أثار تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" الأخير، الذي اتهمت فيه النظام المصري بارتكاب "جريمة ضد الإنسانية"، خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة، في 14 أغسطس/ آب 2013، ردود فعل عنيفة من قبل السلطات، إذ وضعته الخارجية المصرية في سياق "المواقف العدائية والسلبية من ثورة ٣٠ يونيو/ حزيران". كما انتقدت لجنة "تقصي حقائق الثلاثين من يونيو"، تركيز التقرير على "فض الاعتصامين، وإغفال وقائع أخرى، كهدم الكنائس والاعتداء على المسيحيين وممتلكاتهم، والعنف في الجامعات، والهجوم على منشآت الشرطة".
وقال مصدر مسؤول في وزارة الخارجية المصرية، تعقيباً على التقرير، إن "المنظمة تستهين بإرادة الشعب المصري من خلال الدأب على نشر تقارير أقل ما توصف بأنها غير موضوعية ومتحيّزة لصالح طرف يمارس العنف والإرهاب، ويأخذ موقفاً رافضاً لإرادة الملايين من المصريين الذين نزلوا إلى الشوارع، رفضاً لحكم وممارسات الإخوان وأنصارهم".
وأوضح المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن "المتابع لبيانات هذه المنظمة المشبوهة تجاه مصر، يمكنه أن يتحقّق بوضوح من تحيّزها السافر، وهو ما تفسّره التقارير العديدة التي تشير إلى العلاقات التي تربط بينها وبين التنظيم الإرهابي للإخوان وأنصارهم". وأضاف: "يثير ذلك تساؤلات حول مصادر تمويل هذه المنظمة والأجندة التي تعمل من أجلها، والانتقائية وعدم الموضوعية في تقاريرها".
وتساءل المصدر: "لماذا لم يتضمن هذا التقرير المشبوه أية إشارة إلى شهداء الجيش والشرطة والمدنيين الذين استشهدوا خلال العام الماضي في مواجهتهم لأعمال الإرهاب، التي يدعمها ويؤيدها هذا التنظيم الإرهابي، والذين بلغ عددهم حتى هذه اللحظة أكثر من 800 شهيد".
وفي السياق، انتقدت لجنة "تقصي حقائق الثلاثين من يونيو"، اكتفاء تقرير المنظمة "بأحداث رابعة والنهضة والحرس الجمهوري والمنصة، واغفال التعليق على وقائع أخرى لا تقل أهمية، كهدم الكنائس والاعتداء على المسيحيين وممتلكاتهم، والعنف في الجامعات، والهجوم على منشآت الشرطة".
وكانت هذه اللجنة، قد شكلت بقرار من الرئيس المؤقت، عدلي منصور، في 21 ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، لتقصي الحقائق في 10 ملفات، أبرزها فضّ اعتصامات المعارضين للنظام الحالي، ومقتل جنود الجيش والشرطة في سيناء، وحرق الكنائس، إضافة إلى ملفات أخرى. وحدد عملها بستة أشهر، مددت لثلاثة أشهر أخرى، بأمر من الرئيس عبد الفتاح السيسي.
ولفتت اللجنة، على لسان أمينها العام، ومتحدثها الرسمي، المستشار عمر مروان، إلى أنها "ستستعين بالمعلومات الموثّقة التي جاءت في تقرير "هيومن رايتس ووتش"، لكنها أكدت في الوقت نفسه أنها "ستستبعد المعلومات التي ليس لها سند أو دليل موثّق، مع تحييد أي صراع بين المنظمة وتوجهاتها، والسلطة الحاكمة في مصر".
وتثار العديد من الأسئلة حول طبيعة عمل "تقصي الحقائق"، وسط اتهامات من قبل معارضين بأنها وجه آخر للسلطة وجزء من محاولات تبرئة النظام الحالي من جرائمه.
وقد اعترف رئيس اللجنة، فؤاد عبد المنعم رياض، بأن تشكيلها "جاء تفادياً لتشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق"، ما دفع الكثيرين إلى التشكيك في جدية عملها.
كما أن اللجنة خالفت مبدأ سرية نتائج التحقيقات، فأخرجت خلال عملها، شهادات معتقلين تعرضوا لتعذيب ممنهج، الأمر الذي دفع اللجنة للتحقيق في ادعاءات التعذيب داخل السجون، وزيارة أعضائها لعدد منهم، بالتنسيق مع وزارة الداخلية، معلنةً بعد كل زيارة النتائج التي توصلت إليها، التي تمثلت جميعها بعدم وجود تعذيب. ما فسره البعض بأنه محاولة لتبييض وجه النظام.
يضاف إلى ذلك، أن مجموعة من المنظمات الحقوقية انتقدت عمل اللجنة، وأوضحت في بيان مشترك انها لم تتلقَّ، خلال اجتماعها معها، إجابات واضحة حول أسئلة طُرحت في الاجتماع. ومن أبرز هذه المنظمات: "الجماعة الوطنية لحقوق الإنسان والقانون"، "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، ومركز "القاهرة لدراسات حقوق الإنسان".