يحدث أن يخطئ مسؤول في ذكر اسم مستضيفه خلال مؤتمر صحافي مشترك. يحدث ذلك، ويثير عند وقوعه حرجاً ظرفياً يسهُل تجاوزه بتعمّد تكرار الاسم بشكل صحيح خلال وقائع المؤتمر. لكن أن يخطئ في الأبجديات والثوابت السياسية لبلاده، والتي يكررها عن ظهر قلب أصغر طفل، هذا أمر في غاية الحرج، ويرتقي ليشكل إهانة للمشاعر الوطنية. يقف أي أردني عاجزاً عن تقديم وصف دبلوماسي للمؤتمر الصحافي الذي جمع رئيس وزراء مملكتهم، هاني الملقي، مع نظيره التركي، بن على يلدريم، الثلاثاء الماضي، خلال الزيارة الخاطفة التي قام بها الملقي إلى تركيا. حتى المتزلّفون لن يجدوا وسيلة للدفاع عن الرئيس سوى بالامتناع عن الخوض في الأمر، والادعاء بعدم المتابعة.
مُخجل ما حدث خلال المؤتمر، و"مخجل" هذه أيضاً عبارة دبلوماسية، لا تعبر- بطبيعة الحال- عن حجم الفظاعة التي ارتكبها الملقي، والتي ستحجز، بالضرورة، بعدما وثّقها فيديو انتشر بكثافة على وسائل الإعلام وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، موقعاً منافساً في قائمة إخفاقات السياسيين على مستوى العالم، ليدخل بذلك رئيس الوزراء الأردني فضاء العالمية، لكن للأسف من بوابة التلعثم والارتباك. أخطأ الملقي، بادئ الأمر، في ذكر اسم مستضيفه التركي بن علي يلدريم، وناداه باسم علي بن يلدريم. ولنا هنا أن ندافع عن رجلنا ونرمي الكرة في ملعب الأتراك ونلومهم على إطلاق أسماء صعبة على أبنائهم. وقد نستعين بالتحليل النفسي فنذهب إلى أن الخطأ مردّه ضيق الملقي من مستضيفه، ومؤشر إلى عدم ارتياح، وقد يكون كذلك. لكن، لا شيء يبرر خطأ الملقي بذكر الأساس المرجعي الذي تتبناه بلاده أساساً لحل القضية الفلسطينية والقائم على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
نسي الرئيس ما لا ينساه أصغر أردني، بعيداً عن مواقفهم السياسية من الأساس المرجعي، واستغرق وقتاً لتذكره، وأغمض عينيه في محاولة للتركيز، وأغمض الأردنيون عيونهم خجلاً من رئيس وزرائهم، الذي لم يتذكر حدود الرابع من حزيران، ليكتفي بذكر العام 1967. ليتهم يقولون لنا: كان مريضاً ومتعباً، أي شيء يمسح خجلنا؟