تبدأ، غداً الاثنين، اجتماعات الجولة الثالثة من مفاوضات اللجنة الدستورية السورية بعد توقف دام نحو تسعة أشهر، وسط سقف توقعات لا يدعو للتفاؤل بتحقيق تقدّم ملموس، جاء على لسان المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون. الأخير يرعى هذه الجولة من المفاوضات، ونبّه إلى عدم توقع حصول معجزة ضمن اجتماعات اللجنة الدستورية الحالية. ويشي هذا الوضع بأن الجولة الحالية قد لا تحمل أي جديد يتعلق بجوهر عمل هذه اللجنة، وإنما يرجح أن تناقش تفاصيل سيُغرقها فيها وفد النظام الذي يبدو أنه لا يزال قادراً على كسب مزيد من الوقت في تعطيل أعمال هذه اللجنة، وأعمال الهيئة العليا للمفاوضات ككل، على الرغم من كل التنازلات التي فُرضت على المعارضة في ما يخص هذه الهيئة، بدءاً من آلية تشكيلها وتطعيمها بمنصات لا تنتمي للمعارضة وإنما تتبع لدول، وليس انتهاء بالإملاءات التي تفرض على جدول أعمالها.
إلا أن توقيت اجتماع اللجنة الدستورية الحالي يكتسب أهمية بالغة، كونه يأتي قبل عشرة أشهر فقط من انتهاء ولاية رئيس النظام السوري بشار الأسد في يوليو/ تموز 2021، الأمر الذي يعني أن عدم تمكن اللجنة من إنهاء أعمالها والاتفاق على دستور جديد لسورية قبل هذا التاريخ، سيُفسح المجال أمام الأسد لتمديد ولايته لسبع سنوات أخرى بطريقة مشابهة لما حصل في عام 2014. ومن شأن ذلك تعقيد أي حل سياسي، وبالتالي فإن نتائج اجتماعات اللجنة الدستورية خلال هذه الفترة يمكن قراءتها على أنها انعكاس لمدى الرغبة الدولية في إيجاد حل سياسي حقيقي في سورية يقوم على قرارات الأمم المتحدة. كما أنه يشكل، بالدرجة الأولى، انعكاساً لمدى الرغبة الروسية في إيجاد حل سياسي في سورية، كونها الدولة الأكثر تحكماً بقرارات النظام، والأكثر قدرة على لجم عمليات التمييع المتكررة من قبل النظام لكل الطروحات الدولية، والالتفاف عليها من خلال عدم رفضها وعدم القبول بها، واتباع طريقة كسب الوقت من خلال إغراق أي مشروع حل بتفاصيل لا علاقة لها بجوهر الموضوع، خصوصاً أن النظام من المتوقع أن يفعل كل ما بوسعه من أجل عدم البتّ بأي قرار جوهري يتعلق باللجنة الدستورية. ويبدو أنه بدأ بذلك من خلال جرّ المعارضة إلى مناقشة الثوابت الوطنية، والتي من المتوقع أن يذهب من خلالها إلى تعريفات وتأويلات قد يستمر بمناقشتها إلى ما بعد انتهاء ولاية بشار الأسد.