ذكرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، اليوم الإثنين، أن الحكومة البريطانية ستقوم بالتعاقد مع شركة "ساتشي" للعلاقات العامة، لإدارة حملة إعلامية لصالح الحكومة التونسية، في محاولة منها لكسب دعم الناخبين، لصالح عدد من الإصلاحات التي تسببت بأكبر تظاهرات تشهدها البلاد منذ "الربيع العربي".
وستقوم الوكالة الإعلانية البريطانية بإدارة حملة علاقات عامة لصالح الحكومة التونسية، وبتمويل من "صندوق النزاع والأمن والاستقرار" البريطاني، بهدف توضيح طبيعة الإصلاحات الحكومية التونسية للشباب التونسي.
وتهدف الحملة إلى "تحسين الوعي الشعبي بدور الحكومة في التخطيط للإصلاحات الاقتصادية وتطبيقها". وتأتي هذه الإصلاحات الحكومية التونسية بطلب من صندوق النقد الدولي، الذي يدعم الخطة التونسية لتقليص عجزها الاقتصادي ودعم النمو.
وستستهدف الحملة، التي تديرها الشركة المقربة من دوائر حزب المحافظين البريطاني الحاكم، والتي تنوي افتتاحٍ مقرّ لها في العاصمة تونس، الشباب التونسي بين أعمار الـ18 و35 سنة، والذين يشكلون وقود الاحتجاجات التونسية.
وكانت تونس قد شهدت احتجاجات متزايدة منذ بداية العام الحالي، بعدما رفعت الحكومة من أسعار المواد الأساسية، ووضعت عدداً من الضرائب الجديدة، نتيجةً للضغوط التي يمارسها صندوق النقد الدولي للإصلاح الاقتصادي، كي تتمكن تونس من الحصول على قرض بقيمة 2.9 مليار دولار.
أما تمويل الشركة الإعلانية البريطانية، فستقدمه الحكومة البريطانية عبر "صندوق النزاع والأمن والاستقرار" للمساعدات الخارجية، والذي تبلغ قيمته الإجمالية أكثر من مليار جنيه إسترليني. ويوفر الصندوق البريطاني، الذي تدعمه وزارات بريطانية عدة، منها وزارتا الخارجية والتنمية الدولية، الدعم لعدد من المشاريع الخارجية البريطانية.
إلا أن الصندوق البريطاني عرضة للعديد من الانتقادات، خصوصاً من قبل النواب البريطانيين، بسبب قلة الشفافية والمحاسبة في تعاملاته. وكانت لجنة بريطانية مستقلة تختص بمراقبة تأثير المساعدات البريطانية وتقدم تقاريرها إلى مجلس العموم، قد وجهت انتقادات شديدة للطريقة التي يدار بها الصندوق، بما فيها إمكانية عمله مع أطراف تنتهك حقوق الإنسان.
وتأتي الخطوة البريطانية لدعم جهود الحكومة التونسية، ضمن التوجه الرسمي البريطاني لدعم جهود دول شمالي أفريقيا والساحل، بهدف التعامل مع مشاكل الهجرة والتطرف. إلا أن المفارقة في هذه الجهود، تأتي من محاولة دعمها الاستقرار في تونس من خلال دعم جهود التقشف الحكومي التونسي، وفقاً للويد راسل مويل، النائب عن حزب العمال في البرلمان البريطاني.
أما أسد رحمن، مدير منظمة "وار أون وانت" البريطانية، فيرى أن هذا النوع من المشاريع "يبدو وكأنه دعم من الحكومة البريطانية لنظيرتها التونسية، بدلاً من معالجة أسباب التظاهرات، والتي تكمن في قضايا اقتصادية تدور في فلك عدم المساواة".
من جهتها، ترى شايستا عزيز، الصحافية البريطانية والناشطة في مجال حقوق الإنسان، أن السياسات الأوروبية "يجب أن تنصب على الأسباب الحقيقية التي تقف وراء الهجرة".
وتقول عزيز، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه "يجب على القادة الأوروبيين وصل النقاط بين أسباب هجرة الأفراد من أوطانهم وقرارات السياسة الخارجية التي تتخذها عواصمهم، وتسليح الأنظمة والأطراف المسلحة النشطة في الحروب المستعرة، والمقاربات قصيرة النظر في محاربة التغيير المناخي. وحتى تقوم أوروبا بالتركيز على كيفية وأسباب تكوين اللاجئين والمهاجرين قسراً، فإن هذه الدائرة المغلقة من المعاناة البشرية ستستمر".
وكانت شرارة ثورات "الربيع العربي" قد انطلقت من تونس عام 2011، وتعد تجربتها الأنجح في العالم العربي، رغم هشاشة التحول الديمقراطي الذي تشهده البلاد.
وكان رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد أعلن هذا العام عن رغبة إدارته في تخفيض الإنفاق وإنعاش الصادرات، وتوفير عدد من الإجراءات الاجتماعية التي تحقق عدداً من مطالب المحتجين.