كان العمل الخيري في تونس قبل الثورة حكراً على المؤسسات الرسمية، ومحرماً على الجمعيات الأهلية، سواء في شهر رمضان أو في غيره من بقية أشهر السنة. وكان مقتصراً على "صندوق 26 -26" الذي أنشأه الرئيس المخلوع، زين العابدين بن علي، ويُدفع فيه المال قسراً من الشعب التونسي كافة.
لكن الوضع اختلف، بعد الثورة وأنشأت مئات الجمعيات الخيرية لمواجهة حالة الفقر الشديد، التي يعاني منها ربع سكان تونس. وشهدت تونس حراكاً وإقبالاً واسعاً على العمل الخيري منذ سنة 2011. وقد تجاوز العمل الخيري مجرّد تقديم إعانات غذائية أو كفالة يتيم أو زيارة مريض، من خلال المساهمة في توفير عمل لبعض العاطلين عن العمل.
يشرح مدير جمعية "الرّحمة للتكافل الاجتماعي" خميس قشة الحزامي، في حديث لـ"العربي الجديد" أنّ "العمل الخيري يمثل أحد قطاعات المجتمع الفاعلة، والمؤثرة في التنمية الشاملة وبناء الإنسان الصالح النافع لوطنه وأمته. فمفهوم العمل الخيري الذي نقصده، هو أوسع وأشمل مما تقوم به مؤسساتنا الناشئة في تونس خلال هذه الفترة، التي ركزت على العمل الإغاثي مع أهميته، إذ يوجد فارق كبير بين الصَدقة، التي تدفع لسد حاجة ملحة، وبين العطاء الممتد لسد الاحتياجات الأساسية للإنسان من تربوية ودعوية واجتماعية وصحية".
ويشير رئيس "جمعية تونس الخيرية" عبد المنعم الدائمي، إلى أن جمعيته "تهدف إلى خدمة المجتمع المحلي والدولي على حدّ السواء من خلال تقديم المساعدات الإنسانية في جميع مجالات الإغاثة والتنمية".
ارتبطت "جمعية تونس الخيرية" بالثورة التونسية في المولد والنشأة. يشرح الدائمي: إنّ جمعيته انتقلت إلى عدّة مناطق تونسية، لاسيما في الأرياف لتقديم المساعدات للعائلات المعوزة والفقيرة. إضافة إلى دعم بعض المشاريع التنموية الصغيرة.
يذكر، أن انطلاقة الجمعية في العمل الخيري كانت مع إغاثة اللاجئين في الجنوب التونسي بمخيم الشوشة من خلال توفير فرص الإحاطة النفسية، وتوفير مركز تربوي وترفيهي للاجئين الليبيين.
يقول صالح، من مدينة، عين دراهم، في الشمال الغربي، وهو أحد المنتفعين من خدمات الجمعية: إن عائلته لم تلق اهتماماً من الجهات الرسمية على الرغم من الأوضاع التي تعيشها من فقر، في حين أن "جمعية تونس الخيرية" قدمت له المساعدة خصوصاً في فصل الشتاء من مؤونة وفرش وأغطية. وقد شملت المساعدات العديد من العائلات في منطقته، وفق ما يلفت إليه.
وتعرف مدينة، عين دراهم، كل شتاء ظروفاً قاسية بسبب الثلوج التي تقطع الطرقات و توقف الإمدادات عن المدينة في مشهد يتكرر سنوياً.
على صعيد آخر، يشير الدائمي، إلى أن الجمعية ساعدت في كفالة أيتام وتقديم مساعدات غذائية وأدوية وأغطية في المناطق المهمشة والمحتاجة، لاسيما في المواسم الكبرى، كالعودة المدرسية وشهر رمضان.
وتعتبر "جمعية تونس الخيرية" واحدة من مئات أو آلاف الجمعيات التي تضم شباباً آمنوا بأهمية العمل التطوعي والخيري في تغيير وجه تونس وحياة الآلاف من أبنائها.