ورغم حلول الذكرى الثانية والسبعين لمجزرة دير ياسين التي استشهد خلالها 254 فلسطينياً وفلسطينيّة، في ظل ظروف صحية صعبة عالمياً، وفي ظل انتشار فيروس كورونا والإجراءات الوقائية المواكبة لها، إلا أن جمعيّة "زوخروت – ذاكرات" اليساريّة، والعاملة في الداخل الفلسطينيّ، أصرّت على إحياء الذكرى من خلال طقس رقمي (افتراضيّ).
ودأبت "زوخروت" كل عام على إحياء ذكرى مجزرة دير ياسين من خلال تنظيم جولة في أنحاء القرية المهجرة، التي هدمت دولة إسرائيل معظم منازلها وأقامت عليها حيّاً يهوديّاً اسمه "يفيه نوف"، وامتدّت أحياء أخرى على موقعها مثل "جفعات شاؤول".
هذا العام، في ظل الخشية من عدوى فيروس كورونا، لن يُقام اللقاء فعلياً على أرض القرية مع إجراء الطقس التذكاريّ هناك. لذلك، ستعقد هذه المرّة جولة في الحيّز الافتراضي (الرقمي) من خلال البرنامج الإلكتروني زوم zoom، وذلك خلال ثلاثة لقاءات مختلفة ممتدة على بضعة أيام، بثلاث لغات، هي: الإنكليزية والعبريّة والعربيّة.
وتؤمن زوخروت بضرورة مواصلة عملها في رفع الوعي بشأن النكبة، ومن ضمن ذلك تقليدها السنويّ لإحياء ذكرى مجزرة دير ياسين، "فعلى الرغم من الظروف التي تحول دون إجراء الفعالية على أرض الواقع، ينبغي فتح قنوات جديدة ملائمة للوضع المستجدّ الذي فرض على البشرية كلها، لتمرير المعلومات عن جرائم النكبة، والمناداة بتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني، عدالة تستند إلى الاعتراف بالنكبة وتصحيح المظالم وتطبيق حق العودة للاجئين الفلسطينيين"، وفقاً للجمعية.
وتوضح الجمعية أن النكبة ما زالت مستمرة في هذه الأيام أيضاً. حتى إنّ دولة إسرائيل تستغل الأجواء "الكورونياليّة" لتتمادى في تنفيذ سياستها القمعيّة والعنصرية والكولونيالية تجاه الشعب الفلسطيني. لذلك، أمام هذه السياسة، يجب المواظبة بحزم على إجراء الفعاليات، لكشف الحقائق المنكرة والغبن المسكوت عنه منذ 1948.
وينتظر أن تعرض الجمعية في اللقاء الافتراضي غداً، صوراً ومعلومات عن تاريخ دير ياسين، والهجوم عليها، والتهجير، إلى جانب وصف وضعها الحالي، وسيُعرض جزء من أطلال القرية كالمنازل والمدرسة والمقبرة. سيُذكر أنّ دولة إسرائيل حوّلت مركز قرية دير ياسين، عام 1951، إلى مستشفى للأمراض النفسية اسمه "كفار شاؤول" مستعملة البيوت الفلسطينية التي ما زالت قائمة هناك.
وفي تعقيب لـ"العربي الجديد"، قال عمر الغباري، مُركّز الجولات الميدانيّة في جمعيّة ذاكرات إن سقوط دير ياسين كان مدوياً، وجعلها حدثاً مفصلياً في تاريخ النكبة الفلسطينية، إذ حصدت هذه المجزرة المئات من أهالي القرية، بالإضافة إلى إعدام الأسرى وسرقة ممتلكات جميع أهالي القرية وإهانة بعضهم، حيث جُمعوا في حافلات العصابات الصهيونية، وطيفَ بهم في شوارع القدس الغربية أمام ترحيب سكّان الأحياء اليهوديّة وتصفيقهم.
وتابع: "بالرغم من الوضع الحالي، ستقيم "ذاكرات-زوخروت" طقساً رقمياً يوم غد الجمعة، وذلك لتوعية أكثر عدد ممكن من الأجانب القاطنين في البلاد، على أمل إيصال رسالة الشعب الفلسطيني بمطالبته بالعدل والاعتراف بنكبته كجزء مفصلي من تاريخه الحديث وبحق العودة إلى أراضيه التي هُجّر منها عام 1948 وما بعد".
يذكر أن قرية دير ياسين كانت تقع على تل يبلغ ارتفاعه نحو ثمانمائة متر، وتبعد نحو كيلومتر واحد عن النواحي الغربية للقدس المحتلة.
بدأ الاستيطان اليهودي في قرية دير ياسين عام 1906، وعملت قوات الإمبراطورية العثمانية على تحصين مرتفعات دير ياسين ضمن منظومة الدفاع عن القدس، لكن اقتحمتها قوات الجنرال اللنبي عام 1917، ما جعل القدس المحتلة تسقط في أيدي الحلفاء.
عاش اليهود بأمن وأمان داخل القرية، غير أن العلاقات بينهم وبين الفلسطينيين تدهورت إبان ثورة 1936-1939، قبل أن ترجع إلى سالف عهدها، وتستمر كذلك إلى حدود نكبة 1948.