تعهدت الحكومة الجزائرية بتوفير آليات ضمان نزاهة الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة قبل العاشر من مايو/أيار، والبلدية المقررة نهاية السنة الجارية، ودعت الأحزاب والناخبين إلى المشاركة القوية في هذه الاستحقاقات الانتخابية، في الوقت الذي ما زالت فيه أحزاب المعارضة تتمسك بالتشكيك في وفاء السلطة بنزاهة الانتخابات، وفي قدرة اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات المعينة حديثا على منع التزوير.
وقال الوزير الأول الجزائري، عبد المالك سلال، أمس الأحد، على هامش تنصيب الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات، إن "الحكومة ستعمل على توفير كل الإمكانيات المادية اللازمة لضمان عمل الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات في أحسن الظروف، وضمان أكبر مشاركة للناخبين وللأحزاب السياسية في الانتخابات البرلمانية المقبلة".
وأضاف سلال: "هذا الموعد دستوري والسلطة تعهدت ووفت، هذه اللجنة التي نصبت اليوم بصفة رسمية تضم ممثلين من كافة شرائح الشعب الجزائري، هي أفضل ضمان بالنسبة للانتخابات البرلمانية ثم البلدية المقبلة، وهي ضمان كذلك لكل الجزائريات والجزائريين وكل الأحزاب للمشاركة بقوة في التشريعيات المقبلة. ستكون كل الظروف ملائمة، لقد وفرنا كل الظروف المادية للجنة لتشتغل في ظروف أفضل".
وتشكك أغلب الأحزاب السياسية في نزاهة مختلف الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر، وتعتبر أن السلطة تتحكم عبر الإدارة ووزارة الداخلية في مفاصل العملية الانتخابية، بدءا من تحديد القائمة الانتخابية إلى الجوانب التنظيمية ووصولا إلى إعلان النتائج.
واعتبر سلال أن "تنصيب الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات قرار حضاري وخطوة كبيرة من شأنها التأثير بصفة إيجابية على الناخبين الجزائريين"، في إشارة منه إلى إمكانية أن يشجع وجود هذه اللجنة الناخبين على المشاركة بقوة في الانتخابات المقبلة، ورفع نسبة التصويت، حيث تواجه السلطة في الجزائر أزمة ثقة بين الناخبين والاستحقاقات الانتخابية، ولم تتجاوز أعلى نسبة التصويت في الانتخابات التي جرت في العقد الأخير 63 في المائة، وتدنت في بعض الولايات إلى 33 في المائة.
ولم يحدد الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، موعد الانتخابات البرلمانية المقبلة، وقال رئيس الحكومة الجزائرية، إن هذه الانتخابات ستجري قبل شهر يونيو المقبل، وينص الدستور الجزائري على أن تجري الانتخابات في غضون الثلاثة أشهر التي تسبق تاريخ إجراء الانتخابات السابقة، والتي جرت في 10 مايو/أيار 2012، ما يعني أن الانتخابات البرلمانية يمكن أن تتم بين 10 مارس/آذار إلى 10 مايو المقبل.
وفي نفس السياق تعهد رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات، عبد الوهاب دربال، ببذل هيئته كل الجهد لتنظيم انتخابات نظيفة ونزيهة، وحماية حق الاختيار الشعبي وحماية إرادة الشعب وتكريس حقه في حرية اختيار من يمثله في البرلمان.
وقال: "نؤكد لكم نيتنا الصادقة وعزمنا الراسخ وإرادتنا القوية من أجل تنظيم انتخابات نظيفة، تسهم في تحسين أوضاع البلاد نحو الأفضل".
وأكد دربال، وهو قيادي سابق في حزب إسلامي وسفير سابق للجزائر في الرياض وبروكسل، على أن اللجنة المستقلة لمراقبة الانتخابات ستلتزم الحياد، مشيرا إلى عدم انتماء أي من أعضائها لأي حزب سياسي.
وتتشكل الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات وفقا لما أقره الدستور المعدل في السابع من فبراير 2016، من 410 أعضاء، 205 منهم من القضاة و205 من الكفاءات الوطنية والمدنية غير منتمية سياسيا، عينهم الرئيس بوتفليقة.
وعبرت عدة أحزاب سياسية عن أملها في أن تسهم الهيئة الجديدة في ضمان نزاهة وشفافية الانتخابات، وقال الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني، جمال ولد عباس، إن تنصيب هذه الهيئة يتم لأول مرة منذ استقلال الجزائر. واعتبر رئيس الحركة الشعبية الجزائرية، عمارة بن يونس، تنصيب هذه الهيئة خطوة جديدة توفر آلية جديدة لضمان شفافية الانتخابات، فيما أكد رئيس حزب تجمع أمل الجزائر، عمار غول، أن تنصيب هذه الهيئة "خطوة إضافية في مسار عملية مراقبة الانتخابات.
لكن أحزابا سياسية أخرى ما زالت غير مقتنعة بالكامل بجدوى الهيئة الجديدة في ضمان نزاهة الانتخابات، وقال رئيس حزب جبهة المستقبل، من التيار الوطني، عبد العزيز بلعيد، إن حزبه ما زال يتمسك بمطلب إنشاء هيئة مستقلة منتخبة تشرف على تنظيم الانتخابات والإعلان عن نتائجها، وجدد الأمين العام لحركة النهضة، محمد ذويبي، إنشاء هيئة مستقلة لتنظيم الانتخابات. وشكك القيادي في حزب العمال اليساري، جلول جودي، في قدرة الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات على ضمان نزاهة الانتخابات وحياد الإدارة.
وكانت قوى المعارضة السياسية البارزة في الجزائر قد طالبت منذ عام 2014 بإنشاء هيئة مستقلة تتولى تنظيم ومراقبة والإعلان عن نتائج الانتخابات، وسحب تنظيمها من وزارة الداخلية، لكن الرئيس بوتفليقة رفض إدراج هذا المطلب في الدستور المعدل في السابع من فبراير 2016، وأنشأ بدلا عن هذا المقترح لجنة لمراقبة الانتخابات.
وبرغم عدم استجابة الرئيس بوتفليقة لمطالب المعارضة، فإن أغلب الأحزاب السياسية المعارضة قررت المشاركة في الانتخابات، عدا حزبين هما طلائع الحريات بقيادة رئيس الحكومة الأسبق، علي بن فليس، وحزب جيل جديد بقيادة جيلالي سفيان.