشمل فقط الصادرات النفطية، بل شمل تراجع الصادرات السمكية والزراعية بنسبة تزيد على 70%، إذ يستوعب هذا القطاع مئات الآلاف من الأيادي العاملة، وأن توقف صادراته وإنتاجيته كان أحد أهم الأسباب التي خلقت أكبر أزمة إنسانية تشهدها البلاد حسب تصنيف الأمم المتحدة.
وقال عبد القادر لـ "العربي الجديد"، إن انهيار الصادرات تسبب في تدهور الوضع الكلي للأمن الغذائي في اليمن.
وأضاف أن تراجع الصادرات قلص تدفق النقد الأجنبي إلى البلاد، وبالتالي، فقد ساهم ذلك في تدهور العملة الوطنية مقابل الدولار وارتفاع سعر صرفه لتمويل واردات السلع الغذائية الأساسية بأكثر من ضعفين مقارنة بما قبل الحرب.
ومنذ بداية إبريل/ نيسان 2015، توقف تصدير النفط الخام والغاز الطبيعي المسال باستثناء تصدير كميات محدودة من النفط الخام، مما ساهم بقوة في تفاقم الأزمة المالية بالبلاد وساهم في تدهور العملة الوطنية.
وتعتمد الموازنة العامة في اليمن على موارد النفط والغاز بدرجة أساسية بنسبة تتعدى 80%، بحيث لا تستطيع الحكومة إدارة الموازنة في ظل توقف صادرات المادتين وعدم القدرة على تحصيل بقية الموارد من الضرائب والجمارك وانقسام مؤسسات المالية بين أطراف الصراع في البلاد.
في هذا الصدد، يقول أستاذ إدارة الأعمال بجامعة صنعاء، أحمد ناجي مصلح، إن هناك الكثير من الاختلالات الهيكلية في البناء الاقتصادي لليمن، فالإنتاج وتوليد الدخل والناتج المحلي والصادرات تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط والغاز اللذين يمثلان نحو 95% من إجمالي الصادرات اليمنية، وبالتالي تهاويها عرّض البلاد لأزمة اقتصادية كبيرة.
ويرى مصلح في حديث مع "العربي الجديد"، أن الخطر الحقيقي في هذا الجانب يتمثل في وضعية القطاع الخاص والتخوف الكبير الذي تحول إلى توقف الكثير من الأنشطة وهروب العديد من الأعمال ورؤوس الأموال إلى الخارج.
ولا يعمل الاقتصاد بمعزل عن منظومة المجتمع بمكوناته الاجتماعية والسياسية والأمنية، فهو يتأثر ويؤثر فيها حسب مصلح، الذي يرى أن اضطرابات الصراع الدائر أثرت سلباً وبشكل كبير في النمو الاقتصادي، فضلاً عن تداعياتها على الجوانب الاجتماعية وتفاقم مشكلات الفقر الذي تجاوزت معدلاته 70%، والبطالة التي تقدر بنحو 60%.
وأكد أن الاختلال الحاصل في الميزان التجاري يعود بشكل رئيسي للحصار المفروض على اليمن وتقويض مؤسسات الدولة وهجرة رؤوس الأموال، إضافة إلى الإغلاق الذي طاول المنافذ البرية والبحرية والجوية.