ويأتي الحكم الذي أصدره القضاة الدنماركي، عصر أمس الخميس، بعد مداولات استمرت لثلاثة أيام في 14 اتهاما، من بينها العنصرية وازدراء وانتهاك خصوصية، وتشهير بإطلاق أوصاف تحط من السود عموما، وشعب جنوب أفريقيا خصوصا.
ويعد الحكم سابقة في تاريخ القضاء الدنماركي الذي يستهدف زعيم حزب سياسي.
وكان بالودان أثار جدلا كبيرا في بلده بعد سلسلة من التظاهرات شبه الفردية ومع بضعة أشخاص أحيانا، تصفها وسائل الإعلام والسياسيين بأنها "استعراضية ومستفزة للمسلمين".
وقد عرف بالودان، الذي ترشح لانتخابات البرلمان الدنماركي العام الماضي، بحرق وتمزيق ورمي القرآن في مناسبات عدة، وفي مناطق تسكنها أقليات مسلمة، ما تسبب في كثير من أحداث عنف واحتجاجات بسبب حماية الشرطة والأمن (الاستخبارات) لبالودان، التي اضطرت في مناسبات مختلفة لإشهار سلاحها لإخراجه سالما من مناطق تظاهراته.
وكان الحادث الأخير شهدته منطقة ضاحية غيلروب قرب مدينة آرهوس وسط غرب البلد، حيث اضطر رجال الاستخبارات باللباس المدني لإطلاق نار على ساق خمسيني من أصل فلسطيني حمل سكينا وهو يصرخ بوجه بالودان.
يذكر أن الخمسيني المصاب يعاني من أمراض نفسية، ورغم ذلك ادعى المدعي العام عليه بتهمة "الشروع في القتل"، ولا يزال معتقلا على ذمة القضية.
والحكم الصادر على بالودان بثلاثة أشهر مع وقف التنفيذ لمدة شهرين، وقضاء محكومية شهر ونصف الشهر في السجن، يأتي بعد أن خرق القانون إثر حكم سابق بالسجن لأسبوعين مع وقف التنفيذ.
يذكر أن بالودان يردد، بشكل عنصري وتمييزي، ما لم يقله حتى أقصى اليمين المتطرف في "حزب الشعب" الدنماركي عن مهاجري البلد أو من ينحدر من أصول إثنية غير دنماركية (نحو 750 ألف إنسان). فالرجل يردد في برامجه السياسية والانتخابية أنه يرغب بسحب جنسية كل هؤلاء و"إقامة معسكرات اعتقال جماعية للمسلمين الدنماركيين لتجريدهم من الجواز الدنماركي ونفيهم خارج البلد".
ولا يستثني من ذلك الدنماركيين الأصليين الذين أسلموا، حيث ينعتهم بأنهم "خونة"، ويطالبهم من ضمن إجراءات يعد الناخبين بها بـ"الرجوع عن إسلامهم إن كانوا يريدون الاحتفاظ بمواطنتهم".
وحوكم بالودان على جملة قالها قبل فترة في شريط فيديو استعراضي على موقع الحزب إنه "لا يمكن التعايش بين الدنماركيين والمسلمين المتخلفين جدا، الذين يشكلون نفايات الثقافة".
ونقلت وكالة الأنباء الدنماركية، صباح اليوم الجمعة، عن رئيسة المحكمة، لينا بيوركلوند، أنها وجدت في تلك العبارات "دليلا مهما (..) على جريمة الإهانة والحط من مجموعة من السكان (المسلمين)". ووجدت المحكمة بالودان مذنبا في كل القضايا الـ14 التي قدمها الادعاء العام بحقه.
وكانت المدعية العامة في القضية، سوزان بلوم، طالبت بسحب رخصة المحاماة من زعيم حزب "سترام كورس" (تشديد الاتجاه) والسجن 4 أشهر. واكتفت المحكمة بتعليق حقه في العمل كمحام لـ3 سنوات، ومنعه من قيادة السيارة لمدة عام.
راسموس بالودان خرج اليوم بتصريحات يتهم فيها المحكمة بأنها أصدرت "حكما سياسيا" بحقه. واعتبر أنه يجري استهدافه بسبب تزعمه لحزبه، "وهذه أحكام تريد أن تجعل من عملي وعمل حزبي أمرا مستحيلا، لهذا، ومن أجل ناخبي الحزب، سأقوم باستئناف الحكم"، بحسب ما ختم بالودان.