قطعت الحكومة الأردنية الطريق اليوم على مجلس النواب في اتخاذ قرار فوري في ما يتعلق باتفاقية الغاز مع الاحتلال الإسرائيلي، بعدما أعلنت رغبتها في توجيه سؤال إلى المحكمة الدستورية حول المادة (33) من الدستور. وذلك، بالتزامن مع مطالبة رئيس مجلس النواب الأردني عاطف الطراونة الحكومة بإلغاء الاتفاقية، مهما كان رأي المحكمة الدستورية.
وتنص الفقرة 2 من المادة 33، من الدستور الأردني، على أن "المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس في حقوق الأردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة، ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية".
ولاقت اتفاقية الغاز مع الاحتلال رفضا واسعا من قبل أعضاء مجلس النواب الأردني خلال جلسة رقابية لمناقشة اتفاقية الغاز وملف الطاقة، في جلسة اليوم الثلاثاء، وأجمع النواب على وصف الغاز الإسرائيلي بأنه غاز مسروق من قبل دولة الاحتلال من الشعب الفلسطيني.
وقال نائب رئيس الوزراء الدكتور رجائي المعشر إن الحكومة قررت إحالة اتفاقية الغاز إلى المحكمة الدستورية لإبداء رأيها حول وجوب عرضها على مجلس النواب أولاً، مضيفا أنه إذا رأت المحكمة وجوب عرضها على المجلس ستعد الحكومة مشروع قانون وتعرضه على مجلس النواب.
وردا على موقف الحكومة، بدأ نواب بجمع التواقيع على مذكرة نيابية لسحب الثقة من حكومة عمر الرزاز، لموقفها في قضية اتفاقية الغاز.
لكن المفارقة أن عددا كبيرا من النواب قالوا إنهم يناقشون اتفاقية الغاز من دون الاطلاع على تفاصيلها، فيما انتقد بعضهم عدم قيام الحكومة بتقديم ملخص عن الاتفاقية لإطلاع النواب عليها على الأقل.
ومنع مجلس النواب الأردني المواطنين، من حضور جلسة المناقشة التي عقدت اليوم حول الاتفاقية من شرفات المجلس، وقالت الأمانة العامة للمجلس في بيان صحافي إن عدداً كبيراً من المواطنين توافدوا لحضور الجلسة، وحفاظاً على سير الجلسات تم حصر الحضور اليوم بوسائل الإعلام فقط.
ونفذ عدد كبير من المواطنين اليوم الثلاثاء اعتصاماً أمام مجلس النواب للمطالبة بإلغاء اتفاقية الغاز، وجاء الاعتصام في الوقت الذي يناقش خلاله المجلس الاتفاقية.
وانتقد مواطنون منع حضورهم الجلسة بالقول إنه "في الدستور الأردني يحق لأي مواطن يرغب بحضور جلسات مجلس النواب الدخول. ولا يحق لأحد منعه، أما في النظام الداخلي للمجلس مادة (211) لا يجوز لأحد دخول حرم المجلس إلا بتصريح يصدر طبقا للنظام الذي يضعه المجلس.
وحصلت بعض المشادات خلال الجلسة، ومنها عندما قال النائب أحمد الرقب: "لا أتشرف بأن أكون عضواً في مجلس النواب يوافق على اتفاقية الغاز"، ورد عليه رئيس المجلس عاطف الطراونة "ونحن لا نتشرف بوجودك بيننا، وبإمكانك تقديم استقالتك الآن".
كما أثارت مداخلة للنائب خالد الفناطسة حول القيادي المفصول من حركة "فتح" الفلسطينية محمد دحلان، مشادة تحت قبة البرلمان مع النائب محمد الظهراوي.
واختتم الفناطسة مداخلته خلال مناقشة اتفاقية الغاز تحت قبة البرلمان بالقول: "لا لعملاء دحلان في هذا الوطن"، قبل أن يحتجّ النائب محمد الظهراوي.
واعتبر رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة، أن ما يجري "هو أمر مفتعل لإفشال الجلسة"، قبل أن يعود النواب لاستكمال الجلسة.
واقترح رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب عبد المنعم العودات، الاحتكام إلى المحكمة الدستورية لتفسير المادة رقم 33 من الدستور، ليتمكن المجلس من اتخاذ قراره حول اتفاقية الغاز، موضحا أن المحكمة الدستورية ستتخذ قرارها؛ هل الحكومة ملزمة بتقديم الاتفاقية عبر مشروع قانون أم أنها غير ملزمة؟.
بدوره أيد رئيس الوزراء عمر الرزاز مقترح العودات وأبدى استعداد الحكومة لإرسال الاتفاقية والمادة الدستورية 33 منه، لافتا إلى أنه تمت مناقشة هذه الاتفاقية، التي وقعت عام 2016، أكثر من مرة نيابياً.
وكانت الحملة الوطنية لإسقاط الاتفاقية "غاز العدو احتلال"، قد رأت في بيان لها أصدرته الأحد الماضي، أن مجلس النوّاب أمام لحظة تاريخيّة فارقة تتعلّق بأمن ومستقبل الأردن ومواطنيه، وتتعلّق بالموقف من دعم الإرهاب الإسرائيلي بأموال دافعي الضّرائب الأردنيين.
واعتبرت الحملة أن هذه الاتفاقية تتعلّق بحرمان الاقتصاد الأردنيّ والمواطنين الأردنييّن من التنمية وتوفير عشرات آلاف فرص العمل من خلال استثمار عشرة مليارات دولار (هي قيمة الصفقة) في بلدنا، بدلاً من استثمارها في دولة الاحتلال، ودعم جيشه ومستوطناته وحروبه، وتوفير الرّفاه للمستوطنين.
وطالبت الحملة مجلس النواب بإسقاط هذه الاتفاقيّة بقرار مُلزم، وليس بالخروج بمجرّد توصيات مُفرغة من المضمون الإلزامي، وبحسب الصلاحيات الدستوريّة للمجلس والمنصوص عليها في الفقرة 2 من المادة 33 من الدستور الأردني، إضافة إلى الصلاحيّات التشريعيّة التي يملكها المجلس، والتي تمكّنه من سنّ قوانين تمنع استيراد الغاز أو أيّة سلع ذات طابع استراتيجي أو سياديّ من العدو الصهيونيّ.
ووقعت الاتفاقية التي تواجه برفض شعبي، بين شركة الكهرباء الأردنية المملوكة بالكامل للدولة، وشركة "نوبل إنيرجي"، صاحبة امتياز الغاز في المناطق المحتلة. وبموجب الاتفاقية، سيتم توريد الغاز للجانب الأردني من الاحتلال الإسرائيلي لمدة 15 عاماً، وبقيمة 15 مليار دولار.