فهذه الزهور المعروفة بـاسم "شقائق النعمان"، والمرتبط نموها بقدوم فصل الربيع، الذي يبدأ فلكياً عند الاعتدال الربيعي (21 مارس/آذار)، أثارت استغراب سليم (45 عاماً).
وأوضح سليم أنّه شعر بارتياح لرؤية الزهور البرية، التي تبعث رؤيتها على الراحة النفسية، إلا أن انتشارها في فصل الشتاء، وتحديداً في يناير/كانون الثاني، وقدوم فصل الربيع مبكراً لهذا العام قبل أوانه، أصابه بـ"الحيرة".
وتابع "جميل أن ترى فصل الربيع في الشتاء، والأزهار البرية منتشرة في كل مكان، لكنه في ذات الوقت أمر مثير".
ويشعر الحاج الخمسيني فايز أيوب بالفرح، وهو يلمح مساحات الأرض شرق مدينة غزة، المغطاة باللون الأخضر، والزهور البرية.
ويُضيف "الكثير من النباتات البريّة، والزهور، ظهرت مبكراً هذا العام، إنّه مشهد يبعث على السرور".
ويبدو المشهد، في الضفة الغربية، أكثر وضوحاً، إذ تنتشر الزهور البرية بكثافة في المناطق الريفية، وبين الجبال.
غير أنّ نمو أزهار الربيع المبكر، وتفتح الأزهار البرية في غير موعدها، لا يبدو مفرحاً بالنسبة لعماد الأطرش، الرئيس التنفيذي لجمعية الحياة البرية الفلسطينية.
ويُضيف الأطرش أنّه من الغريب القول إنّ المشهد الجميل، والرائع الذي تشكلّه الزهور البرية، في الشتاء، أمر يبعث على القلق.
ويعرب عن أسفه لهذا الظهور المبكر، مشيراً إلى ارتباطه "بظاهرة التغير المناخي، وحسب دراسات معمقة لجمعية الحياة البرية، فإنّ هذا النمو السريع في الأزهار البرية، وظهورها في غير محلها، ناتج عن تغيرات في المناخ، وارتفاع درجات الحرارة".
ويرى الأطرش، أن ذوبان الجليد، في الكثير من مناطق العالم، وارتفاع درجات الحرارة، أدى إلى تغير المناخ، واضطراب سقوط الأمطار. وقال: "المناخ يتغير، والربيع يأتي هذا العام مبكراً، وفي الأعوام المقبلة، قد لا نشهد أي ربيع، مع ارتفاع الحرارة، ما قد يتسبب بخلل في الحياة البرية، وحياة الطيور وهجرتها، الأمر ليس عادياً، بل إنه مربك، فالكثير من النباتات ظهرت في غير موعدها".
وأضاف الأطرش "منطقة الشرق الأوسط، تشهد حالات مناخية يمكن وصفها بالمتطرفة، من انحباس مطري، إلى ارتفاع حاد في درجات الحرارة، وذوبان لأنهار الجليد، وهذه العوامل كلها تؤدي إلى تغير في الغطاء النباتي".
وأكد الأطرش، أن ثمة خطراً على الحياة البرية، وأنواع الزهور المختلفة في الأراضي الفلسطينية، مع تغير المناخ عاماً بعد آخر.
ويشير كتاب صدر حديثاً حول التنوع الحيوي عن جمعية الحياة البرية: "نباتات فلسطين العضوية الطبيعية تتمثل بـ128 عائلة نباتية، بينها 14 من السرخسيات و124 من النباتات الزهرية". ومن أهم هذه الزهور البرية، شقائق النعمان وما تعرف بـ"الدحنون" والنرجس البري، والأقحوان، إضافة إلى نبتة تُسمى بـ"عصا الراعي"، والسوسن.
وتنتشر بعض النباتات التي يستخدمها الفلسطينيون كوجبات غذائية، من بينها الخبيزة، وهي نبتة صغيـرة برية خضراء، إضافة إلى نبتة الرجلة أي البقلة، والحمصيص وهي نبتة تشبه الملوخية.