إذاً، يضع نصرالله خط نهاية مفترضا للفراغ الذي أعلنه قاسم بوضوح عندما ربط انتخاب الرئيس بالقبول بعون، وهو الذي يعرف أن "الفريق الآخر" ليس في وارده. على الأقل، هكذا رأت أوساط في قوى 14 آذار معنية بالحراك الدبلوماسي المستجد لانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانيّة، وإعادة الحياة لقصر الرئاسة الفارغ منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان في 25 مايو/أيار 2014. وتُضيف هذه الأوساط أن عون فهم رسالة نصرالله بطريقة واضحة، ما دفعه للرد خلال مقابلته التلفزيونيّة عبر قناة "المنار" التابعة لحزب الله ليل أول من أمس أيضاً، أي بعد ساعات قليلة من خطاب نصرالله، بالحديث عن أن علاقته برئيس "القوات اللبنانيّة" سمير جعجع "سليمة".
اقرأ أيضاً: ظريف في بيروت... حجر في مياه انتخابات الرئاسة اللبنانية
لا تنفي أوساط قريبة من حزب الله أن خطاب نصرالله حمل تطوراً جديداً، لكنها تسعى إلى التقليل من أهميته بالتأكيد أن لا خلاف بين الحزب وعون، وأن ما قاله نصرالله هو جوهر موقف حزب الله، وهو أن عون يُعتبر ناخباً أساسياً، ولا ينبغي تجاوزه بأي شكلٍ من الأشكال. تُدرك هذه الأوساط بأن هناك مساعي جديدة في ملف الرئاسة، وأن زيارة وزير الخارجيّة الإيرانيّ محمد جواد ظريف إلى لبنان أتت في هذا السياق، لكن هذه الأوساط تنقل عن معنيين بملف الرئاسة في حزب الله أن لا تطور جدياً بعد، "لكن الأجواء الإيجابية المنتشرة غير مضرّة أبداً، لا بل فإنها ستترك أثراً طيباً على البلد"، بحسب ما ينقل هؤلاء.
في المقابل، تقول الأوساط المتفائلة في ملف انتخابات الرئاسة، إن موقف نصرالله يُعزّز وجهة نظرها والمعطيات التي في حوزتها، بأن هناك سعياً وحراكاً جدياً في هذا المجال. واللافت أن المتفائلين لا يقتصرون على فريق سياسي واحد في لبنان، بل إنهم من الطرفين، 8 و14 آذار. ويقول أحد السياسيين اللبنانيين إن عون محق بكلّ مطالبه، لكنه غير قادر على الوصول إلى كرسي الرئاسة، "ولذلك عليه أن يقبل بإزالة سيارته التي ركنها على تقاطع طرق، والقبول بدور شرطي السير الذي تمرّ السيارات عبره". بمعنى آخر، يرى هذا السياسي، أن قبول عون بانتخاب رئيس توافقي يُعطيه حق "الفيتو" على الأسماء المرشحة. لكن جهات في فريق 14 آذار تُشير، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أن هذا كان ممكناً في حال وافق عون على الرئيس التوافقي منذ مدة، أما اليوم فهو يملك إمكانية الاعتراض على بعض الأسماء وليس وضع "فيتو" على من لا يُريده.
بغض النظر عن شكل الدور المفترض بعون أن يؤديه، يبدو أن هناك شبه اقتناع في البلد بأن الرئيس المقبل يجب أن يكون توافقياً، وقد قبِل عون بهذه المعادلة بعدما اشترط أن يكون الرؤساء الثلاثة توافقيين، وهذا ما يعني أنه بدأ بعمليّة تحقيق أكبر قدر من المكاسب جراء قبوله بالرئيس التوافقي. بعبارة أخرى: لقد افتتح بازار الرئاسة على البيع والشراء.
اقرأ أيضاً: ميشال عون يستنفر أنصاره في شوارع بيروت