وقال بن صالح، في خطاب متلفز هو الأول له بعد قرار إلغاء انتخابات الرئاسة في يوليو/ تموز المقبل، إنه سيستمر في مهمته حتى تنظيم انتخابات رئاسية بعد إلغاء انتخابات الرابع من يوليو/ تموز المقبل، مؤكداً أن "الدستور يقرّ بأن المهمة الأساسية لمن يتولى وظيفة رئيس الدولة هي تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية، فإنه يتعين عليه تهيئة الظروف الملائمة لتنظيمها وإحاطتها بالشفافية والحياد المطلوبين، من أجل الحفاظ على المؤسسات الدستورية التي تمكن من تحقيق تطلعات الشعب السيد".
وأضاف الرئيس المؤقت أن "هذه الوضعية تلزمني على الاستمرار في تحمل مسؤولية رئيس الدولة إلى غاية انتخاب رئيس الجمهورية. وإنني لعلى يقين مستقر بعظم هذه المسؤولية"، مشيراً إلى أن المجلس الدستوري أقرّ أيضاً بأنه "يعود لرئيس الدولة استدعاء الهيئة الناخبة من جديد، واستكمال المسار الانتخابي إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية وأدائه اليمين الدستورية".
وتأتي تصريحات بن صالح الجديدة عشية الجمعة الـ16 من الحراك الشعبي الذي يطالب بتنحيه من منصبه وباستقالة حكومة نور الدين بدوي، ويرفض إجراء أي حوار معهما، بسبب صلتهما بنظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وأكد بن صالح أن "المجلس الدستوري أعلن عن عدم توفر الشروط المطلوبة في ملفي الترشح المودعين لديه في إطار الانتخابات الرئاسية للرابع من شهر يوليو/ تموز المقبل. وقد صرح على ضوء ذلك باستحالة تنظيم انتخاب رئيس الجمهورية في الموعد المذكور، وبضرورة إعادة تنظيمها من جديد".
وكان المجلس الدستوري قد أقر، في الفاتح من يونيو/ حزيران الماضي، إلغاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في الرابع يوليو/ تموز المقبل، بسبب عدم توفر أي مترشح على الشروط الواجبة، وكلف الرئيس المؤقت بالدعوة إلى انتخابات رئاسية جديدة وتوفير الظروف اللازمة لها.
وقرر المجلس الدستوري تمديد عهدة بن صالح، المقرر أن تنتهي في التاسع من يوليو/ تموز المقبل، إلى حين تسليمه العهدة الرئاسية لرئيس منتخب متى جرت الانتخابات الرئاسية.
وبحسب بن صالح، فان خيار الذهاب إلى انتخابات رئاسية "هي الطريق الأسلم"، ما يعني رفضه مقترح الحراك والمعارضة لبدء مرحلة انتقالية واختيار رئيس انتقالي توافقي، وقال "يبقى يقيني راسخاً من أن رئيس الجمهورية المنتخب ديمقراطياً هو وحده الذي يتمتع بالثقة والشرعية اللازمتين لإطلاق هذه الإصلاحات والمساهمة في رفع التحديات التي تواجه أمتنا، من هنا أستمد قناعتي بأن الذهاب إلى تنظيم انتخابات رئاسية في آجال مقبولة، دونما إضاعة للوقت، هو السبيل الأنجع والأوحد سياسياً والأكثر عقلانية ديمقراطياً".
وتجنب بن صالح هذه المرة التسرع، وتلافى استدعاء الهيئة الناخبة لانتخابات الرئاسة قبل استكمال الشروط الضرورية لإجراء الانتخابات، خاصة ما يتعلق بإنشاء الهيئة العليا للانتخابات.
وكان الرئيس المؤقت قد دعا، في التاسع من إبريل/ نيسان الماضي، إلى انتخابات تجري في الرابع من يوليو/ تموز المقبل، دون توفر الشروط، ما أدى إلى رفضها من الحراك والمعارضة.
وطالب بن صالح "كل الأطراف المعنية بالموضوع للمشاركة في هذا المسار التوافقي، وتغليب الحكمة ومصلحة الشعب، سواءً في نقاشاتهم أو في مطالبهم، و"أدعوهم أيضاً إلى اغتنام هذه الفرصة الجديدة للمشاركة بقوة في التشاور الذي ندعو إليه اليوم أكثر من أي وقت مضى".
ودعا بن صالح الطبقة السياسية والمجتمع المدني والشخصيات الوطنية إلى "الحوار الشامل، وصولاً إلى المشاركة في رسم معالم طريق المسار التوافقي، الذي ستعكف الدولة على تنظيمه في أقرب الآجال"، مجدداً دعوته "لمناقشة كل الانشغالات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية القادمة، والتوصل من ثم إلى وضع معالم خارطة طريق مهمتها المساعدة على تنظيم الاقتراع الرئاسي المقبل في جو من التوافق والسكينة والانسجام".
ويصر رموز الحراك الشعبي وقوى المعارضة على رفض الحوار مع بن صالح، وقاطعوا ندوة مشاورات سياسية عقدها في 23 إبريل/ نيسان الماضي، لمناقشة ترتيبات تشكيل هيئة انتخابات.
وتعهد بتوفير كافة الشروط اللازمة لإجراء انتخابات رئاسية نزيهة، وقال "لقد دعوت بكل صدق في خطابات سابقة إلى الحوار والتشاور، ولقد تعهدت أمامكم أن أضمن للاقتراع الرئاسي كل الظروف الملائمة لإجراء انتخابات نزيهة حرة وشفافة، كما يطلبها شعبنا"، مضيفاً أن الوضع الاستثنائي الراهن في الجزائر "يحتم علينا كلنا أن نستلهم بذكائنا الجماعي لترجيح الحكمة التي من شأنها أن تساعدنا على تخطي العقبات التي تسببت في الوضع الحالي، وأن نبني معاً المرحلة القادمة، مستحضرين الظروف اللازم توفيرها، وكذا الميكانزمات الواجب وضعُها لنضمن للانتخابات الرئاسية كل أسباب النجاح".
مشاورات لتعيين رئيس لهيئة الانتخابات
وفي السياق نفسه، أعلنت الرئاسة الجزائرية أن بن صالح تعهد باستحداث سلطة وطنية تترأسها شخصية وطنية لها كامل صلاحيات تنظيم الرئاسيات المقبلة.
وحسب بيان لرئاسة الجمهورية، فإن هذا التكليف جاء من أجل التحضير لمشروع قانون يتضمن ضمانات كاملة وجدية للمترشحين.
ويعني ذلك أن وزارة الداخلية ستفقد كل صلاحياتها في تنظيم الانتخابات.
وأضاف بيان الرئاسة أن السلطة الوطنية تضم شخصيات من المجتمع المدني، وتستبعد إطارات الدولة، وستتولى حصرياً مراجعة البطاقات الوطنية للناخبين.
وسيكون لهيئة تنظيم الانتخابات تمثيل في كل بلديات الجزائر، وأشار البيان إلى أن السلطة الوطنية تضم على المستوى المحلي قاضياً، ومنتخباً بلدياً ومواطنين، ولن تضم في صفوفها أي إطار يعمل في الدولة. ولها صلاحيات كاملة، وهي من ستعلن نتائج الانتخابات، وإعطاء ضمانات الرئاسيات المقبلة ستكون محل تشاور مع كل الأطراف.
وأكد بيان الرئاسة أن "الدولة ستقدم ضمانات تاريخية لانتخابات رئاسية نزيهة، وستستكمل توفير الضمانات قبل استدعاء الهيئة الناخبة".