وتأمل الدولتان الراعيتان لمؤتمر الحوار، وفق بيان رسمي، "أن يساهم في تعزيز إجراءات بناء الثقة بين المشاركين الذين يمثلون طيفاً واسعاً من المجتمع الأفغاني بما يسهم في تعزيز السلام والأمن في أفغانستان والمنطقة"، علماً أن المؤتمر الذي يجمع ممثلين من حركة "طالبان"، وآخرين من الحكومة الأفغانية سيشاركون بصفتهم الشخصية، من المتوقع أن ينتهي من دون الإعلان عن اتفاقات في هذه المرحلة، لكن مجرد انعقاده يُعدّ بمثابة إنجاز نظراً للانقسام الكبير في الساحة الأفغانية واستمرار المواجهات المسلحة بين "طالبان" والحكومة.
وشهدت الدوحة خلال الأشهر القليلة الماضية عقد سبع جولات من المفاوضات بين "طالبان" وواشنطن، برعاية قطرية، أحرزت تقدّماً كبيراً، وفق تصريحات مسؤولين في "طالبان"، والمبعوث الأميركي. وحقق الطرفان تقدّماً كبيراً في بندي "انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، والضمانات بعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضد الولايات المتحدة وحلفائها". ومن المنتظر أن يبحث الطرفان وقف إطلاق النار، ونتائج الحوار الأفغاني-الأفغاني، بعد انتهاء الجولة السابعة، بما يمهد في حال التوصل إلى اتفاق، إلى توقيع سلام شامل يطوي 18 عاماً من الحرب في أفغانستان. وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قد قال خلال زيارة إلى كابول في يونيو/حزيران الماضي، إن الولايات المتحدة "توشك على الانتهاء من مسودة اتفاق مع حركة طالبان حول التأكيدات الخاصة بمكافحة الإرهاب"، معرباً عن أمله في التوصل إلى اتفاق سلام بحلول شهر سبتمبر/أيلول المقبل.
مشاركة "طالبان"
وأكد المتحدث باسم المكتب السياسي لحركة "طالبان" محمد سهيل شاهين، لـ"العربي الجديد"، مشاركة ممثلي الحركة في الحوار الأفغاني، قائلاً إن "طالبان لا تمانع في الجلوس على طاولة الحوار مع جميع الأطراف الأفغانية، بمن فيهم المشاركون من الحكومة الأفغانية أو قريبون منها، لأن الجميع يشارك بصفته الشخصية في المؤتمر".
ووفق شاهين، من المقرر أن يشارك في مؤتمر الحوار الأفغاني أعضاء من المكتب السياسي لـ"طالبان"، أبرزهم الملا عبد الغني برادر، رئيس المكتب السياسي للحركة، وشير عباس محمد ستاناكزاي، الذي يرأس وفد المفاوضات مع المبعوث الأميركي زلماي خليل زاد، وأعضاء المكتب عبد السلام حنفي الشيخ شهاب الدين دلاور، وقاري دين محمد حنفي، ومحمد زاهد أحمد زاي، ومحمد سهيل شاهين، ومحمد فضل، ومحمد نابي، وخير الله خيرخوا، وعبد الحق واثق، ونور الله نوري، وقال إن مؤتمر الحوار سيبحث آفاق تحقيق السلام في أفغانستان، لكنه لن ينتهي بالإعلان عن أي اتفاقات في هذه المرحلة.
وكان المبعوث الألماني إلى أفغانستان وباكستان، ماركوس بوتزيل، قد قال في بيان إن "برلين والدوحة وجّهتا الدعوات إلى المشاركين الأفغان الذين سيحضرون بصفتهم الشخصية". وجرى تأجيل مؤتمر الحوار الذي كان مقرراً في شهر إبريل/نيسان الماضي، بعد خلافات حول عدد وتمثيل الوفد القادم من أفغانستان والمشارك في الحوار. حينها أعلن المدير السابق لمركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا، "الجهة المنظمة للمؤتمر" ، سلطان بركات، تأجيل مؤتمر الحوار الأفغاني لمواصلة بناء توافق في الآراء بشأن الجهات التي ينبغي أن تشارك في المؤتمر. وأكد بركات أنه لا يوجد خلاف على جدول الأعمال، وأن لا أحد يشكك في التزام جميع الأطراف بتحقيق السلام، لكن لا يوجد اتفاق كافٍ حول المشاركة والتمثيل في المؤتمر، مضيفاً أن "جميع الأطراف تعمل على حل الخلافات بشأن حجم وشكل الوفد الذي سيشارك في مؤتمر الدوحة لتحقيق السلام في أفغانستان".
وفد كابول
وكشف مصدر مسؤول في الرئاسة الأفغانية، لـ"العربي الجديد"، أن عدد المشاركين في مؤتمر الحوار الأفغاني سيكون 60 شخصاً، من بينهم 15 من حركة "طالبان"، مضيفاً أن المؤتمر لن يشهد مشاركة الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، ولا مستشاريه، أو أي من المرشحين للانتخابات الرئاسية الأفغانية.
وحصلت "العربي الجديد" من مصادر حكومية أفغانية على قائمة تضم أسماء العديد من المشاركين في الحوار الأفغاني، بعضهم مسؤولون في الحكومة وممثلون عن الأحزاب المختلفة كالحزب الإسلامي والجمعية الإسلامية، إضافة إلى شخصيات علمية وسياسية ودبلوماسيين، من بينهم السفير الأفغاني السابق لدى باكستان محمد عمر زاخيلوا، وداکتر مهدي، مولوي عطا الرحمن سليم، فوزیه کوفي، زهرا نادري، معصومة خاوري، هادي رفیعي، سناتور سك، حبیبه سرابي، غیرت بهیر، باتور دوستم، مولوي قرلق، جفي زاده طلوع، شاه كل رضایی، متین بیك، حامد كیلانی، زینب موحد، داکتر سينتا، نادري نادر، عبدالستار سیرت، علي احمد جلالي، حاجی دین محمد حسن حق یار، روستا تره کي، شهزاد أکبر، صفیه صدیقي قربان علی فصیحي، صالح محمد سلجوقی، حكمت خلیل کرزي.
ووفق وكالة "رويترز"، فإن مؤسسة بيرغهوف، وهي منظمة ألمانية مستقلة لا تهدف إلى الربح، ستقدّم المساعدة خلال المحادثات، لكن الاجتماع سيقتصر بخلاف ذلك على الأفغان. كما أكد مدير مركز دراسات النزاع والعمل الإنساني في معهد الدوحة للدراسات العليا، سلطان بركات، لـ"العربي الجديد"، مشاركة المركز في رعاية المؤتمر وتقديم المساعدة والمشورة.
وقامت قطر ولا تزال بدور محوري في الدفع بمفاوضات السلام في أفغانستان من خلال استضافتها للمفاوضات التي تجري في الدوحة، وتقريبها وجهات النظر بين واشنطن وحركة "طالبان". ونجحت الدوحة في يونيو/حزيران 2014 في التوسط للإفراج عن الرقيب في الجيش الأميركي بوي بيرغدال، السجين الأميركي الوحيد في أفغانستان، وأعلن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما حينها الإفراج عنه مقابل خمسة من قادة "طالبان" كانوا معتقلين في قاعدة غوانتنامو الأميركية في كوبا، ما ساهم في ما بعد في إطلاق المفاوضات بين واشنطن وحركة "طالبان".
أما ألمانيا، فتُعدّ ثاني أكبر مانح لأفغانستان، وعضواً مؤثراً في التحالف الذي يقوده حلف شمال الأطلسي في أفغانستان ويضم 39 عضواً. وأنفقت ألمانيا العام الماضي 23 مليار يورو (25.76 مليار دولار) على دمج مئات الآلاف من اللاجئين من دول مثل أفغانستان والعراق وسورية في المجتمع، ولها أيضاً أسباب داخلية ملحّة لإقرار السلام في أفغانستان، وفي العام المقبل، سيتعيّن على البرلمان الموافقة على استمرار وجود 1200 جندي ألماني في أفغانستان.
وسبق للمبعوث الألماني إلى أفغانستان ماركوس بوتزيل، أن التقى مرتين بالملا عبدالغني برادر، في الدوحة، وناقشا "إيجاد حل سلمي للصراع في أفغانستان"، والمحادثات القائمة بين الولايات المتحدة و"طالبان". ووفق بيان للحركة "فإن المبعوث الألماني أكد الدور الإيجابي لبلاده في ما يتعلق بالسلام، وضرورة الحفاظ على الاتصال المنتظم مع مكتب طالبان في الدوحة".
ودعا المبعوث الألماني إلى أفغانستان، إلى "إجراء محادثات سلام بين طالبان وفريق التفاوض الأفغاني الشامل الذي تقوده الحكومة الأفغانية". وحسب الموقع الإلكتروني لإذاعة "دويتشه فيله"، فإنه "شدد على ضرورة التوصل إلى اتفاق شامل بخصوص إحلال السلام في أفغانستان"، وقال إن ذلك يتطلب وقتاً. وأكد بوتزيل أن التعاون الاقتصادي بين ألمانيا وأفغانستان بعد إبرام أي اتفاق سلام سيواصل الاعتماد على الاستمرارية الدستورية وحماية حقوق الإنسان.