في خطوة يراها مراقبون محليّون في سياق "السنة الانتخابيّة"، عرضت الحكومة الدنماركيّة ظهر الجمعة 19 سبتمبر/أيلول الجاري، حزمة من التشديدات في ما يتعلق بطالبي اللجوء. وتقضي تعديلات الحكومة بـ"عدم منح إقامة ولجوء لمجموعات بعينها، بل حماية مؤقتة يُعاد النظر فيها كل سنة، إلى أن يصبح بالإمكان إعادة تلك المجموعات إلى بلادها".
وفي المؤتمر الصحافي الذي عقدته وزيرة العدل كارين هيكروب ووزير الشؤون الاجتماعيّة والدمج مانو سارين، كان هناك تشديد على أن الدنمارك "تواجه تحديات صعبة بتزايد أعداد طالبي اللجوء القادمين إلى أوروبا وإليها". وبناءً على ذلك عرض الوزيران جملة من التشديدات التي تصعّب من الحصول على اللجوء في البلاد.
وتحدّثت هيكروب عن "التعامل بشكل فردي مع كل حالة" وليس مع المجموعات. أما تبرير ذلك فهو أن "تدفّق السوريّين الكبير يدفعنا إلى اتخاذ هذه الإجراءات الضروريّة. فالوضع يتفاقم بزيادة الصراعات في العالم، وقد توجّه إلينا حتى الآن 7500 طالب لجوء، منذ بداية عام 2014".
وتعتبر الحكومة الدنماركيّة أن "سورية أصبحت تشكّل تحدياً كبيراً". وهذا التحدي "يجعلنا من الآن فصاعداً نعمل على التفريق بين القادمين إلينا بشكل فردي".
وبات على كلّ طالب لجوءٍ تقديم "إثباتات على أنه/أنها ملاحقَان فردياً، خصوصاً هؤلاء الآتين من سورية". ولم يعد يكفي بحسب هذا القرار أن يحضر طالبو اللجوء بسبب الحرب في سورية فحسب.
ويُعتبر من الآن فصاعداً كل لاجئي سورية في الدنمارك، بمثابة "مقيمين مؤقتاً"، ريثما تتحسّن الأوضاع في بلادهم "فتتم حينها إعادتهم إليها".
وقالت هيكروب إن بلادها "تلتزم بمعاهدات الأمم المتحدة في هذا الخصوص. نعم علينا مساعدة الشعب السوري وتحمّل مسؤولياتنا، ونحن نعرف أن الأمر يمكن أن يطول. لكن في الوقت ذاته، نطالب السوريّين أيضاً بالعودة إلى بلادهم من خلال نظام الإقامة المؤقتة".
وهذه هي المرّة الأولى التي تقوم فيها حكومة الاشتراكيّين الديمقراطيّين بتعديل قوانين اللجوء، منذ أصبحت هيلي تورنينغ شميت رئيسةً للوزراء عام 2011. وبحسب مراقبين ومتابعين للشأن الحكومي في كوبنهاجن، فـإن الأمر "بات يتعلق بسنةٍ انتخابيةٍ يخشى فيها اليسار والاشتراكيّون الديمقراطيون من تقدّم اليمين بشعاراته التي يرفعها".
وتأمل حكومة الدنمارك بتشديداتها الجديدة، خصوصاً في قضيتَي إثبات الملاحقة الشخصيّة ونظام الإقامة المؤقتة، أن يقلّ عدد الوافدين من سورية إلى بلادها.
وتلك محاولة لنزع حقّ اللاجئ في الحصول على إقامة خمس سنوات تحت مسمّى "وضع لاجئ" وفق معاهدة الأمم المتحدة في هذا الشأن، وبالتالي يصبح من حق الحكومة أن تُجري تقييماً سنوياً لوضع المقيم "إقامة حماية مؤقتة".
وتتطلب تلك التشديدات أيضاً تفاهماً بين المتقدّمين للجوء ودولة الدنمارك على "العودة إلى بلادهم حين تتحسّن الظروف، حتى لو لم يكن قد تمّ الانتهاء من بناء مؤسسات الدولة والمجتمع"، بحسب ما أوضحت وزيرة العدل.
وقد تم التمهيد لهذه القرارات بحملة إعلاميّة منظمة حول "زيادة تهريب البشر"، وذكر تفاصيل ماليّة تتعلق بثمن التهريب الذي يصل إلى ثمانية آلاف يورو للشخص الواحد عبر تركيا.
وكان هذا الأمر قد طُرح في حلقة حوار مطوّلة الخميس، شاركت فيه شخصيات سياسيّة وكتاب وصحافيون، خرجت باستنتاج ممهّد يقول: "هؤلاء يستغلون حاجات السوريّين للحماية، فيقومون بتهريبهم بمبالغ طائلة، واعدين إياهم بإقامة دائمة".
وقالت البرلمانيّة إنغِر ستويبرغ من حزب "اليسار" المحافظ: "من يستطيع دفع ثمن التهريب ليس الضعفاء، بل هؤلاء الضعفاء هم من يبقون في مناطق محيطة بسورية وفي داخلها، وهؤلاء يمكننا مساعدتهم في مناطقهم بدلاً من استغلالهم".