أعطى تعهد جديد للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بالنظر في معالجة ملف مساجين التسعينيات، أملا لعائلات 160 من المساجين السياسيين من مناضلي وكوادر "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، الذين يقبعون في السجون منذ ربع قرن، بإمكانية إطلاقهم.
وعبرت تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين عن التطلع إلى تنفيذ الرئيس تبون لتعهده بإنهاء قضية هؤلاء المساجين، كخطوة نحو معالجة ملفات عالقة من الأزمة الأمنية.
وقال مصطفى غزال، المتحدث باسم التنسيقية، لـ"العربي الجديد"، إن "العائلات توصلت إلى الأمل من جديد في إمكانية معانقة أبنائها بعد تصريحات الرئيس تبون"، لافتا إلى أنه "يأمل أن يكون الاحتفال بعيد الثورة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل، والذي قد يعقب الاستفتاء على تعديل دستور الجزائر الجديدة، فرصة مناسبة لطي هذه الصفحة المؤلمة".
وذكر مصطفى أن "التنسيقية تحصي ما يقارب 160 سجينا سياسيا كانوا ضحايا للتعسف الأمني والقضائي بين 1991 و1997.
عبرت تنسيقية عائلات المعتقلين السياسيين عن التطلع إلى تنفيذ الرئيس تبون لتعهده بإنهاء قضية هؤلاء المساجين، كخطوة نحو معالجة ملفات عالقة من الأزمة الأمنية
وكان مصطفى غزال يعلق على ما نقله رئيس حركة "البناء الوطني" عبد القادر بن قرينة، الذي التقى الرئيس تبون الثلاثاء الماضي رفقة وفد من كتلة "قوى الإصلاح"، حيث أشار إلى أن الرئيس الجزائري "تعهد بمعالجة ملف مساجين المأساة الوطنية بما يحقق ترقية المصالحة الوطنية ويطيب الخواطر ويجبر الكسر".
وحكم على أغلب المساجين في هذه القضية بأحكام بالإعدام والسجن المؤبد من قبل محاكم خاصة أنشئت في ظل حالة الطوارئ التي أقرها الجيش بعد توقيف المسار الانتخابي في يناير/ كانون الثاني 1992، خصيصا لمحاكمة كوادر "جبهة الإنقاذ" التي حلت في مارس/ آذار 1992، عقب تدخل الجيش لوقف المسار الانتخابي.
ووجهت إلى المعتقلين تهم تتصل بالإرهاب وتهديد الأمن الجمهوري، وكذا تهمة التمرد على الأوامر العسكرية بالنسبة لبعض العسكريين المتعاطفين مع "جبهة الإنقاذ".
وتصف المؤسسات الحقوقية هذه المحاكم بـ"غير دستورية"، لأن الدستور الجزائري لا ينص على هذا النوع من المحاكم، ولكون ظروف المحاكمات في تلك الأوضاع المتوترة لم تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة.
ورغم أن هؤلاء المساجين ليسوا من الفئات الثلاث التي يستثنيها قانون المصالحة الوطنية الصادر في عام 2005 من الاستفادة من تدابير العفو وإلغاء الأحكام والملاحقات القضائية (المتورطون في جرائم تفجيرات في أماكن عمومية واغتصاب وارتكاب مجازر خلال الأزمة الأمنية)، فإنهم لم يستفيدوا من تدابير العفو، ولم يطلق سراحهم، على غرار 2200 سجين وناشط سابق في الجماعات المسلحة كانوا في السجون.
وفي وقت سابق، دعت هيئات حقوقية وناشطون إلى إطلاق حملة محلية ودولية للضغط على السلطات الجزائرية لإطلاق سراح هؤلاء المعتقلين.
وذكر محمد بن يمينة، نجل المعتقل عبد القادر بن يمينة، في تجمع سابق عقدته تنسيقية عائلات المعتقلين، أن عددا من المساجين السياسيين يعانون من عدة أمراض داخل السجون، وبفعل طول مدة السجن، دون بروز أي رغبة من الحكومة لإطلاق سراحهم.
ويعمق هذا الأمل الجديد للعائلات في إمكانية إنهاء قضية المساجين وجود عضو القيادة التاريخية لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" علي جدي ضمن الوفد الذي التقى الرئيس تبون، وهذه أول مرة يدخل فيها بشكل علني قيادي من الصف الأول في الحزب المحظور مقر الرئاسة، ويلتقي الرئيس، وذلك منذ اللقاء بين الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد ورئيس الجبهة عباسي مدني قبيل الانتخابات البلدية في يونيو/ حزيران 1990.