وأعلن الوزير الأول عبد الملك سلال اليوم في مؤتمر أن الحكومة قررت غلق كل القنوات غير المعتمدة من قبل الدولة في أقرب وقت. وقال سلال إن "هناك من بين 50 قناة تلفزيونية خاصة تنشط بطريقة غير قانونية، إلا 5 قنوات لديها اعتماد قانوني وترخيص من قبل السلطات". وأضاف "من الآن فصاعداً لن يسمح بتجاوز القانون".
واتهم الوزير بعض القنوات بأنها "تمارس الإشهار الكاذب وانتهاك الحياة الخاصة والمساس بالشرف والتضليل وبث الكراهية والجهوية"، مشيراً إلى أن "هذا الوضع يتطلب من الحكومة الإسراع في تطهير القطاع التلفزيوني". ودعا رئيس الحكومة إلى الإسراع في تنصيب هيئة السمعي البصري ووضع دفتر شروط لتنظيم القطاع، على أن يتم غلق كل القنوات التي لا تتطابق مع الشروط المنصوص عليها في دفتر الشروط.
وتنشط في الجزائر أكثر من 50 قناة تلفزيونية ذات مضمون إخباري وسياسي، لا تحوز 45 منها على أي ترخيص، بسبب حالة من الفوضى تسببت فيها السلطات التي تحاشت تنفيذ البنود المضمنة في قانون الإعلام، خاصةً ما يتعلق بإنشاء هيئة السمعي البصري التي تتولى وفق القانون منح الاعتمادات والتراخيص وتسيير القطاع التلفزيوني.
وتشهد الجزائر منذ صدور قانون الإعلام في يناير 2012، طفرة كبيرة في مجال القنوات التلفزيونية المستقلة، حيث بادرت صحف ورجال أعمال إلى إنشاء قنوات من دون أية ترتيبات قانونية.
ولا توجد في الجزائر حتى الآن هيئة ضبط السمعي البصري برغم صدور القانون المنظم لعملها في إبريل 2014. كما عين الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة رئيسها ميلود شرفي، لكن أعضاءها التسعة لم يتم تعيينهم حتى الآن (يعين كل ثلاثة منهم على التوالي رئيس الجمهورية ورئيس البرلمان ورئيس مجلس الأمة).
وعاد بوتفليقة قبل ثلاثة أشهر ليعين رئيس هيئة السمعي البصري كعضو في مجلس الأمة الغرفة الأولى للبرلمان، ما يعني بقاء الهيئة بدون أي عضو من أعضائها التسعة الذين ينص عليهم القانون.
وتتعاطى السلطات الجزائرية مع القنوات الجزائرية التي تبث من الجزائر، على أساس أنها مكاتب لقنوات أجنبية معتمدة في الجزائر.
وكانت السلطات قد أغلقت في مارس 2014 قناة "الأطلس" بسبب خطها المعارض، ولاحقاً أغلقت قناة "الوطن" المقربة من تيار الإخوان المسلمين في الجزائر.
ومن شأن قرار غلق 45 قناة تلفزيونية محلية أن يدفع بجيش من الصحافيين والتقنيين إلى البطالة، ما قد يخلق أزمة جديدة، تضاف إلى أزمة حادة بين الحكومة ومؤسسة الخبر، وهي أكبر المؤسسات الإعلامية في الجزائر وأكثرها مصداقية لدى الرأي العام المحلي والدولي.
واتخذت الحكومة الجزائرية القرار بعد أزمة "الخبر"، والتي أخذت بعداً سياسياً وشعبياً نتيجة التعاطف الكبير مع الصحيفة، في أعقاب محاولة السلطات التضييق عليها، ومنعها من بيع جزء من أسهمها إلى رجل أعمال لإنقاذها، من الحصار الذي تضربه عليها السلطات منذ عام 1998، بسبب خطها الافتتاحي المستقل، ورفضها التحول إلى منبر للسلطة، عبر رفع دعوى قضائية ضد المؤسسة الإعلامية لإلغاء صفقة بيعه جزء من أسهمها.
وتملك "الخبر" قناة تلفزيونية، وفي بداية الأزمة هددت السلطات بغلق المؤسسة الإعلامية قبل أن تتراجع عن تهديدها. ونفى وزير الاتصال الجزائري حميد قرين أمس الأحد، نية الحكومة غلق جريدة الخبر. وقال "دولتنا دولة قانون وأن حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال ليست لديها أية نية لغلق جريدة الخبر".
ومن الناحية القانونية لا تمتلك وزارة الاتصال حق التقاضي ضد مؤسسة إعلامية، باعتبار أن قانون الاعلام في الجزائر الصادر في يناير، يخول صلاحية تسيير الصحافة المكتوبة إلى سلطة الضبط، لكن السلطات عطلت أية إمكانية لإنشاء هذه الهيئة. كما أن القانون لا ينص على إحالة صلاحيات هذه الهيئة إلى وزارة الاتصال في حال لم تكن سلطة الضبط موجودة.